خاص العهد
بحيرة القرعون باتت مستنقعًا للطحالب "النتِنة".. أي مياه يشربها اللبنانيون؟
إيمان مصطفى
في نيسان من العام 2020، اجتاحت "السيانو بكتيريا" بحيرة القرعون. يومها دقّت المصلحة الوطنية لنهر الليطاني ناقوس الخطر، معلنةً أنّ الأمر بمثابة إنذار بيئي وصحي خطير. التلوث الناتج عن المخلفات البشرية كالصرف الصحي ونفايات المصانع السائلة والإفراط بالأسمدة يُسرّع شدة ومدة وتواتر وجود "السيانو بكتيريا".
ولمن لا يعلم، تُعتبر السموم السيانوية ضارة جدًا بالبيئة وكذلك بالإنسان والحيوان عند استهلاكها عن طريق شرب المياه الملوثة أو استنشاقها أثناء السباحة أو تناول الأسماك الملوثة، حيث تؤثر سلبًا على الكبد والجهاز العصبي والجلد.
سيناريو عام 2020 قد يتكرّر في نيسان من العام الجاري، حيث رصدت فرق المصلحة الوطنية لنهر الليطاني أمس الاثنين بقع تلوث بنية اللون في بحيرة القرعون. وعلى الأثر، توجه الفريق الفني لمعاينة مياه البحيرة بواسطة قارب الكشف المخصّص، حيث تبين وجود كميات من الطحالب ذات اللون البني، والتي تنجرف نحو شواطئ البحيرة بفعل الرياح والموج.
رئيس مصلحة الليطاني الدكتور سامي علوية أكّد لـ "العهد" أنّ الفريق الفني عمل على أخذ عينات من مياه البحيرة وتم إرسالها للمختبر المركزي التابع للمصلحة في "خربة قنافار" لتحديد نوع البكتيريا المسبّبة للتلوث، مشيرًا إلى أنّ نتائج الفحوصات لم تصدر بعد.
وأوضح أن البكتيريا تتسبّب بظهور حثالة بنية اللون في البحيرة كعلامة على تكاثر الطحالب والذي ينجم بدوره عن توافر فائض من العناصر الغذائية في المياه، كالنيتروجين والفوسفور، والتي يمكن أن تأتي من الصرف السطحي الزراعي أو تصريف مياه الصرف الصحي غير المعالجة، وقال "إنّ بعض أنواع الطحالب يمكن أن تنتج سمومًا قد تكون ضارة بالبشر والحيوانات الأليفة والحياة البرية".
علوية رجّح أن يكون التلوث ناجمًا عن "السيانو بكتيريا" (cyanobacteria) أو البكتيريا الزرقاء، وهي كائنات مجهرية تفتقر إلى النواة، ولديها قدرة هائلة على التكيف مع الأوساط المختلفة، والصمود بوجه الأشعة فوق البنفسجية العالية والجفاف وفرط الملوحة ودرجات الحرارة القصوى. وتنمو البكتيريا الزرقاء في بحيرات المياه العذبة والجداول والمحيطات والتربة الرطبة والصخور المبللة. وفقًا لعلوية، فإن سبب انتشارها قد يكون تغير المناخ وارتفاع درجة حرارة المياه وانخفاضها المفاجئ.
المتضررون
ومهما تعددت أسباب التلوث، فإن النتيجة واحدة. المزارعون هم المتضررون الأوائل من تلوث القرعون، نظرًا لما تشكله من مصدر أساسي للري. كما سيطال الضرر رعاة الماشية، والسكان القاطنين في محيط البحيرة.
بحسب علوية، فإن المتضررين من تلوث البحيرة بشكل عام هم مئات آلاف السكان، حيث أصاب التلوث 800 ألف ساكن يتوزعون بين البقاع الشمالي والأوسط والغربي، بينما يُروى أكثر من 5 آلاف هكتار من الأراضي الزراعية البقاعية بمياه ملوثة، في حين يستخدم 70 ألف مواطن مياه شفة ملوثة، وسجلت 5 آلاف حالة سرطانية موثقة بسب التلوث للمستخدمين في المصلحة ولمعظم جيران نهر الليطاني والبحيرة.
وتطرق علوية إلى مشكلة النازحين السوريين، الذين يعدون من المساهمين في التلوث ومن المتضررين منه في الوقت نفسه.
إرشادات وقائية
بناء على ما ذُكر، شدّد علوية على ضرورة تجنب السباحة في البحيرة أو السماح للحيوانات الأليفة من دخولها أو الشرب منها.
ومن أجل الحد من هذا التلوث، أكد علوية أنه يجب ــ الى جانب الإجراءات الوقائية ومراقبة نوعية المياه ــ أن تتدخل السلطات المركزية والبلديات في وقف الصرف الصحي المتدفق الى البحيرة، وتقليل استخدام المبيدات الزراعية والأسمدة الكيميائية في المناطق الزراعية القريبة منها، والتشجيع على تحويل المخلفات العضوية إلى سماد طبيعي بدلًا من رميها في المياه.
واعتبر أنه يجب إلزام جميع الجهات المعنية بتطبيق خارطة الطريق لرفع التلوث عن نهر الليطاني وبحيرة القرعون.
التلوثبحيرة القرعونالمصلحة الوطنية لنهر الليطاني