خاص العهد
عندما يُصبح المصرف المركزي خارج التغطية
فاطمة سلامة
لم يكن ينقص الوضع الاقتصادي في لبنان سوى أن يُصبح المصرف المركزي خارج التغطية. الإضراب المفتوح الذي بدأته نقابة موظفي مصرف لبنان يوم السبت الماضي، يأتي كمن يُوجّه الضربة "الأخيرة" للاقتصاد اللبناني الذي يكفيه ما فيه من أزمات. وبغضّ النظر عن الأسباب الموجبة لهذا الإضراب والحديث عن تضمين الموازنة ما يمس بالحقوق والمكتسبات، فإنّ لهذا الإضراب تداعياته انطلاقاً من المهام التي تؤديها المصارف. فما تداعيات توقف مصرف لبنان عن العمل؟.
الخبير الاقتصادي غازي وزني يُشدّد في حديث لموقع "العهد" الإخباري على أنّ الإضراب الذي يخوضه المصرف المركزي يؤثّر على النشاط الاقتصادي بأكمله، ويترك تداعياته على العمليات التي تتم بين المصارف بواسطة مصرف لبنان من خلال "غرفة المقاصة". كما يؤثّر على مسألة توافر السيولة بالليرة اللبنانية بعد تعذر الحصول عليها من قبل المصرف المركزي، بالإضافة الى التداعيات التي يتركها على سوق القطع والتحويلات من عملة لأخرى.
وفي الوقت الذي أعلن فيه مصرف لبنان الاستمرار في الإضراب، مع فتح عمليات القطع في سوق النقد والتحويلات الخارجية للقطاعين العام والخاص، وتسعير رسمي لليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي والعملات الأجنبية الأخرى، يؤكّد وزني أنّ هذه الخطوة تُخفّف 70 بالمئة من التداعيات، لكنها لا تلغيها كلياً.
ويؤكّد وزني أنّ على المصارف واجب المساهمة في الحل خصوصاً في ظل الأزمة المالية والاقتصادية التي يمر بها لبنان. وفق حساباته، أمام المصارف عدة خيارات منها:
ـ المساهمة في خفض خدمة الدين العام البالغة 32 بالمئة من الموازنة العامة، على غرار ما حصل عقب مؤتمر "باريس 2". باستطاعة المصارف أن تكتتب في سندات خزينة بفائدة صفر بالمئة على مدى 3 سنوات ما يُخفّض خدمة الدين العام بقيمة 650 مليار ليرة سنوياً.
ـ رفع الضريبة على الفوائد من 7% إلى 10%.
ـ خفض الرواتب الخيالية في مصرف لبنان وإلغاء بعض الامتيازات كقضية الـ16 راتباً في السنة.
يخشى وزني أن يتضامن القطاع المصرفي الخاص مع المصرف المركزي ما يشل البنية الاقتصادية بأكملها.
مقلّد: الإضراب يشل عمل القطاع المصرفي
الخبير الاقتصادي حسن مقلّد يعتبر في حديث لموقع "العهد" الإخباري أنّ إضراب موظفي البنك المركزي يشل عمل القطاع المصرفي بالكامل. فإضراب مصرف لبنان رأس الهرم يؤثّر تلقائياً في عمل المصارف الأخرى التي لن تتمكن من تأمين السيولة التي تحتاجها انطلاقاً من ودائعها الموجودة في البنك المركزي. ويلفت مقلّد الى أنّ اضراب الموظفين يُعرقل أيضاً عملية "التحويلات" من لبنان الى الخارج. بالنسبة اليه، لا إمكانية لتحمل هذا النوع من الاضرابات.
ويُثمّن مقلّد خطوة فتح عمليات النقد والتسعير والتحويلات رغم الاضراب انطلاقاً من أن هذه الخطوة تُخفّف من تبعات الاضراب، لكنّه يسأل: هل هي دائمة أم مؤقّتة ريثما يتم التفاوض؟. وفي هذا السياق، يعتبر مقلّد أنّ أحداً لا يستطيع المس بحقوق ومكتسبات موظفي مصرف لبنان، انطلاقاً من أنّ هذا المصرف أنشئ تبعاً لقانون عام 1964، وتعديل الرواتب والحقوق يحتاج الى تعديل لقانون النقد والتسليف.
بموازاة ذلك، يؤكّد مقلّد أنّ المصارف مدعوة اليوم لتقديم اقتراحات للمساهمة في الحل، بشكل يعمل على تخفيض الدين العام ولا يُكبّدها خسائر لا تقوى على تحملها. من وجهة نظره، تمتلك المصارف عدة خيارات تستطيع من خلالها أن تقدم الغاية المطلوبة للدولة مع الحفاظ على آلية عملها، وإلا فإنّ الدولة مضطرة لاتخاذ القرار المناسب.