خاص العهد
العدوان على الكلية الحربية في حمص.. هذه أسبابه
دمشق ـ محمد عيد
في جريمة غير مسبوقة طوال سنوات الأزمة السورية الدامية، استهدفت طائرة مسيرة حفل تخريج للطلاب الضباط في لحظة احتضانهم لذويهم عقب العرض والاستعراض في الكلية العسكرية بحمص، الأمر الذي أدى إلى ارتقاء عدد كبير من الشهداء العسكريين والمدنيين وبينهم عدد كبير من النساء والأطفال.
ليطرح بعد ذلك السؤال التالي: لحساب من نفذت المجموعات الإرهابية هذا العدوان؟
وما هي الرسائل التي أراد المعتدون إرسالها للقيادة السورية وفي هذا التوقيت بالتحديد؟
تساؤلات يحاول الخبراء العسكريون السوريون في حديثهم الخاص بموقع" العهد" الإخباري الإجابة عليها.
الجغرافيا تحدد هوية وغاية المعتدي
يشدد الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء الدكتور حسن أحمد حسن على أنه لا يمكن توصيف ما حدث من إعتداء على الطلاب الضباط والأهالي باعتباره مجرد عدوان بل انه مجزرة إرهابية بكل ما تعنيه الكلمة.
وفي حديث خاص بموقع" العهد" الإخباري يشير اللواء حسن إلى أن الفاعل واضح على اعتبار أن كل التنظيمات الإرهابية التي ما تزال موجودة على الجغرافيا السورية لها مرجعية خارجية إقليمية أو دولية، وبالتالي إذا كانت هذه الطائرات المسيرة التي استهدفت حفل تخرج الطلاب الضباط في الكلية الحربية انطلقت من الإتجاه الشمالي، أي إدلب وغرب حلب فستكون مرجعيتها تركية وإذا كانت قد أتت من اتجاه التنف فالمرجعية أمريكية ولا يوجد احتمال ثالث على الإطلاق.
ويضيف اللواء حسن بأن مثل هذه الأعداد الكبيرة من الشهداء والجرحى المصابون، تؤكد أن نوعية المقذوفات التي تم استخدامها أو الطائرات المسيرة بما تحمله من مقذوفات أو قنابل من النوع المتطور، والسؤال الذي يطرح نفسه وبتفكير موضوعي كيف يمكن لهؤلاء القتلة الإرهابيون أن يحصلوا على هذه الطائرات المتقدمة ويتدربوا عليها من دون وجود طرف خارجي؟
ويتابع د.حسن كذلك عندما يتم الحديث عن توقيت الاستهداف بعد دقائق من نهاية الاحتفال، فهذا يعني بأن المطلوب هو إيقاع أكبر قدر ممكن من الضحايا لأنه بعد نهاية الإحتفال ومغادرة الضيوف الرسميين يندفع الطلاب الخريجون باتجاه الأهالي، والأهالي الذين كانوا في المدرجات التي قد تحميهم نسبياً ينطلقون باتجاه الباحة المفتوحة وهذا ما يفسر الأعداد الكبيرة.
ويخلص الخبير العسكري والاستراتيجي إلى أن هناك من كان يرصد ويتابع عبر الأقمار الصناعية وعبر الطائرات ذاتها ليصبح معه هذا الموضوع مجرد تفصيل.
ويختم اللواء حسن حديثه لموقعنا بالتأكبد على أنه وفي نهاية المطاف فإن مثل هذا الإجرام لن يمر هكذا، وقد يكون ما بعد هذا التفجير الإرهابي الذي استهدف الكلية الحربية في حمص ليس كما قبله، سيما وأن الجيش السوري قد بدأ عبر مدفعيته الثقيلة وطيرانه الحربي إشعال خطوط التماس على كل الجبهات مع الإرهابيين في محافظات إدلب واللاذقية وحماة وحلب كرد أولي على هذا العدوان الغاشم.
عدوان بخلفية اقتصادية
الخبير العسكري العميد علي مقصود يؤكد أن الإرهابيين اختاروا أشد اللحظات عاطفية من أجل تنفيذ إجرامهم، وهي لحظة لقاء الأهالي مع الخريجين من أبنائهم عقب العرض والاستعراض، في مشهدية تؤكد طبيعة اللؤم التي جبل عليها الإرهابيون والقوى الداعمة لهم.
وفي حديث خاص بموقع "العهد" الإخباري يشير العميد مقصود إلى أن هذا العدوان المنفذ بطائرات مسيرة لا يمكن إلا أن تكون وراءه دولة تقدم لمن قاموا به القيادة والتوجيه والإدارة عبر الأقمار الصناعية، ومنظومة حرب إلكترونية توجه هذه المسيرات، وتختار اللحظة التي تستهدف فيها اكبر عدد من الخريجين والمدنيين بغية إيصال الرسالة التي تقول بأن أمريكا قادرة على أن تضرب في قلب سوريا متى شاءت.
ويضيف الخبير العسكري بأن هذا العدوان في هذه المرحلة يمثل جريمة تعكس مستوى الحقد الذي يكنه الكيان الصهيوني البغيض ومعه الولايات المتحدة الأمريكية التي هزمت في سوريا مع مشاريعها ومخططاتها، وهي حالياً تواجه التحدي الذي حصل بلقاء سوريا والصين والقمة التي جمعت الرئيسين السوري والصيني في بكين، وبالتالي عندما تشعر أمريكا بأن سوريا وهي العقدة التي تربط مشروع الصين وتشكل البوابة باتجاه أوروبا وشمال أفريقيا فهي تريد عبر هذا العدوان والاستهداف المجرم أن تستمر سوريا بحالة الفوضى والاستنزاف، وأن لا يكون هناك استقراراً لكي لا تستطيع الصين أن تبدأ بتنفيذ مشاريعها في سوريا ومساعدتها في الخروج من هذه المحنة والانطلاق نحو إعادة الإعمار.
ويعتقد العميد مقصود أن الطائرة المسيرة التي قامت بالعدوان على حفل تخرج الطلاب الضباط في حمص لم تأت من إدلب أو من مناطق قريبة من حمص ويرجح أنها جاءت من البادية السورية، اما من قاعدة التنف مباشرةً أو من شمال هذه القاعدة أي من المناطق التي تسيطر عليها المجاميع الإرهابية، لأنها قطعت مسافات بحدود الـ ١٠٠ كم وربما أكثر، مشيراً إلى أنها لو كانت قد انطلقت من إدلب فستعترضها منظومات الدفاع الجوي وقواعد رادارات وحرب إلكترونية قادرة على أن ترصدها وتدمرها كما حصل في عدة مراحل، كما أن العدوان الذي نفذ قبل ذلك بيومين على محيط مدينة دير الزور واستهدف مواقع عسكرية كان بمثابة المقدمة والرسالة بأن هذا العدوان سيتسع ليشمل محيط حمص أي باديتها ومدينة حمص نفسها ومعها حماة.
ويختم العميد علي مقصود حديثه لموقعنا بالتأكيد على أن هذا العدوان يحمل البصمتين الأمريكية والإسرائيلية للانتقام من سوريا التي أسقطت كل هذه المشاريع ووضعت مع حلفائها في محور المقاومة امريكا والكيان الصهيوني في حالة من عدم القدرة على استكمال مخططاتهما.
الارهابادلبحمصالتنفالقواعد الأميركية في سوريا