معركة أولي البأس

خاص العهد

عشرة أعوام على قانون الأحزاب في سوريا: ماذا تغيّر؟
10/06/2022

عشرة أعوام على قانون الأحزاب في سوريا: ماذا تغيّر؟

محمد عيد

عشر سنوات تبدو كافية لإعطاء عملية تقييم أولي لتجربة الأحزاب المشكلة حديثاً في سوريا لا سيما وأن استحقاقات انتخابية كثيرة قد حصلت خلال هذا العقد الصعب الذي مر على البلاد وسمح بتقديم "خطاب جديد" من أحزاب جديدة لا تزال تحبو في عالم السياسة ويخشى القائمون عليها من تضييع فرصة "التغيير" الذي فرضه تسارع الأحداث في المنطقة عموماً وفي سوريا خصوصًا.

فبعد صدور قانون الأحزاب في العام 2012 وما تلاه، تأسس في سوريا ما يزيد عن عشرة أحزاب جديدة، الأمر الذي أتاح نوعًا جديدًا من التعددية السياسية خارج اطار الجبهة الوطنية التقدمية التي ضمت عشرة أحزاب قديمة قاد ائتلافها حزب البعث العربي الاشتراكي.

شروط التأسيس والتوجهات

يشير نائب الأمين العام لحزب الشباب الوطني للشؤون السياسية والإعلامية الدكتور خالد كعكوش  إلى أن هذه الاحزاب حصلت على تراخيصها بموجب القانون الجديد بعد عقد مؤتمراتها التأسيسية التي كان من شروطها تمثيل الحزب في سبع محافظات سوريّة كحد أدنى على أن لا يقل عدد المنتسبين عند التأسيس عن ألف منتسب.

ويلفت كعكوش في حديثه الخاص بموقع "العهد" الإخباري إلى إعلان غالبية الأحزاب المؤسسة حينها توجهًا سياسيًا داعيًا للاصلاح ومواجهة الفساد ورفع شعار المعارضة الوطنية تحت سقف الشرعية والحفاظ على المؤسسات ودعم الحرب على الارهاب واطلاق الحريات العامة واعلان الحوار السوري السوري دون اي تدخل من الخارج. بعض الأحزاب طرحت الفكر القومي العربي إلا ان الكثير منها لم يتبن الفكر القومي كحزب الشباب الوطني السوري الذي اكتفى بطرح تعزيز الهوية الوطنية السورية واعتماد المصالح المتبادلة نموذجًا للعلاقات بين الدول بعيدًا عن انتمائها القومي، مؤكدًا على تحرير الارض السورية من الجولان الى لواء اسكندرون المحتلين، ودعم القضية الفلسطينية على أساس أنها قضية مظلومية شعب وليس على أساس قومي.

عقدت الأحزاب الجديدة العديد من المؤتمرات للحوار في الداخل السوري، وهذا شكّل أمرًا غير مسبوق في الحياة السياسية السورية، حيث أتيح المجال للمعارضة الداخلية للعمل العلني في وسط العاصمة دمشق وبحضور وسائل اعلام رسمية.

كما شارك أغلبها في مؤتمرات الحوار الخارجية التي عقدت في موسكو واستانا وجنيف.
واختلف نشاط الأحزاب فيما بينها، فمنها من استطاع اثبات وجوده على الأرض ومنها من كان وجوده محدودًا، ومنها من لم يتمكن من اكمال مسيرة العمل لأسباب حزبية داخلية ومنها لخلافات داخلية.

ولفت نائب حزب الشباب الوطني إلى سعي الاحزاب منذ بداية عملها الى استقطاب السوريين "ونجحت  بنسب متفاوتة". وأصبح من المألوف قيام مؤتمرات تأسيسية للأحزاب وفروعها في المحافظات في مؤشر لانتشارها على مساحة الجغرافيا السورية.

من وحي التجربة

وفي حديثه لـ"العهد" يضيف كعكوش أن الهدف الرئيس في حزب الشباب الوطني السوري الذي انتمي إليه يتمثل في استقطاب فئة الشباب وهي الفئة التي تمثل غالبية السوريين فالمجتمع السوري يعد مجتمعاً شاباً: "كانت لدينا الرغبة في تأطير وقوننة عمل هؤلاء الشباب وحمايتهم من الالتحاق بالتطرف والارهاب كما سعينا الى نشر ثقافة معارضة الخطأ اياً كان مصدره، ودعم الشرعية والمؤسسات والحفاظ على الدولة السورية التي كنا وما زلنا نرى ان الهدف من الحرب على سورية كان تدميرها بالمطلق".

ويلفت كعكوش إلى أنه كما في أي دولة في العالم فإن الدور المنوط بالاحزاب هو اتاحة التعددية وتعزيز الديموقراطية ونشر ايديولوجيا سياسية مختلفة تؤثر ايجابًا في تطور البلاد،. مشيراً إلى أن هذا بالتحديد ما طرحته الاحزاب المؤسسة حديثًا حين عرضت لعناوين معارضة وطنية وأطلقت منصات داخلية للحوار الوطني السوري. وأعلنت تأييدها التام والمطلق للشرعية المتمثلة بشخص رئيس البلاد الدكتور بشار الاسد الذي شكل سعي أعداء سوريا لاسقاطه "هدفاً كبيراً"، فكان لهذه الاحزاب موقف واضح في دعم الرئيس الأسد في دورتين للانتخابات الرئاسية.

مشاركة ملحوظة وإنجاز متواضع

نائب أمين عام حزب الشباب الوطني لفت إلى مشاركة الأحزاب المكونة حديثاً في الحياة السياسية السورية بشكل ملحوظ حيث سعت للوصول الى المجالس البلدية ومجلس الشعب ومجلس الوزراء. وعلى الرغم من أنها لم تتمكن من تشكيل خرق واضح في تلك المجالس إلا أن مجرد المشاركة ووصول افراد قلائل لبعض المجالس كسر الاحتكار الذي كان قائماً سابقاً عليها، بحسب كعكوش، الذي اشار الى أن التحالفات بين بعض الأحزاب لم تنجح في تحقيق الخرق بسبب ضعف الخبرة السياسية وعدم وجود كتل شعبية كبيرة ضمن مؤيديها قادرة على منافسة الحزب الاقدم والاعرق في سورية وهو حزب البعث العربي الاشتراكي.

وفق كعكوش، لم تتمكن جميع الأحزاب الجديدة من ممارسة الدور الحزبي والسياسي المطلوب منها وكان لذلك أسباب كثيرة يمكن ذكر بعضها:

1- غياب ثقافة التعددية الحزبية خارج اطار الجبهة الوطنية التقدمية لفترة زمنية طويلة.
2- الحرب ومجرياتها التي أثرت بشكل سلبي على عمل الأحزاب وقدرتها على الاستقطاب والتعبير عن نفسها.
3- عدم وجود ايديولوجية واضحة سياسية أو اقتصادية لدى غالبية الاحزاب.
4- غياب التمويل الحكومي للأحزاب واقتصار التمويل على الاشتراكات الحزبية وتبرعات المنتسبين وهي مبالغ زهيدة.
5- غياب المنصات الاعلامية الكافية لتمكن الأحزاب من نشر أفكارها فهي شبه غائبة عن الاعلام الرسمي.
6- الحاجة الى تطوير وتحديث قانون الاحزاب والاستفادة من التجربة على كافة المقاييس لازالة العوائق التي تؤثر على عمل الاحزاب.

ويخلص نائب أمين عام حزب الشباب الوطني إلى أن "التجربة التعددية كانت مقبولة وليست مكتملة ولكن يمكن البناء عليها والتأسيس لحياة سياسية أكثر حرية وانفتاحًا وذلك عبر تطوير القوانين ومنها قانون الاحزاب وكذلك الامر عبر التطبيق التام والفعلي للمادة الثامنة من دستور العام 2012 الى حين اتفاق السوريين على تعديلات نهائية للدستور".

إقرأ المزيد في: خاص العهد