معركة أولي البأس

خاص العهد

خبير عسكري سوري: حرب تموز منعت الكثير من الحروب الإسرائيلية اللاحقة
19/07/2022

خبير عسكري سوري: حرب تموز منعت الكثير من الحروب الإسرائيلية اللاحقة

دمشق ـ محمد عيد

يعتقد الكثير من الباحثين في مراكز الدراسات والأبحاث الاستراتيجية أنه لا يمكن للعقل العسكري والاستراتيجي، ومهما ارتقى بتفكيره، الإحاطة بجدوى حرب تموز على العرب لجهة إعادة ثقتهم المفقودة بأنفسهم وقدراتهم، وتأثيرها المحبط كذلك على الكيان الغاصب حيث وضعته مجدداً على محك الزوال، وبصرف النظر عن محاولات بعض الفرقاء المحليين في لبنان ومعهم عرب " الاعتدال" للتسخيف مما جرى في تموز/ يوليو وآب/ أغسطس من العام ٢٠٠٦، وقصر الأمر على تصوير ما قامت به  "إسرائيل" من تدمير للبنى التحتية في لبنان وتحميل المقاومة وزر ذلك، فإن الاعتراف الحقيقي بالهزيمة جاء على لسان الصهاينة أنفسهم حين تضمن الجانب المعلن من تقرير "فينوغراد" (لجنة متخصصة في كيان العدو قامت بالتحقيق في نتائج الحرب) الكثير من جوانب الفشل، فيما يبقى الجانب السري وبشهادة العارفين بآلية التفكير الصهيونية أكثر قسوة وتعنيفا للمؤسسة العسكرية الصهيونية التي مرغ حزب الله أنفها بالتراب.

يرى الخبير العسكري والاستراتيجي العميد قاسم قنبر أن حرب تموز فرضت معادلة جديدة أوجدت من خلالها المقاومة ميزان ردع ضمنت به أمن لبنان بنسبة كبيرة جدا، حيث لم يقم العدو وعلى امتداد أكثر من عقد ونصف بشن أية غارة على أي هدف في لبنان بينما بقي يستبيح هذا البلد لسنوات طويلة قبل أن يشتد عود المقاومة.

وفي حديث خاص بموقع "العهد" الإخباري أشار قنبر إلى أن "المعادلة التي أرستها حرب تموز قيدت الآلة العسكرية الصهيونية بشكل كبير ولجمتها عن العدوان، ووأدت حروبا وهي لا تزال في مهد الفكرة، في الوقت الذي أسست فيه لانتصارات نوعية لمحور المقاومة كان آخرها معركة "سيف القدس" التي ما كان لها أن تكون بهذا الزخم لولا أن نصر تموز قد  قدم تجربة المقاومة اللبنانية على طبق من ذهب لشقيقتها الفلسطينية والنصر عدوى الفكرة فكيف إذا ترافق مع التنسيق المشترك وتقديم زبدة التكتيكات العسكرية والنفسية".

حرب تموز وتصدع الجبهة الداخلية في الكيان
 
وأضاف الخبير العسكري والاستراتيجي أن "حرب تموز ساهمت في تصدع الجبهة الداخلية الإسرائيلية وبات مستقبل القادة الصهاينة وشعبيتهم في الداخل مرهونًا بمدى نجاحهم في الانسحاب من مواجهة مباشرة مع المقاومة اللبنانية أولا والفلسطينية ثانياً وهي التي افترض العدو أنها قد تكون الساحة البديلة التي تسمح بالتنفيس فيها عن غله بعدما قطعت المقاومة رجله في لبنان قبل أن يفاجأ بأن غزة قد صارت لبنان ثانية "وكل ذلك بسبب عدوى التجربة اللبنانية التي حرص حزب الله بكل أمانة على نقلها إلى فلسطين المحتلة".

ولفت قنبر إلى أن تقرير "فينوغراد" بشأن لجنة التحقيق الخاصة التي أوكلت لها مهمة كشف الحقائق وتقييم الحرب ضد لبنان والمقاومة أشارت إلى أن حرب تموز شكلت "اخفاقا كبيراً وخطيرا" لكيان العدو وكشفت وجود " ثغرات خطيرة على أعلى المستويات الهرمية السياسية والعسكرية".

وشدد قنبر على أن المأزق الأكبر الذي يعاني منه القادة الصهاينة يتمثل في علمهم بتنامي قدرة المقاومة يوماً بعد آخر وهم عاجزون عن فعل أي شيء، ويشيعون لدى شعبهم في الأراضي المحتلة أن الغارات على سورية تمنع وصول السلاح النوعي إلى حزب الله، وهم بذلك يكذبون على أنفسهم ليس إلا فالقدرات التقنية الذاتية للمقاومة باتت غنية عن التعريف وما لا يعرفه العدو عن المقاومة أكثر بكثير مما يعرفه والمفاجآت التي تحدث عنها سماحة السيد في حرب تموز وترجمها رجاله الشجعان إلى حقيقة قد تكون في الحروب القادمة اكثر بكثير، خصوصاً وأن التوقعات تقول إن  السماء (مسيرات ودفاع جوي وغيرها) قد تكون ميدان هذه المفاجآت المقبلة فضلاً عن بقية الميادين الأخرى برا وبحراً.

ولفت الخبير العسكري والاستراتيجي إلى أن القوى الأمنية في الكيان الصهيوني تعيش حالة من العمى مع غياب بنك أهداف يمكن أن يشل حركة المقاومة في الساعات الأولى للحرب وهذا ما حصل في حرب تموز عندما استنفد العدو بنك أهدافه سريعاً ولجأ بعدها إلى استهداف المدنيين الأبرياء فعاقبته المقاومة بعدها كأحسن ما يكون العقاب.

الكيان وعقدة الزوال

الخبير العسكري والاستراتيجي أكد في حديثه لموقعنا أن "نتائج حرب تموز وضعت الكيان الصهيوني في دائرة الجدل مجدداً حول ما تبقى له من العمر لدرجة أن التنافس بين المرشحين على رئاسة الوزراء كان حول من يطيل عمر الكيان أكثر"، مشيراً إلى أن "الخطوة الأهم في هذا السياق بالنسبة للمؤسسة الأمنية والسياسية في الكيان الغاصب تتمثل في نزع سلاح المقاومة اللبنانية التي تشكل باعتراف الصهاينة أكبر خطر وجودي على دولتهم المحتلة".

وأشار قنبر إلى أن العدو "توصل إلى قناعة باستحالة نزع سلاح المقاومة بالقوة فلجأ إلى اسلوب إشعال الفتنة بين اللبنانيين وقد أعانه البعض على ذلك من حيث يدري أو لا يدري"، كما استغل تماهي بعض القوى السياسية في لبنان مع المشروع الأمريكي في المنطقة، وعمل كذلك على النفخ في جمر الفتنة المذهبية من خلال شيطنة المقاومة وتحويلها إلى حالة عصبوية، وقد تطوعت منابر كثيرة تولت السعودية تمويلها وفتح الفضائيات لها من أجل النيل من كرامة المقاومة التي أهانتهم حينما أهانت "إسرائيل" وأفشلت مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي نادت به وزيرة الخارجية الأمريكية في ذلك الوقت كوندوليزا رايس.

ونوه الخبير العسكري والاستراتيجي بحكمة المقاومة الإسلامية في لبنان التي تصرفت بتواضع المنتصر المترفع عن الدخول في الفتن، وتجاوزت الكثير من الأفخاخ التي نصبت لها لأن مشروعها هو مشروع بناء وطن بينما مشروع الطرف الآخر من أدعياء السيادة يتمثل في الارتهان للخارج والمشاغبة على المقاومة لجرها إلى مستنقع الفتنة وصولاً لنزع الشرعية عن سلاحها الشريف النظيف.

وختم قنبر حديثه لموقعنا بالقول إن "سلاح المقاومة هو الضمانة الكبرى لوحدة لبنان وسيادته واستقلاله وإن هذا السلاح الذي حرر الأرض وحقق النصر في تموز هو المعبر الوحيد ليحفظ لبنان ثرواته في مياهه الإقليمية والتي تقدر بمئات المليارات، وحرب تموز اعطت درساً بليغا للعدو بأن التفكير في الاعتداء على لبنان حماقة ما بعدها حماقة، وعليه فإن استعراض القوة الذي مارسته مسيرات المقاومة فوق حقل كاريش كان إحدى ثمار النصر في تموز والثمرة الكبرى ستكون استئصال هذا الكيان بشكل نهائي من فوق ثرى فلسطين وهو الموعد الذي قربته كثيراً نتائج الحرب في تموز.

حرب تموز 2006

إقرأ المزيد في: خاص العهد