خاص العهد
هذه هي مخصصات وتعويضات "السلطات العامة" في لبنان
فاطمة سلامة
كلما ضاق الخناق حول مالية الدولة، وتأزم الوضع الاقتصادي، كلما ضاقت حقوق المواطنين في أعين البعض. أولئك الذي رضوا بالهَمّ الذي ألحقته بهم الطبقة السياسية على مدى عقود، ولم ترتض لهم هذه الطبقة حتى أبسط الحقوق. فنجد على الدوام من يهمس سراً وعلانيةً بضرورة تصحيح الوضع الاقتصادي عبر تقليص الرواتب والتقديمات من جيوب المواطنين. علماً أنّ هذا المواطن يدفع كيفما اتجه الفواتير والضرائب والغرامات، ولو قُدّر لهذه الطبقة الحاكمة أن تتقاضى منه ثمن الهواء الذي يتنفّسه لفعلت.
إلا أنّ المفارقة تكمن في أنّ هذه الدولة التي تفتقد لمفهوم العدالة والتي تقطع يدها وتتسوّل عليها عندما يصل الأمر للمواطن، الحلقة الأضعف، هذه الدولة تبدو في قمّة سخائها على طاقمها السياسي. تراها تبذخ يمنة ويسرة في أمور ليست في محلها. لو أخذنا على سبيل المثال المخصصات والتعويضات التي تتلقاها الطبقة السياسية شهرياً لوجدنا أنّ هذه الدولة تأخذ بيدها اليسرى من المواطن، لتموّل بيدها اليمنى مخصصات السياسيين ومصاريفهم. ولو أبدينا حسن النية وسلّمنا جدلاً بأحقية تقاضي السلطة الحاكمة هذه المخصصات، انطلاقاً من استمرار قيامها بالأعمال؛ فمن غير المبرّر حُكماً تقاضي الرؤساء والنواب السابقين أو عائلاتهم بعد الوفاة هذه المخصصات، والتي تُكبّد خزينة الدولة أموالاً تصل حد الثلاثين مليار ليرة سنوياً. كما من غير المنطقي أن يتم الجمع بين المخصصات والرواتب كأن يتقاضى رئيس دولة سابق مثلاً مخصصات وتعويضات، وفي الوقت نفسه يتقاضى من الدولة أيضاً راتب قائد جيش، أو أن يتقاضى نائب مخصصات وتعويضات وفي الوقت نفسه يكبّد الخزينة أموالاً لقاء راتب ضابط متقاعد.
وفي الوقت الذي تمر به الدولة بأزمة اقتصادية "خانقة"، برزت مؤخراً بعض الأصوات التي تدعو الى خفض رواتب السلطات العامة. وزير المال علي حسن خليل اقترح حسم 50 بالمئة من رواتب الرؤساء والوزراء والنواب الحاليين والسابقين. فكم يتقاضى هؤلاء شهرياً؟
الباحث في "الدولية للمعلومات" محمد شمس الدين، يشرح لموقع العهد الإخباري بالأرقام المبالغ التي تتقاضاها السلطات العامة في لبنان، بدءاً من رئيس الجمهورية مروراً برئيسي الحكومة ومجلس النواب، وصولاً الى النواب والوزراء. يلفت شمس الدين الى أنّ هؤلاء لا يتقاضون راتباً بل مخصصات وتعويضات على اعتبار أن عملهم ليس وظيفياً. وبهذه الطريقة يحق لأي منهم الجمع بين "المخصصات والتعويضات " و"الراتب"، كأن يتقاضى مثلاً مخصصات كونه نائباً وراتباً كونه قاضياً أو مديراً عاماً متقاعداً. يُفصّل شمس الدين مخصصات وتعويضات السلطات العامة شهرياً على الشكل التالي:
*رئيس جمهورية (12 مليونًا و500 الف ل.ل) توزّع كالآتي:
-4 ملايين ونصف (مخصصات)
-4 ملايين ونصف (تعويض تمثيل)
-3 ملايين ونصف (تشريفات)
*رئيس مجلس النواب (11 مليونًا و825 الف ل.ل) توزّع كما يلي:
-3 ملايين ونصف (مخصصات)
-3 ملايين و400 الف ليرة (تعويض تمثيل)
-مليون و125 الف ليرة (تعويض سيارة)
-مليون و800 الف ليرة (سائق وأمين سر)
-مليونان (تشريفات)
*رئيس مجلس الوزراء (11 مليونًا و825 الف ل.ل) توزّع كما يلي:
-3 ملايين ونصف (مخصصات)
-3 ملايين و400 الف ليرة (تعويض تمثيل)
-مليون و125 الف ليرة (تعويض سيارة)
-مليون و800 الف ليرة (سائق وأمين سر)
-مليونان (تشريفات)
*الوزير (8 ملايين و625 الف ل.ل) توزّع كالآتي:
-3 ملايين (مخصصات)
-مليون ونصف (تعويض تمثيل)
-مليون و125 الف ليرة (تعويض سيارة)
-مليون ونصف (سائق وهاتف)
-مليون ونصف (تشريفات)
*النائب (11 مليونًا و200 الف ل.ل)
-3 ملايين (مخصصات)
-مليون ونصف (تعويض تمثيل)
-مليون ونصف (سيارة وهاتف)
-مليون ونصف (سائق وأمين سر)
-مليون (تشريفات)
-مليونان و700 الف ليرة (مساعدة اجتماعية)
هذا فيما يتعلّق بالسلطة الحالية، التي تُكبّد الخزينة وفق احصاءات شمس الدين حوالى 15 مليارًا و777 مليون ليرة سنوياً.
أما الرؤساء والنواب السابقون فيتقاضون -وفق شمس الدين- الرواتب التالية، مع الإشارة الى أن الوزراء السابقين لا تشملهم المخصصات والتعويضات:
-رئيس جمهورية سابق (75 بالمئة من قيمة المخصصات والتعويضات)، أي 9 ملايين و375 الف ل.ل.
-رئيس حكومة سابق (75 بالمئة أيضاً)، أي ثمانية ملايين و868 الف ليرة، وهو المبلغ ذاته الذي يتقاضاه رئيس مجلس نواب سابق.
-أما النائب السابق فيتقاضى 55 بالمئة من المخصصات والتعويضات في حال شغل نائباً لدورة واحدة، 65 بالمئة لدورتين، أما إذا عمل نائباً لثلاث دورات أو أكثر فيتقاضى 75 بالمئة من المبلغ أي ثمانية ملايين و400 الف ليرة.
والغريب -برأي شمس الدين- أنّ القانون يحفظ لهؤلاء الرؤساء والنواب مخصصاتهم وتعويضاتهم حتى بعد الوفاة. ففي حال رحيل الرؤساء والنواب السابقين، فإنّ عائلاتهم تتقاضى المخصصات وبالتحديد زوجاتهم وبناتهم غير المزوجات أو الأرامل، أو أبناؤهم الذين يكملون تعليمهم الجامعي قبل بلوغ سن الـ25 عاماً. أكثر من ذلك، في حال وفاة النائب خلال عمله في الدورة الأولى، فيعتبر كأنه أمضى ثلاث دورات، وتتقاضى عائلته 75 بالمئة من المخصصات.
والجدير بالذكر أن هذه الأرقام ليست نهائية إذ يُضاف الى المخصصات والتعويضات المذكورة آنفاً الكثير من الملايين، إذا ما تحدّثنا عن الاعتمادات السنوية التي تُخصّص، وإذا ما تحدّثنا عن الاعفاءات من الرسوم وغيرها، هذا عدا عن "السمسرات" التي يُجيدها البعض.
يُشار الى أنّ عدة بلدان سارعت منذ سنوات الى تخفيض المخصصات والرواتب كالأردن، ايرلندا، بريطانيا، ايطاليا، اسبانيا، وغيرها من الدول التي خفّضت رواتب وزرائها، فهل "يفعلها" لبنان ويتّخذ للمرة الأولى ربما خطوة في الاتجاه الصحيح؟