ابناؤك الاشداء

خاص العهد

العلاقات السورية - الايرانية: الاقتصاد الى مستوى السياسة
03/05/2023

العلاقات السورية - الايرانية: الاقتصاد الى مستوى السياسة

محمد عيد

في الشق السياسي تبدو زيارة الرئيس الإيراني السيد ابراهيم رئيسي إلى دمشق بالغة الأهمية وتتويجًا لمرحلة صعبة من الشراكة الإستراتيجية التي غذتها الدماء المشتركة في الميدان دفاعًا عن الأرض والمصير.

لكن إشارات الاستفهام لا تزال مطروحة بقوة فيما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية بين البلدين والتي لم ترتق يومًا لمستوى العلاقات السياسية، وهو واقع يبدو أن القمة المقبلة بين الأسد ورئيسي ستسعى نحو تغييره بالنظر إلى حجم ونوعية الاتفاقيات الاقتصادية التي سيتم توقيعها والتي سترفع كثيرًا من حجم التبادل الاقتصادي بين البلدين.  

استفادة دمشق من خبرة طهران

يرى الباحث السياسي د. أسامة دنورة أن أهمية زيارة رئيسي إلى دمشق تأتي من كونها الزيارة الأولى لرئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى سوريا منذ مدة طويلة من قبل خلال الحرب التي شنت ضد الدولة السورية. وفي تصريح خاص بموقع "العهد" الإخباري أشار دنورة إلى أن هذه الزيارة تكتسي أهمية خاصة من ناحية التواصل على مستوى تعزيز العلاقات بين البلدين لمواجهة كل التحديات الاستراتيجية على المستويات الاقتصادية والعسكرية والأمنية، كما أنها ضرورية لتأكيد الالتزام بالخيارات المقاومة لدى كل أطراف محور المقاومة بما يعنيه ذلك من استمرار العلاقات على مستواها الحالي المرتفع وتدعيمها بشكل متواصل.

وأضاف دنورة إن هذه الزيارة مهمة جدًا كذلك على المستوى الاقتصادي، لأن هناك بعدًا اقتصاديًا يجب العمل عليه كثيرًا على اعتبار أن السياسة هي البنية الفوقية للاقتصاد  وحين تكون هناك علاقات اقتصادية ذات تشبيك جيد وفيها الحد الأعلى من التكامل الذي يفترض أن يكون موجودًا، فهذا يدعم العلاقات الإستراتيجية بكل تأكيد، كما أنه عندما تكون الخيارات الاقتصادية في مكان والخيارات السياسية في مكان آخر فهذا ينتج حالة من عدم الاستقرار الذي يصرف دائما من قبل الغرب بصيغة ضغوط اقتصادية تهدف إلى تغيير المنطق السياسي، مشيراً إلى أنه أمر مورس على كل الدول بدرجات مختلفة وتمت ممارسته على سوريا أيضًا.

وشدد المحلل السياسي في حديثه لموقعنا على أنه عندما تكون هناك علاقات اقتصادية قوية مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية والحلفاء والشركاء في روسيا الاتحادية والصين والفضاءات الاقتصادية الصاعدة فهذا يمنح مساحة أكبر لاستقلالية القرار السياسي ويدعم الموقف لصد الضغوط الغربية والأمريكية التي تمارس على سوريا، مشيرًا إلى أنه عندما تكون هناك أجواء لفض الاشتباك الإقليمي على جانبي الخليج فهذا يساعد في تحسين العلاقات ما بين سوريا والإطار العربي. وكذلك فإن التنسيق مهم جدًا مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية. يضاف إلى ذلك أن مرحلة إعادة الإعمار - وهنا نعود للمستوى الاقتصادي -  تتطلب تعميق هذه الشراكة وتتطلب الاستفادة السورية من الخبرات الإيرانية لتحقيق الحد الأقصى من الاكتفاء الذاتي.

ولفت دنورة إلى أنه عندما يشاهد المراقبون طريقة ممارسة الضغوط الغربية التي تستمر مقدمتها على مدى عدة عقود أحيانًا ضد الدول التي لديها نهج سياسي مستقل يتضح بأن الضغط هذا نتيجة فعل تراكمي من التشبيك الإاقتصادي الخاطئ مع الدول الغربية وهذا الأمر يستغل اليوم ضد لبنان على سبيل المثال في حين أن دولًا مثل الجمهورية الإسلامية الإيرانية تمكنت وفي ظل ظرف صعب جدًا من العقوبات التي استمرت على مدى عقود طويلة من الاكتفاء الذاتي في العديد من القطاعات الهامة والهامة جدًا على مستوى الصناعات العسكرية والفضائية والبتروكيماوية وما يتعلق أيضًا بالطاقة النووية للأهداف السلمية ربطًا بالتكنولوجيا الطبية ووسائل النقل والطاقة وهي أمور حققت للجمهورية الإسلامية الإيرانية قفزة علمية وصناعية وإنتاجية هامة جدًا في ظل ظروف صعبة للغاية.

وأضاف الباحث السياسي أن هذه التجربة ينبغي أن تتكامل فيها سوريا مع الخبرة الإيرانية وتستفيد منها لأن كل اقتصاد يعيش حالة خلل في الميزان التجاري عندما يستورد أكثر مما يصدّر، ما يجعله معرضًا لخطر الديون وعجز في الميزان التجاري، فإما أن يغطى بالتضخم أو يغطى بالديون وفي الاتجاهين يكون هناك زيادة لعوامل خطورة تتراكم ضمن البنية الاقتصادية. ولذلك فإن الاعتماد على الذات في الاقتصاد يعطي قيمة مضافة هامة للإنتاج الوطني وهو أمر مهم والحفاظ على ميزان تجاري متوازن هو كذلك أمر شديد الأهمية عندما يكون هناك تكامل اقتصادي ما بين الحلفاء على المستوى السياسي، مشيراً إلى أن هذا ما سيتم الاشتغال عليه كثيراً في هذه الزيارة التي يتوقع أن تحقق دفعة هامة إلى الأمام وقفزة في إطار التعاون الاقتصادي ما بين البلدين الشريكين والصديقين والشقيقين.  

اتفاقيات مهمة بانتظار التوقيع خلال الزيارة

الخبير الاقتصادي مضر غانم أشار إلى أن حجم التبادل الاقتصادي بين سوريا وإيران يبلغ اليوم ٢٥٠ مليون دولار. وفي حديث خاص بموقع "العهد" الإخباري لفت غانم إلى أن هذا الرقم متواضع للغاية قياساً لما يمكن الوصول إليه في المستقبل القريب حيث يخطط البلدان لرفع حجم التبادل الاقتصادي إلى ٥٠٠ مليون دولار في الأشهر القليلة القادمة وإلى نحو مليار ونصف المليار دولار خلال السنوات الثلاث القادمة.

وأضاف غانم في حديثه لموقعنا بأن العقوبات المصرفية الأمريكية على القطاع المصرفي في البلدين تبرز كتحد أكبر أمام توسيع التبادل التجاري لذلك فإن البلدين يخططان لإقامة مصرفين مشتركين لتفادي العقوبات الأمريكية.

ولفت الخبير الاقتصادي الى أن سوريا وإيران ترتبطان بأكثر من ١١ اتفاقا للتعاون الاقتصادي والعلمي والثقافي والبنى التحتية إضافة لاتفاق للتعاون الاستراتيجي طويل الأمد، كما تم التوقيع على اتفاقيات استراتيجية للربط السككي بين الموانئ الإيرانية عبر العراق وميناء اللاذقية، مشيرًا إلى أن المراقبين ينتظرون التوقيع على اتفاقيات أكثر أهمية خلال القمة المرتقبة بين الرئيسين السوري والايراني.

إقرأ المزيد في: خاص العهد