خاص العهد
أدوية الأمراض السرطانية: نظام وزارة الصحة يؤخّر العلاج
إيمان مصطفى
في وقتٍ يحلم فيه أيّ مريض سرطان بالشّفاء بعد المعاناة من فترة العلاج الطويلة، يقتصر حلم المرضى في لبنان على الاستحصال على حبّة دواء تخفّف من آلامهم.
بعد اعتماد سياسة تضمن وصول الأدوية الى مستحقيها من المرضى، عبر التطبيق العملي للمسار المُمكنن لتتبّع أدوية الأمراض السرطانية والمستعصية في المؤسسات الصحية والصيدلانية الذي أطلقته وزارة الصحة، تراجعت حدة الأزمة ولكن على نحو بطيء، نتيجة التأخر بالحصول على الأذونات لتسلم الدواء، ممّا دفع المرضى لتقنينهم تناول الدواء أو اللجوء إلى السوق السوداء.
نقص الأدوية شجّع الكثيرين من منتهزي الفرص ومروجي "شنط الأدوية" وخصوصًا المستعصية على بيعها للمواطنين الذين يفاجؤون بأنها مزوّرة أو غير فعّالة عند استخدامها، غير أن خطورة تأرجح قطاع الاستشفاء تكمن في كونه يجعل المريض معلقًا بين الحياة والموت.
آلية نظام تتبّع الأدوية
أمين سر نقابة الصيادلة الدكتور محمد جابر يؤكد لـ "العهد" أن "نظام تتبّع أدوية الأمراض المستعصية والسرطانية ينظّم عملية صرف هذه الأدوية، لكن اللائحة التي وُضعت ليست كبيرة، وبالتالي الذي يحكم هذه العملية هو المال الذي تملكه الدولة لدعم الأدوية".
يشير جابر إلى أن المرضى يواجهون في بعض الأحيان صعوبات بسبب بطء سيْر هذه العملية، إذ إن تسجيل جميع المرضى الذين يخضعون لعلاج خاص بالأمراض السرطانية والمستعصية على المنصة الخاصة يتم عبر رقم صحي خاص بالمواطن كشرط لحصوله على العلاج، وآلية حصوله على الدواء تستلزم وقتًا قد لا يتحمّله المريض الذي يواجه خطر الموت.
وبحسب جابر، فإن الآلية جيّدة ولكنها تحتاج إلى وقت طويل، ممّا يُحتّم على وزارة الصحة تطويرها ليحصل المرضى على الدواء بوقت أسرع.
وفق ما يؤكد الدكتور جابر، فإن وزارة الصحة لم تستطع تحصيل الدعم على بعض الأدوية من الدولة أو من قبل مصرف لبنان المركزي، وبالتالي فهي مقطوعة، لهذا يلجأ المريض للسوق السوداء.
ويلفت في هذا السياق إلى أن السوق السوداء غرقت بالأدوية المزورة، وغير المضمونة نتيجة الغش وسوء التخزين أو طريقة النقل غير السليمة، مما ينعكس سلبًا على صحة المواطن ويزيد حالته سوءًا.
ويشدد على أن "من بين الأسباب العديدة لفقدان واختفاء الدواء في السوق، إضافة إلى ضآلة الكميات، مشكلة فتح الاعتمادات من الأموال التي يرصدها مصرف لبنان إلى الشركات لتستطيع استيراده".
ويشير إلى أن نقابة الصيادلة تلعب دورًا مهمًا في هذا الشأن يتمثّل في المتابعة اليومية لاستصدار الموافقات على الأدوية، علمًا أنه ليس مسموحًا للصيدليات باستيراد الدواء إلّا من خلال الجهات الرسمية المخوّلة عبر الوكلاء.
وإذ يوضح أنه بإمكان الصيدليات استيراد الدواء من الخارج إلى لبنان - اذا كان المصدر موثوقًا - بعد نيل الموافقة من وزارة الصحة، يلفت في الوقت نفسه إلى أن عملية نقل الأدوية عالية التكاليف بسبب نظام التبريد، مما يجعلها صعبة.
يعود جابر ويذكّر بأن الحلّ الأمثل هو إيجاد آلية أسرع للحصول على الدواء، مشددًا على ضرورة نشر التوعية بين المواطنين بعدم شراء الأدوية من السوق السوداء، لأن الجودة غير مضمونة، مؤكدًا أن تأخّر المريض عن تناول الدواء أفضل بكثير من أخذه حبّة مغشوشة، ويردف أن الأدوية التي تدخل بطريقة غير شرعية معرّضة لتصبح سمومًا على صحة المريض.
ويناشد جابر عبر "العهد" رفع الصوت ومطالبة الدولة بتحمّل مسؤولياتها، داعيًا لدعم عدد أكبر من أدوية الأمراض المستعصية عبر فرض الضرائب على الدخان والتنبك - على سبيل المثال - لأنها تحقق أموالًا وفيرة، وقد تحدّ من استهلاكها المؤذي.
ماذا عن المستشفيات؟
نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون يشير في حديث لـ"العهد" إلى أن الأدوية متوفرة عبر نظام التتبع، غير أنه يقول "في حال انقطاع الدواء فلا علاقة للمستشفيات، إذ لا صلاحيات لها بتأمينه، وبالتالي فإن الأمر مرهون بوزارة الصحة والجهات المعنية لاستمرار تأمين الدواء في الأسواق".
ويرى هارون أن التأخر بتسليم الدواء عادي جدًا نظرًا للبروتوكولات المتبعة من قبل اللجنة المعنية، التي تعتمد معايير أساسية وتنظر للأولويات والتدرّج في العلاجات لعدم حرمان أيّ مريض من علاجه.
ما هو دور الأطباء؟
من جانبه، يأسف الطبيب المتخصّص بأمراض الدم والأورام الدكتور محمد حمود لما يعانيه الأطباء، اذ يترتب عليهم تأمين البديل الآمن الأفضل والأوفر للأدوية المقطوعة.
وفي حديث لـ"العهد" يقول "نسعى لتأمين الأدوية من الأسواق المجاورة كسورية وإيران"، ويُطمئن الى أن "هذه الأسواق لديها أدوية ذات جودة عالية ومضمونة وفعّالة"، ويلفت إلى "أننا نعمد للتعامل مع الجمعيات أيضًا لتأمين الأدوية البديلة وبأسعار معقولة".
ويُبيّن حمود أن "الأطباء يضطرون للجوء إلى العلاجات القديمة التقليدية أيضًا كحلّ رديف".
حمود يشير إلى أن "الدواء متوفر بالنسبة للفترة الماضية، إذ إنه تم كسر الحصار المفروض سابقًا"، مؤكدًا أن "الأزمة تتجه لمزيد من الحلحلة".