خاص العهد
الجماعة الإسلامية لـ"العهد": هذا أوان القتال
لطيفة الحسيني
يجمع الدفاع عن الوطن اللبنانيين اليوم بتيّاراتهم كافّة. وحدةٌ حقيقية تتجسّد لصدّ الاعتداءات الاسرائيلية المتواصلة على القرى والأراضي اللبنانية عند الحدود الجنوبية. جنبًا الى جنب المُقاومين، يقف مقاتلو الجماعة الإسلامية لمنع أيّ انتهاك للعدو وردعه مهما كلّف الثمن. قدرةٌ تبرز على خريطة الفصائل التي أخذت على عاتقها تنفيذ شعار حماية البلد وكسر مخططات الصهاينة في لبنان.
رئيس المكتب السياسي للجماعة الإسلامية الأستاذ علي أبو ياسين يتحدّث لموقع "العهد" الإخباري عن خيار المواجهة الذي اتّخذته الجماعة وتحديدًا "قوات الفجر" جنوبًا في المعركة الراهنة، ويعلن أن "هذا الوقت هو أوان الردّ والتصدّي لانتهاكات العدو"، ويشدّد على أن "العمليات مستمرّة طالما تواصل العدوان على أراضينا"، ويؤكد أن "هذه المعركة هي بداية نهاية الكيان الصهيوني، وهي جولة من جولات معركة التحرير".
يكشف أبو ياسين لـ"العهد أن "عملية "كريات شمونة" التي نفّذتها "قوات الفجر" قبل أيّام قليلة لم تكن الأولى إذ حصل قبلها العديد من العمليات منها ما أُعلن ومنها ما ظلّ مَخفيًا بسبب ظروف الميدان"، ويجزم بأنها لن تكون الأخيرة.
ينقل أبو ياسين موقف الجماعة الإسلامية من عملية طوفان الأقصى، فيقول إن "ما حصل مصلحة لكلّ العرب ولكلّ اللبنانيين لناحية توقّف مسار التطبيع مع العدو".
أبو ياسين يرى أنه "اذا أَمِن العدو في أرض فلسطين فلن يسمح لنا كلبنانيين بأن نتنعّم بثرواتنا وأن نُنقذ بلدنا من الأزمة الاقتصادية التي تحلّ بنا".
وفيما يلي نصّ المقابلة:
1- تابعنا العملية التي نفّذتها قوات الفجر واستهدفت مستوطنة "كريات شمونة"، هل هذا يعني عودة الجماعة الإسلامية الى ساحة القتال العسكري بوجه العدو؟
الجماعة الاسلامية لم تنقطع عن مواجهة العدو منذ الاجتياح عام 1982، حينها كان لها دور في أكثر من منطقة لبنانية، كما نفّذت أكثر من عملية ناجحة ضدّ الاحتلال. وفي عدوان 2006، كانت أيضًا حاضرة ودافعت عن الأراضي اللبنانية. اليوم لبنان يتعرّض لعدوان اسرائيلي غاشم. خطوط الجبهة مُمتدّة من الناقورة غربًا الى شبعا شرقًا، قوات الفجر حاضرة للدفاع عن الأراضي اللبنانية. بالتأكيد عملية كريات شمونة أول من أمس، لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، حصل قبلها العديد من العمليات منها ما أُعلن ومنها ما لم يُعلن عنها بسبب ظروف الميدان. قوات الفجر تقوم بعمليات مُتعدّدة في إطار حقّ اللبنانيين في الدفاع عن أرضهم ومقاومة العدو الصهيوني.
2- الى أيّ مدى يمكن أن تصل عملياتكم؟ والى متى ستستمرّ؟
عمليّاتنا مستمرّة طالما أن الاعتداء متواصل. نتمنّى أن يتوقّف العدوان اليوم، ولا نتمنّى إطالة أمد الحرب وتوسّعها. واجب كلّ اللبنانيين التصدّي للعدوان اذا استمرّ للدفاع عن أرضهم ووطنهم وقراهم وشعبهم. مع تطوّر اعتداءات العدو، ستتطوّر المواجهة معه.
3- ماذا يمكن القول عن الذخيرة والسلاح الذي بحوزتكم؟ هل لديكم ما يكفي في هذه المواجهة؟
بناءً على قول الله تعالى: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم)، نحن مُطالبون بأن نعدّ ما استطعنا ولسنا مُكلّفين بأكثر من قدرتنا، لكن ما نستطيع ليس قليلًا أبدًا. من خلال استعمال العقل والأدمغة يمكن تطوير الإمكانيات التي ينظر اليها البعض على أنها قليلة، لتصبح إمكانيات فعّالة تُصيب العدو الصهيوني بمقتل. ما أعددناه للاحتلال حتمًا سيوجعه ويؤلمه. هذا العدو سيُجري حساباته على أن الوقت الذي يعتدي فيه على لبنان وشعبه بدون ردّ انتهى.
4- ماذا عن التنسيق مع فصائل المقاومة في لبنان وفلسطين؟
اليوم نحن أمام جبهة قتال واحدة ضدّ هذا العدو الذي اتّحد معه الأمريكي والفرنسي والبريطاني وأتوا له بحاملات الطائرات لقصف أطفال فلسطين وشعبها. تنسيق فصائل المقاومة الموجودة في قلب المواجهة فيما بينها من ألف باء أيّ معركة سيخوضها اللبنانيون ضدّ العدو الصهيوني.
5- هل ترون أن ما يحصل اليوم منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر تمهيدٌ لزوال "اسرائيل"؟
العملية التي نفذتها كتائب القسام في 7 تشرين الأول/أكتوبر فيها مصلحة مُحقّقة لكلّ العرب ولكلّ اللبنانيين بدون استثناء. هذا العدو ما زال يطمع بأرضنا وثرواتنا. تقرير شركة "توتال" إنْ صحّ عن عدم وجود نفط في البلوك رقم 9 بعد مضيّ أيام على عملية طوفان الأقصى، نرى فيه تقريرًا سياسيًا كُتب في "تل أبيب"، وهو يعني "أيها اللبنانيون لن تنعموا ولن يُسمح لكم باستخراج ثرواتكم". وأنا أقول هنا لكلّ اللبنانيين اذا أَمِن العدو في أرض فلسطين فلن يسمح لنا بأن نتنعّم بثرواتنا وأن نُنقذ بلدنا من الأزمة الاقتصادية التي تحلّ بنا.
حتمًا ما يحصل منذ 7 أكتوبر يعني تمهيدًا لزوال "اسرائيل". رأينا كيف خرج رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير حربه يوآف غالانت وعضو المجلس الحربي بني غانتس وتحدّثوا عن أن المعركة التي يخوضونها وجودية. الصهاينة يقولون هذا. المعركة هي معركة زوال كيان الاحتلال، وهذا المطلب لا يجب أن يكون لبنانيًا أو فلسطينيًا أو مُسلمًا فقط، بل يجب أن يكون مطلبًا لكلّ أحرار العالم وكلّ الإنسانية التي تشاهد كيف ينتقم العدو من الأطفال والنساء بالتدمير والقتل. اجتثاث هذه الجائحة، التي ليست فقط غدة سرطانية، من أرض فلسطين واجبٌ على كلّ أحرار العالم.
هذه المعركة هي بداية النهاية لهذا الكيان الصهيوني، وهي جولة من جولات معركة التحرير لأنها لن تتأخّر كثيرًا وستُصبح واقعة في قادم الأيام.
6- كيف تقرؤون أداء ومواقف الدول العربية المُطبّعة خلال هذه المعركة؟
في التاسع من أيلول الماضي، تابعنا مؤتمر نيودلهي والاتفاقية التي أُبرمت بين الكيان الصهيوني والهند وبعض الدول الأوروبية والأمريكيين بشأن الممرّ التجاري الذي يبدأ بالهند ويمرّ بالخليج العربي وفلسطين المحتلة ومرفأ حيفا ثمّ يصل الى أوروبا. لو كُتب لهذا الممرّ أن ينجح، لكان ذلك خسارة استراتيجية للبنان على المستوى الاقتصادي ودوره كجسر بين الشرق والغرب، ومركز للعرب وعاصمتهم الثقافية ومستشفاهم وجامعتهم. لو كُتب لهذا الاتفاق النجاح لخسر لبنان كثيرًا ولا أحد يستطيع تعويضه.
بعد هذا الاتفاق، ظهر نتنياهو على منبر الأمم المتحدة وحمل معه خريطة العالم العربي ولوّن الدول التي تريد التطبيع ليقول للعالم أجمع إن هذا العالم العربي برمّته بخليجه وشامه وعراقه ومصره وسودانه أصبح سائغًا بيدي وأصبحتُ أنا القوّة الأساسية في هذه المنطقة. لهذا جاءت حركة "حماس" لتقول له: خسئتَ، وهذا العالم أكبر من أن يحكمه الكيان الصهيوني ويقوده رجل قاتل ومتوحّش مثلك.
وبالتالي ما حصل مصلحة لكلّ العرب ولكلّ اللبنانيين في توقّف مسار التطبيع مع هذا العدو. من المُعيب والمُخجل بعد هذه المجازر أن تُرفرف أعلام الكيان الصهيوني في بعض المدن العربية وحتى في كلّ عواصم العالم. وهذا الموضوع يجب أن يوضع له حدّ.
7- كيف تردّون على المُعترضين والرافضين لأصل المقاومة والمواجهة الذين يتذرّعون بحجة مُكرّرة بأن ليس اليوم وقت الحروب؟
من يعترض على مقاومة العدو بذريعة ليس وقتها نردّ عليه بوضوح: ألا يعتدي العدو علينا؟ الصهاينة اعتدوا على اللبنانيين جميعًا، اعتدوا على الصحافي عصام عبد الله وقتلوه، اعتدوا على أهل شبعا وقتلوا منهم، وما زالوا يعتدون يوميًا على اللبنانيين وينفّذون غارات على البيوت وعلى الآمنين. هذا هو الوقت المناسب للدفاع عن الأرض، وهذا ليس واجبًا فقط على فريق واحد أو اثنيْن أو ثلاثة، بل على اللبنانيين جميعًا أن يهبّوا في التصدّي لهذه الاعتداءات. ليس من الطبيعي أن يستهدفنا العدو، ونقول ليس الأوان أوان الردّ.