خاص العهد
الدبلوماسية الاقتصادية سلاح سوريا الفعال في وجه العقوبات
محمد عيد
وسط الحصار الاقتصادي الخانق الذي تتعرض له سوريا أوعزت وزارة الخارجية السورية إلى سفاراتها في كل أنحاء العالم لتفعيل نشاطها من خلال التفاعل مع مختلف الفعاليات الاقتصادية الموجودة في بلدان الاغتراب وبشكل خاص مع المغتربين السوريين الذين تربطهم ببلدانهم أواصر وطنية لم تنقطع رغم الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، في ما بدا أنه مؤشر فعال على انتهاج الدبلوماسية السورية سلوكاً جديداً قد يعطي مفاعيل أكثر نجاعة من قبل.
سبيلنا لفك الحصار
في تصريح صحفي أعقب اجتماع مجلس الوزراء قال وزير الخارجية السوري فيصل المقداد إنه "يجب بذل كل جهد ممكن وخاصة في إطار مواجهة الإجراءات القسرية غير الأخلاقية واللا انسانية التي اتخذتها الولايات المتحدة والدول الأوروبية ضد الشعب السوري". وأضاف: "سفاراتنا مستنفرة بشكل دائم والتعليمات لديها هي العمل مع كل الفعاليات الاقتصادية في البلدان التي توجد فيها".
وتابع المقداد "نحن مع التعاون فيما بين سفارات سوريا ووزارة الخارجية ومع القطاعين العام والخاص واتحاد غرف التجارة السورية ومع الدبلوماسية البرلمانية التي تقوم بدور فاعل أيضاً في التواصل مع ممثلي الشعوب الأخرى من خلال المنتديات التي تجمعنا في فعاليات بهدف العمل على تجاوز هذه الظروف الصعبة التي نمر بها".
دبلوماسية التعافي
وفي تصريح خاص بموقع "العهد" الإخباري، أشار مضر غانم المدير التنفيذي للهيئة العامة للضرائب والرسوم السورية والمحلل الاقتصادي إلى أن الأزمة السوريّة وما رافقها من حصار خانق على الشعب السوري أنهكت الاقتصاد الوطني وحلقت بالأسعار عاليًا ووصلت بمعدلات البطالة إلى مستويات غير مسبوقة الأمر الذي انحدر بمستوى الحياة الاقتصادية والمعيشية للمواطنين السوريين.
وأضاف غانم أن مرحلة إعادة الإعمار التي ينتظرها السوريون لا يمكن لها أن تقوم فقط على إجراءات داخلية وانما تستوجب رافعة مالية وتقنية من المحيطين الإقليمي والدولي أيضًا.
ومن هنا سعت الحكومة السورية لتهيئة كل الأسباب التي تسمح بإيجاد البيئة الملائمة التي تسمح للقطاعين العام والخاص بلعب دور كبير بدعم الاقتصاد الوطني ضمن الظروف الحالية الصعبة إضافة إلى تفعيل دور السفارات السورية والملحقات التجارية في الخارج لتقديم كل أنواع الدعم للاقتصاد الوطني وهو ما بات يعرف بـ "الدبلوماسية الاقتصادية" التي تحدث عنها وزير الخارجية السوري فيصل المقداد بشكل مفصل منذ أيام.
وشدد المدير التنفيذي في الهيئة العامة للضرائب والرسوم السورية على أن الوزير المقداد أوعز إلى "رجال الدبلوماسية" في الخارج بمتابعة النشاطات الاقتصادية عبر السفارات ولهذه الغاية أنشأت وزارة الخارجية والمغتربين مكتبًا لمتابعة الشؤون والبعثات الدبلوماسية الاقتصادية في الخارج وإعادة الإعمار بالتزامن مع تفعيل دور مجالس الأعمال السورية المشتركة بغية تعزيز وتطوير العلاقات التجارية والاقتصادية بين سوريا وبقية دول العالم.
ولفت المحلل الاقتصادي إلى أن الحديث عن الدبلوماسية الاقتصادية والبعد الاقتصادي في السياسة الخارجية لسوريا وأدوات تحقيقه كان قد نال الأهمية الكبرى من خلال كلمة الرئيس بشار الأسد في افتتاح مؤتمر وزارة الخارجية والمغتربين قبل أعوام حين رسم معالم السياسة الخارجية اللاحقة بقوله: "دعوني أقول إن الاقتصاد السوري دخل في مرحلة التعافي ولو بشكل بطيء جدًا ولكن بشكل ثابت على الرغم من أننا محاصرون، إن لم نقل بشكل كامل فهو شبه كامل وهذا أيضاً من مهام الدبلوماسية السورية".
وأضاف غانم أن حديث وزير الخارجية السوري الأخير حول الدبلوماسية الاقتصادية يأتي تنفيذاً واستكمالا لتوجيهات الرئيس بشار الأسد في هذا الشأن حيث طرأ على الدبلوماسية الاقتصادية السورية مجموعة من المتغيرات تمثلت بدفع اتفاقية التجارة الحرة وفتح باب الترغيب لرجال الأعمال والمغتربين السوريين للاستثمار في الداخل عبر منحهم الفرص الاقتصادية من دون إغفال دور الدولة السورية كشريك ضامن يخفف من وقع الصدمات الناتجة عن الأزمات المالية التي تعصف بين الحين والآخر دون أن تنجح في تدمير كل ما تم تشييده وإلحاق الضرر بالمستثمرين الموجودين والقائمين سوريين كانوا أم غير سوريين.