ابناؤك الاشداء

خاص العهد

المقداد في تونس بعد الجزائر.. تصحيح للمسار
18/04/2023

المقداد في تونس بعد الجزائر.. تصحيح للمسار

عبير قاسم - علي حسن

وسط ترحيب شعبي ورسمي تونسي، حلّ وزير الخارجية السوري فيصل المقداد في تونس في زيارة تاريخية واستثنائية أعادت لملمة العلاقات بعد قطيعة خلال العشرية السوداء. وتأتي الزيارة بعد سلسلة خطوات هامة في مسار إعادة ترميم العلاقات الدبلوماسية واحيائها بعد تعيين سفير لتونس في دمشق وإعلان سوريا عن ارسال سفير لسوريا في تونس.

قادمًا من زيارته للجزائر، يأتي المقداد لأرض الخضراء محمّلًا بأحلام السوريين.. هذا الشعب الأبيّ الذي واجه عدوانًا شاملًا متعدد الأشكال ولا يزال يتعرض لضربات صهيونية متكررة. هي زيارة لمّ الشمل مع تونس بعد الفرقة القسرية في أعقاب مخطط ما يسمى بـ "الربيع العربي" الذي لم يجلب سوى الويلات على الشعوب ومزّق الدول العربية. ولكن اليوم بعد انتصار سوريا على الإرهاب التكفيري وعلى المخطط الصهيو امريكي لتقسيمها وتقزيمها، تمكنت بانتصارها من فرض المعادلات ومن اعادتها الى الخارطة الجيوسياسية العربية.

ويمكن اعتبار هذه الخطوة ثمرة نضال شعبي ومدني تونسي بعد تحركات ومطالبات من العديد من منظمات المجتمع المدني وفي مقدمتها التنسيقية التونسية لكسر الحصار عن سوريا.

يوم تاريخي

ممثل الاتحاد الوطني لطلبة سوريا فرع تونس عامر غيبي قال لموقع "العهد" الاخباري "تستقبل اليوم تونس الوزير المقداد وتفتح ذراعيها لإعادة العلاقات كاملة مع سوريا الحبيبة الأبية التي رغم الجراحات تسامح وتبقى سوريا قلب العروبة وبيتها الصامد"، مضيفًا "انتظر شعب تونس وأحرارها هذا اليوم وناضلوا من أجله ولم تهدأ حناجرهم عن المطالبة بإعادة العلاقات مع سوريا الحبيبة".

تموضعات جديدة

عضو التنسيقية التونسية لكسر الحصار على سوريا والناشط السياسي مرشد ادريس أكد من جهته لـ"العهد" أن "زيارة المقداد هي اجراء طبيعي وعودة المياه الى مجاريها في اطار علاقات جديدة والبحث عن حلول اقتصادية واجتماعية لشعبنا العربي وفي اطار الدفاع عن قضية الأمة فلسطين باعتبار ان سوريا كانت ولا تزال في محور المقاومة".   وقال إن صمود سوريا في مواجهة مخطط الارهابيين الذين أتوا من كل أصقاع العالم هو الذي جعل روسيا كقوى عظمى تتموقع في هذا الموقع المناهض الذي يتعارض مع الامبريالية التاريخية الأمريكية وحلفائها.

وتابع "نستبشر خيرًا بهذه الزيارة، هناك محاور عربية يجب ان تنطلق من اجل تحقيق مطالب جماهيرنا العربية من المشرق الى المغرب العربي".

بدوره، قال شوقي راجح كاتب عام سابق لجمعية الجالية السورية بتونس لـ" العهد": "نحن فخورون جدا بهذه الزيارة التي هي غاية الأهمية لأنها تضع حدًا لمسار اسود وسحابة سوداء مرت في سماء العلاقات بين البلدين، وهي نهاية لهذا المسار وبداية لعلاقات جديدة بين بلدين شقيقين تربطهما علاقات عريقة وثرية".

الجزائر وسوريا.. علاقات تاريخية

وكان المقداد قد وصل إلى تونس المحطة الثانية في جولته المغاربية بعد الجزائر حيث التقى فور وصوله الى  العاصمة الجزائرية بوزير الشؤون الخارجية السيد أحمد عطاف في القاعة الشرفية لمطار هواري بومدين وأجرى بعدها لقاء مع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ناقلا إليه رسالة  من أخيه السوري بشار  الأسد حسب وكالة الانباء الجزائرية "لا يمكن لأحد أن يفرق الجزائر عن سوريا".

وفي استعراضه لطبيعة العلاقات التي تجمع سوريا بالجزائر وصف الكاتب والصحفي السوري عمار عيد في حديثه لموقع "العهد" الاخباري العلاقة بين البلدين بالتاريخية، وقال إن العلاقات التي تجمع الجزائر وسوريا هي من الظواهر النادرة في العلاقات العربية - العربية التي لم تشهد أي توتر أو صراع منذ استقلال البلدين وحتى اليوم، وهذه العلاقات متينه ووثيقة حتى قبل الإستقلال فقد ساهمت سوريا التي نالت شرف الإستقلال قبل الجزائر في دعم ثورة المليون شهيد التي اخرجت المحتل الفرنسي من الجزائر وساهمت بعد الإستقلال في إرسال الخبراء والمدرسين إلى اليها للمساهمة في نمو هذا البلد بعد 130 عامًا من الاستعمار وفي الصراع العربي - الاسرائيلي لعبت الجزائر دورًا محوريًا في دعم المجهود الحربي - العربي وخاصة في سوريا ايمانًا منها بوحدة القضية التي يناصرها البلدان وهي القضية الفلسطينية، وعندما دخلت الجزائر في اتون العشرية السوداء وهي أحداث عنف شنتها جماعات ارهابية متطرفة استمرت عشرة أعوام تشبه تمامًا العمليات الاجرامية التي تعرضت لها سوريا، ساهمت سوريا بتقديم الدعم الاستخباراتي والامني لوقف نزيف الدماء في الجزائر، واليوم عندما وقع الزلزال المدمر في سوريا وجدت الجزائر الفرصة سانحة للتعبير عن موقفها الحقيقي من الأزمة السورية فساهمت بشكل فعال بتقديم العون والمدد ورفعت مستوى التمثيل والزيارات المتبادلة بين البلدين.

وأوضح عيد أن الجزائر لم تكن سعيدة بالعزلة التي تتعرض لها سوريا ولكنها كانت مجبرة في ذروة الربيع العربي وحجم الضغوط الغربية والخليجية أن تبقي على العلاقات بين البلدين بعيدًا عن الأضواء، وحقيقة الموقف الجزائري من الأحداث في سوريا تلخصت في كلام الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون للتلفزيون الرسمي الجزائري قبل مدة بأن سبب الضعف الذي تعاني منه سوريا اليوم هو أنها تدفع ثمن مواقفها القومية العادلة وليس لأي سبب آخر وكلامه اليوم للوزير المقداد من أن الجزائر لن تتخلى عن سوريا مهما كانت الصعوبات ليرد عليه الوزير المقداد بأنه لا يمكن لأحد أن يفرق الجزائر عن سوريا.

الجولة المغاربية تتويج للانقتاح العربي على دمشق

بعد زيارة الجزائر حطت طائرة وزير الخارجية السوري فيصل المقداد في العاصمة التونسية وكان في استقباله نظيره التونسي وقالت وكالة الانباء الرسمية السورية سانا أن الزيارة التي جاءت بناءا على دعوة وزير الخارجية التونسي تهدف الى تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وبحث آخر المستجدات في المنطقة والعالم. المحلل السياسي خالد عامر رأى أن جولة الوزير المقداد المغاربية هي تتويج للانفتاح العربي على دمشق والتي تشهد زيارات عربية متتالية واتصالات نشطة آخرها الزيارة التي سيقوم بها وزير الخارجية السعودي اليوم والتي قد تتضمن دعوة رسمية إلى الرئيس الأسد للمشاركة بالقمة العربية المزمع عقدها في الرياض.

 ورأى عامر أن المرحلة الحالية هي نقطة تحول جوهرية في الأزمة السورية قد تكون بمثابة بداية النهاية لها، وأوضح أن سوريا التي تعرضت لشتى أنواع الضغوط والابتزاز حافظت على مواقفها الثابته وأرغمت كل من حاول تغيير اتجاه بوصلتها أن يتوقف عن هذه المحاولات ويتعامل معها من موقعها كركن أساسي في محور المقاومة.
    

إقرأ المزيد في: خاص العهد