خاص العهد
واشنطن تبعث إلى سوريا رسائل عبر تحريك "داعش" و"النصرة"
محمد عيد
أعطى العدوان الإسرائيلي على غزّة، وما تبعه من اعتداءات أميركـية وإسرائيلية على دول وحركات محور المقاومة، فرصة ذهبية للمجموعات الإرهابية في سورية للتحرك نحو استهداف الجيش السوري والمدنيين بغطاء واضح من قوات الاحتلال الأميركـي. نشط تنظيم "داعش" الإرهابي في منطقة مثلث الرقة - دير الزور- حمص مستهدفًا الجيش السوري والمدنيين هناك في عمليات أكثر وزنًا من السابق أدت إلى ارتقاء شهداء، كما تحركت "هيئة تحرير الشام" الإرهابية في الشمال والشمال الغربي ضدّ وحدات الجيش السوري.
لم يقتصر الأمر على تحريك واشنطن لأدواتها الإرهابية في سورية؛ بل تعداه إلى الإيعاز لحلفائها الإقليميين من أجل الضغط على دمشق، فاستفاق الجيش الأردني فجأة وبعد انقطاع طويل على فكرة وجود تهريب في المناطق الحدودية مع سورية لينشط على نحو يخدم الغرض الأميركـي في الضغط على دمشق وابتزازها من أجل التوقف عن دعم المقاومبن الداعمين لغزّة وتسهيل نشاطهم.
هي إذًا تحركات بالجملة ليست بعيدة عن خدمة المجهود الحربي الإسرائيلي من خلال إشغال حلفاء المقاومة في غزّة داخليًا بما يعيق عملية إسنادهم وتقديم الدعم لهم.
"داعش" و"النصرة" بنادق واشنطن
أعلنت وزارة الدفاع السورية، في بيان لها، استشهاد ثمانية عسكريين سوريين ومدني وإصابة ثلاثة عشر آخرين، بينهم مدنيان، جراء اعتداء إرهابي بعبوة ناسفة على حافلة عسكرية في البادية السورية جنوب تدمر في ريف حمص الشرقي.
ويعدّ الاعتداء الثاني من نوعه للتنظيم التكفيري ضدّ قوات الجيش السوري، خلال الشهر الحالي، حيث اُستشهد تسعة عناصر من قوات الجيش السوري واثنان من القوات الرديفة إثر هجوم مباغت شنه "داعش" على مواقع للجيش السوري شرق البلاد. كما شهد الشهر الأخير من العام الماضي عدوانا كبيرًا لـ"داعش" على مواقع الجيش السوري في مثلث الرقة - دير الزور - حمص أدى إلى ارتقاء أعداد كبيرة من الشهداء العسكريين ومعهم مدنيون.
في هذا الإطار، يرى المحلل السياسي وابن مدينة دير الزور عبد المنعم خليل أن تنظيم "داعش" الإرهابي ولد بالأساس من رحم الإدارة الأميركـية وهو أمر غير خافٍ على أحد وهو تكميل لعملية الاستثمار السياسي في الإرهاب من قوى خارجية وخصوصًا الولايات المتحدة الأميركـية من أجل خدمة أهداف استراتيجية في المنطقة، مشيرًا إلى أنه ما دام هنالك مصالح لواشنطن في المنطقة فهي ستبقي على أدواتها من أجل الاستثمار فيها متى شاءت.
وفي حديث خاص لموقع "العهد" الإخباري، أشار خليل إلى أن مصالح واشنطن في الجزيرة تتمثل يقطع الطريق على مشروع "الحزام والطريق" الذي يهدف لوصول الصين إلى البحر الأبيض المتوسط عبر سورية.
أما الهدف الثاني وهو الأهم فيتمثل في أن أميركـا تعمل على قطع هذا الطريق حتّى لا تصل قوى المقاومة إلى الكيان الصهيوني المحتل لفلسطين؛ لأنه خط أحمر بالنسبة إلى واشنطن وتعمل على حمايته بشتى الوسائل.
وأضاف المحلل السياسي إن تنظيم "داعش" كان -وما يزال - الابن البار لأميركـا لجهة ما يحققه لها من أهداف للعودة إلى العراق، كما أنه أعطى فرصة ذهبية لأميركـا للدخول إلى الأراضي السورية والسيطرة على الجزيرة السورية شرقي سورية.
ولفت خليل إلى كذب مصطلح "الخلايا النائمة" الذي لم يعد بنطلي على أحد كونها مجموعات محمولة برًا وجوًا إلى المناطق التي تريد استهدافها، مشيرًا إلى أن أهم قاعدتين لتواجد "داعش" هما "التنف والشدادي" وثالثة في "الباغوز" في أقصى شرق سورية على الحدود العراقية، ورابعة في الدشيشة شمالي دير الزور في إحدى معسكرات ميليشيا قسد الانفصالية.
وشدّد خليل على أن المتابع للمشهد يجد أن ما يجري في غزّة من عدوان أميركي صهيوني له علاقة بما يجري في البادية السورية من اعتداءات لعناصر هذا التنظيم الإرهابي على نقاط للجيش السوري؛ حيث يُجلبون إما بـ "الأباتشي" أو "الهمر" الأميركـية لتنفيذ عملياتهم وإعادتهم من جديد لمعسكراتهم، مشيرًا إلى أن التأكيد على فكرة أنهم "عناصر محمولة" سببها الرئيس أن الجيش السوري والقوات الرديفة قاموا بتمشيط البادية عشرات المرات، ولم يجدوا أثرًا للتنظيم فيها الأمر الذي يؤكد أن هؤلاء الإرهابيين محمولون بوسائل نقل عسكرية أميركـية جوية وبرية.
وختم المحلل السياسي حديثه لموقعنا بالتأكيد أن ما يجري في المناطق الشرقية من سورية ينسحب كذلك على الشمال والشمال الغربي؛ حيث حرّكت واشنطن أداتها المتمثلة بجبهة النصرة الإرهابية من أجل الاعتداء على مواقع الجيش السوري، وتكرّر الأمر بشكل مكثف بالتزامن مع العدوان الأميركي الصهيوني على غزّة كنوع من العقاب والتحذير لدمشق من مغبة ازدياد عمليات إطلاق الصواريخ على الجولان السوري المحتل أو دعم قادة المقاومة المرتبطين بالعمل المسلح في غزّة ممن توفر لهم دمشق الرعاية والحماية بالرغم من كلّ الضغوط الهائلة والمساومات التي تتعرض لها.
الأردن والضغوط الأميركـية
من جانبه، يؤكد المحلل السياسي السوري محمد خالد القداح أن تحربك المجموعات الإرهابية ضدّ دمشق أميركـًيا تزامن مع قيام الجيش الأردني بنشاط مفاجئ على الحدود مع سورية، ومن دون مقدمات، بدعوى مكافحة التهريب.
وفي حديث خاص لموقعنا، أشار قداح إلى أن هذه الخطوة تفسر بأنها ترجمة لضغوط أميركـية على عمان خدمةً لمشروع تحذير السوريين من مغبة إسناد المقاومة في غزّة أو إفساح المجال لبقية حركات المقاومة في لبنان والعراق من أجل دعمهم؛ حيث يبدو هذا الدعم برضى ومباركة سورية.
وأشار المحلل السياسي إلى أن قصّة مهاجمة الجيش الأردني عندما قال إنهم مهربو مخدرات على الجانب السوري "هزيلة"؛ لأن ما يسمّى "جيش سورية الحرة" في قاعدة التنف الأميركـية غير الشرعية هو المسؤول عن عمليات تهريب المخدرات إلى الأراضي الأردنية.
وختم قداح حديثه لموقعنا بالتأكيد على أن أميركـا تصعّد ضدّ القيادة السورية وتتوعدها بتحريك كلّ الإرهابيين ضدها إذا ما حاولت توسيع نطاق دعمها لغزّة، وأن ما يجري في شرق البلاد وغربها وجنوبها رسائل نارية أميركـية صهيونية إلى دمشق بأنّ القادم سيكون أعظم إذا ما تألم الكيان الصهيوني أكثر.