ابناؤك الاشداء

خاص العهد

بدءًا من الإثنين..لا معاملات في الإدارات العامة!
09/06/2022

بدءًا من الإثنين..لا معاملات في الإدارات العامة!

فاطمة سلامة

تبدو الإدارات العامة هذه الأيام في أسوأ حالاتها. أبسط المقوّمات لإنجاز المعاملات بالكاد تؤمّن ليوم واحد فقط في الأسبوع. ذلك اليوم سيُشطب أيضًا من القائمة، لتبدو الصورة كالآتي: بدءًا من الإثنين (13 حزيران) لا معاملات في الإدارات العامة بعد أن أعلنت رابطة موظفي الإدارة العامة الإضراب المفتوح. أوضاع الموظفين في حالة يُرثى لها وفق ما تقول رئيسة الرابطة نوال نصر لموقع "العهد" الإخباري. وعلى قاعدة "الخيار المر" تتحدّث نصر عن أوضاع صعبة جدًا يمر بها الموظفون الذين لم يعد يكفيهم راتبهم لشراء البنزين للذهاب 4 مرات فقط في الشهر الى عملهم. هذا ونحن لم نتحدث عن الحاجات الغذائية والاستشفائية والمسكن والأمور الحياتية الأخرى. 

ما تقوله نصر يكرّره عضو الهيئة الإدارية في الرابطة حسن وهبي لموقعنا. يتحدّث وهبي عن الحال الذي وصلت اليه الإدارات العامة فلا كهرباء ولا قرطاسية. ثمة إدارات غير قادرة على تأمين المازوت للمولّدات بسبب عدم وجود اعتمادات، ولا أموال لدفع الاشتراكات حتى باتت الإدارات تُدار على "العتم"، تمامًا كما لا يوجد قرطاسية لأن الدولة تُنجز المناقصات وفق سعر صرف  1515 ليرة للدولار الواحد، بينما المتعهد يريد "فريش" دولار. 

أوضاع 15 ألف موظف مزرية 

ويوضح وهبي أنّ ثمّة 15 ألف موظف في الإدارات العامة في الوزارات مقسّمين بين أُجراء (1500)، متعاقدين (3500)، و10 آلاف موظف في الملاك. هؤلاء باتت أوضاعهم مزرية جدًا خاصة بعد أن أتحفونا أنّ سعر صفيحة البنزين 645 ألفًا، وبالموازاة لا اعتمادات لبدل النقل التي توقّفت ولم نعد نتقاضاها منذ حوالى الشهر ليصبح مرسوم الـ 64 ألف لبدل النقل حبرًا على ورق. ماذا يعني ذلك؟ يعني أنّ الموظّف بات يدفع من جيبه بدلًا للنقل للذهاب الى عمله، واذا أراد أن يملأ سيارته 3 صفائح بنزين يتبخّر المعاش الشهري الذي يبلغ متوسطه مليونين و800 ألف ليرة حيث تتقاضى الشريحة الأكبر من الفئات هذا الراتب، هذا عدا عن المدارس والطبابة وغيرها. 

معاملات المواطنين ستتوقف

ويلفت وهبي الى أنّ الادارات بدءًا من الاثنين ستُقفل ومعاملات المواطنين ستتوقف. الموظفون كانوا يعملون نهار الأربعاء حصرًا لتسيير أمور الناس. نصف هذا النهار كان يمضي على وقع مشاكل مع الناس التي تعتقد أنّ الموظف لا يريد أن ينجز معاملاتها بسبب عدم وجود أوراق ومحابر. ويلفت وهبي الى أنّ الدولة منذ عام 2002 أخذت قرارًا بـ"مكننة" الدولة كلها ولا معاملات تُنجز باليد بل عبر الكمبيوتر، فكيف ستنجز هذه المعاملات بلا محابر ولا كمبيوترات ولا أوراق؟ يسأل وهبي الذي يوضح أنّ الدولة تضع الموظّف في وجه المواطن. 
 
وفيما يلفت وهبي الى أنه يفترض من الإثنين أن تقفل كافة الإدارات وتتوقف كافة المعاملات، يأمل من الموظفين جميعهم أن يكونوا تحت سقف الرابطة حفاظًا على مصالحهم. 
 
نصر: الرواتب لا تكفي لشراء ربطة الخبز لوجبة واحدة في النهار

تتوسّع نصر في الحديث عن أوضاع موظفي الإدارة العامة. تشدّد على أنّ مطالب الرابطة بديهية جدًا، وهي أقل مطالب تمكّن موظف الإدارة العامة من الاستمرار لتوفير حد أدنى للحياة الكريمة. توضح نصر أنّ مطالبنا تبدأ بتصحيح الأجور التي باتت صفرًا ولا تكفي لشراء ربطة الخبز لوجبة واحدة في النهار.

وتضيف نصر "بدأت إضراباتنا منذ أكثر من عام بعد مطالبات كثيرة وتواصل مع المعنيين كي لا نصل الى الإضراب وللأسف وصلنا الى هنا. الدولة بدأت بمساعدات على أساس إعطاء نصف راتب، تارة نأخذه وتارة لا نأخذه، فيما هو مشروط بالمداومة 3 أيام في العمل أسبوعيًا"، وهنا تسأل نصر: أي موظّف يكفيه الراتب 12 يومًا حضور في الشهر وهو يستدين ليذهب 5 أيام الى وظيفته؟. 

وتؤكّد نصر أنّ الموظف بات يعتاش "على الدّين" منذ أول الى آخر لحظة في حياته الوظيفية ويدفع راتبه بدل طريق، هذا عدا عن حاجات العائلة والغذاء والطبابة وسط انتشار فقر الدم لدى كثيرين، فيما بات الدخول الى المستشفى حلمًا لأي موظف. والمفارقة -بحسب نصر- أنّ هذا الموظّف يدفع واجباته الضريبية حتى آخر قرش، ويُلزم بعمل السخرة بدون لا وازع ولا ضمير.

مطالب الرابطة 

وفي معرض حديثها، تدرج نصر مطالب الرابطة بالآتي: 

- إعطاء بدل نقل حسب المسافات ليأخذ كل موظف حقه، اذ ثمة قطاعات تأخذ البنزين وتتاجر فيه

-تصحيح الرواتب بالقيمة التي خسرتها وهي في الأساس رواتب منخفضة جعلت الموظف يعيش من قلة الموت. نحن نعلم أن موظف الإدارة العامة بات يدفع ثمن كل شيء بالدولار وشريحة كبيرة من الموظفين لا يبلغ معاشها دولارًا واحدًا في اليوم، فيما الكثير من الرواتب تصحح عبر دفع جزء منها بالدولار والآخر بالليرة. وهنا تشدد نصر على أننا نريد تصحيح الأجور بما يتناسب مع انخفاض الرواتب ومؤشر الغلاء وقدرتنا على استمرارية عائلاتنا وعدم "البهدلة والاذلال".

- تصحيح التعويضات التي أخذها الموظف بعد عمر خدمة والتي باتت تساوي 3000 دولار، وهو مبلغ لا يكفي لعملية جراحية

-دعم المؤسسات الضامنة ليتمكن الموظف من الذهاب الى الطبيب

-تخفيض الدوام، فالدوام حتى الساعة الثالثة بات غير قابل للتطبيق بعد أن باتت العائلات مشردة

وفي معرض حديثها، تلفت نصر الى أن سلسلة الرتب والرواتب التي أعطيت "ضربت" 80 بالمئة من مدخول الموظفين لأنهم خسروا كل التعويضات والحوافز، ليصبح الراتب دون ما كانوا يتقاضونه. وتشدد على أنهم اتهموا موظفي الإدارة العامة بأنهم أوجدوا الانهيار في البلد، وهذا غير صحيح فكتلة الرواتب في الإدارة العامة بلغت 612 مليار ليرة، وفي العام نفسه كانت سلسلة كهرباء لبنان 1500 مليار ليرة أي أكثر من ضعفين.

الدولة تتعامل "بالقطعة"

وتأخذ نصر على الدولة تعاملها "بالقطعة" مع الادارة العامة، بينما ثمة الكثير من القطاعات أخذت تقديمات كبيرة. على سبيل المثال، "أوجيرو" التي تمت مضاعفة رواتب الموظفين فيها رغم أنها تبلغ عشرات الملايين، كذلك الأمر في "الجمارك". وهنا تسأل نصر: هل المطلوب القضاء على الإدارة العامة على حساب تعويم كل ما هو خاص؟. وفق قناعاتها، سواء كان الهدف هكذا أم لا فالنتيجة واحدة هي القضاء على الإدارة العامة.
وتلفت الى أنّ الهدف المعلن لما يحصل هو ترشيق القطاع العام أي تخفيض العديد،  وهذا الأمر لا يمكن تنفيذه في الإدارة العامة التي تتضمن شغورًا كبيرًا وتحتاج الى موظفين. بحسب نصر، عندما نريد أن نرشّق الإدارة يجب أن نرشّد الترشيق لأنهم بهذه الحالة يخسرون الطاقات الشبابية، والترشيق يجب أن يكون ضمن خطة إصلاحية تامة يُستغنى فيها عن الفاسدين بمفهوم إصلاحي وهذا لا يحصل. 

وصلنا الى "الماكسيموم" ولا تراجع عن الإضراب المفتوح

تؤكّد نصر أننا لم نعد قادرين على حمل الدولة بعد أن بات الموظف في القطاع العام والإدراة العامة بمثابة السلعة الأرخص غير القابلة للاستمرار. وصلنا الى "الماكسيموم" -تقول نصر- ولا تراجع عن الإضراب المفتوح. كنا نداوم يومًا واحدًا في الأسبوع لتيسير أمور المواطنين وحتى هذا اليوم لم نعد قادرين على تلبيته. 
 
وتلفت نصر الى أننا لم نصل الى خطوة الإضراب برضانا ونحن الحزين الأكبر في هذا الإضراب وأكثر المستائين إنما لا مفر منه، فمتوسط الرواتب لا يكفي لتأمين ذهاب الموظف 4 مرات شهريا الى العمل. وهنا تلفت المتحدثة الى أن الإدارة العامة هي القطاع الوحيد الذي يأتي موظفوه من آخر المحافظات ويتكبدون الخسائر دون بدل نقل 
بينما يتأمن للقطاعات الأخرى بدل نقل وغيره. 
 
وترى نصر أنّ المجتمع اللبناني وبكافة المؤسسات الدستورية المسؤولة عن الوطن لم يقم بدوره من الحكومة الى مجلس النواب والقضاء. برأيها، الجميع يتفرج. ولا تنسى نصر أن تناشد رجال الدين الذين "يتفرجون" على الخلل الفظيع، على حد تعبيرها. 

وتقول نصر "الدولة ليست مفلسة بل مهدورة ومنهوبة وموهوبة أموالها، وفي الحالات الثلاث الدولة مسؤولة عن معالجة هذا الأمر ما يساعد في تعويم الخزينة،  فلا أحد يتغاضى عن ضرورة المحاسبة واسترجاع الأموال".  

وفي الختام، تشدّد نصر على أنّ اضرابنا قسري أجبرنا عليه بعد أن طفح الكيل ولا مجال أبدًا للصبر الذي نفد.
 

إقرأ المزيد في: خاص العهد

خبر عاجل