خاص العهد
بلدية حارة حريك ومراكزها: خدمة الناس عنوان عملنا
لطيفة الحسيني
خدمةٌ مجتمعيةٌ مُتكاملة تُقدّمها بلدية حارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت. سلسلةُ نشاطات يومية ومهمّات دورية لا تتوقّف والهدف: تأمين أدنى مقوّمات العيش الكريم في ظلّ الأوضاع الصعبة التي يمرّ بها لبنان.
تُعتبر حارة حريك محور بلديات الضاحية، فكثافتها السكانية ضخمة، ما يُحتّم العمل بشكل مُضاعف منعًا لأيّة عرقلة في الحركة اليومية للقاطنين في نطاقها، ولا سيّما على صعيد حاجاتهم التنموية.
لا يُشبه أداء بلدية حارة حريك ما اعتاد عليه المواطنون في معظم البلديات على الخريطة اللبنانية، حيث كان السائد دائمًا تقاعس هذه الهيئات المحلية عن تأدية دورها في الأحياء والشوارع والمناطق تحت ذرائع أغلبها ماديّ.
تأخذ البلدية على عاتقها مُتابعة ملفّات مياه الصرف الصحي ومواقف السيارات والكهرباء والآبار والنظافة وصولًا الى خطة السير المتداخلة مع كلّ مناطق الضاحية. البارز في جُهد البلدية افتتاح أكثر من مركز ودائرة تشمل كلّ الخدمات التي تُفيد سكان هذه البقعة:
* مبنى الرسوم البلدية
* مركز الرعاية الصحية الأولية
* الشرطة
* الدفاع المدني
* الأشغال
* المفرزة الصحية
* مركز التوجيه والإرشاد الأسري
* مركز المطالعة والتنشيط الثقافي
* مركز التنمية المستدامة
الخدمات الصحية
قد يكون مركز الرعاية الصحية أكثر المراكز تماسًا مع الناس في حارة حريك. عام 1997 تأسّس، وتحوّل مع السنوات من مستوصف متواضع الى مركز حائز اليوم على تصنيف رسمي من وزارة الصحة بدرجة متقدّم. على الرغم من تسعيرة المعاينة الطبية الزهيدة (تتراوح بين 80 و150 ألفًا)، إلّا أن الأطباء يُصرّون على معالجة المرضى الذين يقصدون المركز لأن الهدف: خدمة الناس بلا تفرقة أو تمييز بين لون أو جنسية أو انتماء.
يقدّم المركز معاينات المرضى بسعر مُخفّض عن تسعيرة نقابة الأطباء ولقاحات معتمدة في وزارة الصحة إضافة الى أدوية دورية تصل من الوزارة أيضًا. تباعًا، ارتفع عدد المُستفيدين من خدمات المركز خلال السنوات السبعة الأخيرة الى 44916 شخصًا، فيما بلغ عدد الأدوية المُقدّمة الى المرضى في المركز الى اليوم 70468 دواءً.
خدمات نفسية وأسرية
يمكن القول إن بلدية حارة حريك أوّل هيئة محلية في لبنان تُبادر الى تأسيس وافتتاح مركز للتوجيه والإرشاد الأسري. عام 2015 أطلقت المشروع. الفكرة جاءت نتيجة الأعباء والمشاكل والضغوط الاجتماعية والاقتصادية المتفاقمة بين العائلات. من هنا، تقرّر إنشاء هذا المركز الذي يتصدّى لهذه المسؤولية المُجتمعية وبشكل مجاني.
الى اليوم، هناك 6130 مستفيدًا من استشارات المركز الذي يديره الشيخ يوسف سرور، ويركّز على حلّ المشاكل الأسرية والزوجية والشخصية وتأهيل المُقبلين على الزواج والتثقيف في المدارس الى جانب تدريب ذوي الاختصاص من علمٍ نفس عيادي وعائلي واجتماعي. كما يعمل على استقطاب مُتطوّعين في الإرشاد، ويُقدّم نصائح أسرية في الإعلام المرئي والمسموع وعبر المحاضرات والحلقات الحوارية.
خدمات ثقافية
مركز المطالعة والتنشيط الثقافي صرحٌ ثقافي بكلّ ما للكلمة من معنى. تأسّس عام 2001 وهو تابع لوزارة الثقافة اللبنانية رسميًّا.
يستقبل المركز زوّارًا من كلّ الأعمار ويعتمد نظام إعارة لكتبٍ وصل عددها في نهاية عام 2022 الى 17088 كتابًا مع 1900 عنوان. المُنتسبون مُقسّمون الى فئتيْن: تحت 18 سنة وفوق 18 سنة.
الى جانب القراءة، يواكب المركز المناسبات الوطنية والإسلامية عبر الأنشطة التي تُقام فيه موسميًا من مسرحيات ومعارض رسم وأدب وفنّ، كما يُخصّص لذوي الاحتياجات الخاصة قسمًا يتضمّن كلّ ما يمكن أن يصقل مهاراتهم ويعمل على تعزيز اندماجهم مع بقية أفراد المجتمع.
خدمات تنمية مستدامة
على صعيد المشاريع النوعية، يتبدّى مركز التنمية المحلية المُستدامة الذي يقع خلف كنيسة حارة حريك. تاريخ الإنشاء يعود الى عام 2010، هدفه الأوحد خلق فرص عمل للأفراد والعوائل. يتضمّن الكثير من الورشات التدريبية فنيًا والكترونيًا وعلى مستوى الخياطة والطبخ أيضًا. خلال السنوات الأربع التي مرّت عملت 500 عائلة ضمن مطبخ "ثمار" التابع للمركز بالتعاون مع مائدة زين العابدين (ع).
بالأرقام، خضع أكثر من 12000 شابّ وسيدة وطالب جامعي لدورة تدريبية أكاديمية ومعنية وحرفية من العام 2016 الى العام 2019، فيما بلغ عدد العوائل المُستفيدة من العمل اليومي على صعيد الإنتاج 178 عائلة. كذلك قدّم المركز برامج اجتماعية وإنسانية لناحية توزيع حصص وكسوة عيد لـ7360، وذلك كلّه بدعمٍ ماديّ وعينيّ من الجمعيات والمؤسّسات الخيرية.
مراقبة صحية
المفرزة الصحية تبذل هي الأخرى جهدًا جبارًا لمراقبة المنشآت الغذائية ومحلات بيع مياه الشرب والحضانات والمدارس والمحال التجارية وصالونات الحلاقة والنوادي الرياضية الواقعة في نطاق بلدية حارة حريك.
آخر إحصائية لعام 2022، بيّنت أن المُراقبين الصحيين أجروا 43 فصحًا جرثوميًا لمحلات المياه و19 زيارة توعوية عن فيروس "كورونا" وكيفية التعقيم داخل النوادي الرياضية و943 زيارة لمنشأة غذائية و47 مسحًا لمؤسّسات جديدة، وأصدرت قرارات بإقفال 7 محلات مياه غير مُطابقة للمواصفات، مع توجيه 194 إنذارًا لمؤسّسات مُختلفة.
لا تهدأ مراكز بلدية حارة حريك. السعيُ حاضرٌ على الدوام من أجل الناس وفي سبيل راحتهم. صحيح أن الإمكانات المادية قلّت وأزمة صناديق البلديات لم تجد مخرجًا مُنصفًا في لبنان عامّةً، إلّا أن العاملين في القطاع البلدي يؤمنون بأن التضحية ربّما بحقوقهم لتأمين حاجات المواطنين قد يُسهم في رأب الصدع جراء غياب الدولة وتدهور الحالة الاقتصادية في البلد، لتُصبح البلديات الملجأ الوحيد أمامهم في خضمّ ما يواجهون من مشاكل.