ابناؤك الاشداء

خاص العهد

رئيس الوزراء العراقي في دمشق: زيارة لها ما بعدها
17/07/2023

رئيس الوزراء العراقي في دمشق: زيارة لها ما بعدها

محمد عيد

شكلت زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى دمشق منعطفًا هامًا في تاريخ العلاقة بين البلدين الجارين اللذين جمعهما مصير مشترك أثناء الحرب التكفيرية التي شنت عليهما لدرجة دفعتهما لالتزام التنسيق السياسي والميداني والاقتصادي للعبور ببلديهما إلى بر الأمان، فيما تبدو المرحلة القريبة مقبلة على تطور نوعي في العلاقات بعد الجهد الكبير الذي بذله العراق في إعادة دمج سوريا ضمن المنظومة العربية والإقليمية وقناعة البلدين بأن تحقيق التكامل الاقتصادي بينهما سيرمم كثيرًا من أسباب النقص في هذا السياق.

سوريا عمق العراق الحيوي

يرى عضو الوفد السوري لمؤتمر جنيف د. أسامة دنورة أن الانفتاح السياسي والتواصل الحكومي بين الدولتين والشعبين الشقيقين في سوريا والعراق يعتبر بمثابة المسار الطبيعي والضروري لكلا الدولتين.

وفي حديث خاص بموقع "العهد" الإخباري رأى دنورة أن العراق الحر والمستقر لن يجد مجالاً حيوياً، وعمقاً استراتيجياً أكثر قرباً وأولوية من علاقاته مع سورية، والأمر ذاته بالنسبة للجانب السوري، فالبلدان يتقاسمان جملة من التحديات الكبرى التي تتعلق بمحاربة الإرهاب العابر للحدود المشتركة بينهما، مروراً بالتعدي التركي على سيادة البلدين، والعجز الخطير الحاصل في الموارد المائية نتيجة استيلاء تركيا على القسم الأعظم من حصتي البلدين من ثروتهما المائية، وما ترتب على ذلك من تراجع في الزراعة وتوسع رقعة الجفاف، وصولاً إلى النزعات الانعزالية والانفصالية التي تهدد الوحدة الوطنية والجغرافيّة لكلا البلدين.

وأضاف: "هنا لا يغيب عن عين المراقب السياسي أن حكومة الأستاذ شياع السوداني قد خطت خطوات هامة على طريق استعادة الدور العربي والاقليمي للعراق، ضمن منظور يحفظ التوازن في العلاقات العراقية مع الأطراف العربية كافة، وفي هذا الإطار كان للعراق دور محوري وأساسي في تسريع الخطوات التي أدت إلى استعادة سورية لمقعدها ضمن جامعة الدول العربية، الأمر الذي أسهم بتجاوز جزء مهم من عراقيل عقد كامل من الحرب والسياسات التنافسية الهدامة في المنطقة، كما أن موقف العراق الرسمي والشعبي من حيث تقديم الدعم لسورية بعد كارثة الزلزال يعتبر موقفاً متقدماً جداً على الصعيدين العربي والدولي في آن معاً".

وفيما يتعلق بالجانب الاقتصادي، أشار دنورة إلى أن "التعاون بين البلدين هو استحقاق تفرضه العوامل الجغرافية والديمغرافية والحضارية المتداخلة بين البلدين الشقيقين، وفي هذا الإطار فإن الرؤية العراقية التي تضمنها مشروع طريق التنمية تتضمن شراكة مع ١٠ من دول المنطقة من ضمنها ايران والسعودية وسورية وتركيا والاردن وقطر والامارات والبحرين والكويت، وهذا المشروع الذي يعتبر تجسيداً لواحد من المسارات الواعدة لممر "شمال - جنوب"، يمثل في الوقت ذاته تأكيداً للارتباط الحيوي لمفهوم الامن الجماعي بمفهوم التنمية الجماعية، بحيث تأسيس الاستقرار الأمني والسياسي والاستراتيجي على أساس من الشراكات الاقتصادية والتكامل التنموي".

وأضاف دنورة "فيما يتعلق بالمجالين السياسي والاقتصادي، إن توثيق العلاقات الثنائية هو رافعة هامة، ونقطة انطلاق ضرورية على طريق التنسيق الجماعي العربي والاقليمي، ومن المؤكد ان التحديات التي تواجه تطوير العلاقات بين البلدين ليست سهلة، لا سيما الرفض المتجدد تاريخياً من قبل قوى الهيمنة العالمية لهذا التكامل والتعزيز للعلاقة ما بين البلدين، لا سيما عندما نتحدث عن عمق استراتيجي طبيعي للبلدين يتمثل في الجمهورية الاسلامية الايرانية والمقاومة اللبنانية، لافتاً إلى أن نافذة الفرص المفتوحة حالياً، وان بشكل جزئي، نتيجة تراجع وتيرة الانخراط الامريكي في ملفات المنطقة، تتيح امكانية الاستفادة من الظرف الحالي في احداث خرق هام على مستوى العلاقات الثنائية، وهو أمر "نراه تراكمياً وتدرجياً" من جهة، إلا أنه "حيوي وتأسيسي وحتمي" من جهة أخرى.  

هذه هي العقبات

من جانبه يرى عضو مجلس الشعب السوري مهند الحاج علي أن هناك تحديات مشتركة واساسية تواجه كلًّا من سورية والعراق حددها الرئيس بشار الأسد خلال المؤتمر الصحفي مع رئيس وزراء جمهورية العراق محمد شياع السوداني "وهي مخاطر محققة وليست محدقة".

وفي حديث خاص بموقع "العهد" الإخباري أكد الحاج علي أن هذه المخاطر تشمل المخاطر العسكرية، فالولايات المتحدة الامريكية تسعى جاهدة الى اعادة سورية للمربع الاول من خلال اعادة توليد وانتاج تنظيم "داعش" الارهابي من خلال ما يسمى (جيش سورية الحرة) والذي تعيد أمريكا انتاجه في منطقة التنف أي عند الحدود السورية - العراقية، من فلول تنظيم "داعش" المهزوم وفلول من العشائر العربية التي باعت نفسها للأمريكي وتنظيم "قسد" مما يهدد الأمن القومي للبلدين، وغاية أمريكا اغراق البلدين في مزيد من الحروب ومنع التواصل الجغرافي بينهما، مما ينعكس سلبًا على اقتصاد البلدين وهذا يعتبر أهم وسائل الضغط التي تعتمدها أمريكا.

وأشار الحاج علي الى الهواجس الأمنية كون هناك مناطق يحتلها تنظيم "قسد" والامريكي في الجزيرة السورية وخارج سيطرة الدولة السورية، فقد أصبحت هذه المناطق مرتعاً للعصابات الاجرامية التي تقوم بتهريب المخدرات والسلاح والنفط، ولذلك لا بد من أن يتحد سورية والعراق من أجل مواجهة هذه الأخطار كونها تهدد المجتمعات وتعتبر أخطر من الارهاب كما وصفها الرئيس في المؤتمر الصحفي.

وفيما يرتبط بمسألة المياه، اوضح الحاج علي أنه "مع تزايد الضغط التركي على سورية والعراق من خلال استمرار سرقة مياه الفرات مما يشكل تهديدا بيئياً كبير على البلدين بالاضافة الى تعطيل الزراعة، يعمل البلدان على تشكيل جبهة سياسية موحدة وبالاعتماد على الحلفاء من أجل الضغط على تركيا للتخلي عن سياساتها المائية الجائرة ضد البلدين".

أما القضية الفلسطينية وما تتعرض له المقدسات الاسلامية من انتهاكات، فقد كانت ايضا حاضرة على طاولة اللقاء وشددت القيادتان على مركزية القضية الفلسطينية وأدانتا الأفعال الإسرائيلية التي تمارس ضد "شعبنا الفلسطيني"، ورفض المساس بالمقدسات الاسلامية واستمرار دعم المقاومة الفلسطينية.

كما نوقش الوضع العربي الذي اعتبره الرئيس الاسد ايجابيًا في بعض جوانبه، مشيراً إلى أن للعراق دورا بارزا في هذا بحكم دوره السياسي الكبير في تقريب وجهات النظر بين سورية والدول العربية وكانت له أياد بيضاء في عودة الوفد السوري لحضور اجتماعات الجامعة العربية.

و شدد عضو مجلس الشعب السوري على أن الملف المُلح على طاولة النقاش كان الوضع الاقتصادي، ونقل كل الاتفاقيات السابقة من تعاون وتبادل تجاري بين البلدين الى حيز التنفيذ.

إقرأ المزيد في: خاص العهد