خاص العهد
التطبيع التركي ـ الخليجي يعزل الإخوان المسلمين من الائتلاف السوري المعارض
دمشق ـ محمد عيد
بذريعة توحيد صفوف المعارضة السورية أقدم رئيس الإئتلاف السوري المعارض سالم المسلط على عزل ١٧ عضواً أغلبهم من جماعة الإخوان المسلمين، والغاء أربعة تكتلات ضمن الائتلاف السوري المعارض،
الخطوة وضعها المراقبون في سياق مساعي تركيا لتطبيع علاقاتها مع الدول العربية التي استقبلت الرئيس التركي مؤخراً، وهو إستقبال ما كان له أن يكون لولا تعهد هذا الأخير بوقف نشاط الإخوان المسلمين الذين اتخذوا من تركيا منطلقاً لفتح نيرانهم السياسية على من يخطب أردوغان ودهم اليوم، فيما كان للإخوان ضمن الإئتلاف السوري المعارض نصيب من تغير المزاج التركي المبني على المصلحة والانتهازبة أولا وأخيرا.
أنقرة تحجم الإئتلاف
خطوة رئيس الإئتلاف المعارض والمتمثلة في أربع تكتلات داخل الإئتلاف تبدو سياسية أكثر منها إدارية، وإن حاول المسلط الباسها هذا اللبوس وهي أبعد من مجرد خلافات ضمن التوازنات الداخلية للإئتلاف، لتصبح مرتبطة بالتحولات الإقليمية للسياسة التركية المعنية اليوم بالتقارب مع الامارات ومصر والسعودية، كما قامت أنقرة بإغلاق بعض مكاتب الائتلاف بذريعة خفض الميزانية المخصصة وحصر نشاط تنظيم الإخوان على أراضيها.
رئيس الإئتلاف المعارض برر قراراته بمعالجة الترهلات ضمن الائتلاف وانعدام فعاليته منذ سنوات، وانصياعا لرغبة البلدين اللذين يتنقل بينهما وهما تركيا وقطر في دمج ممثلين عن كيانات وتكتلات فعالة في مناطق سيطرة المجموعات المسلحة بما فيها المجالس المحلية والنقابات والمنظمات.
مصادر معارضة أكدت أن الإئتلاف المعارض بات عبئا على أنقرة التي شرعت في التخلي عنه وإسناد رعايته لما يسمى الحكومة المؤقتة، والتي يترأسها عبد الرحمن المصطفى وهو شخصية تركمانية مقربة من حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا.
الإئتلاف كبش فداء
الباحث السوري المختص في الشؤون الإسلامية حسام طالب أكد أن خطوة حكومة "العدالة والتنمية" بتحجيم دور الإخوان ضمن الإئتلاف المعارض لم تأت منفصلة عن الأحداث التي شهدها العالم العربي من مصر وصولاً لتونس والمغرب، والتي أدت إلى إسقاط حكومات الإخوان الموالية لتركيا، ولا ينفصل أيضاً عن رغبة أردوغان بالتقارب مع الدول الخليجية ومصر بعد سنوات من الحرب الإعلامية والقطيعة على كل المستويات.
وفي حديث خاص بموقع "العهد" الإخباري أشار طالب إلى أن سقوط الإخوان عربياً حجّم نفوذ تركيا حتى في ليبيا التي لازالت تشهد فوضى. وبدأ أردغان بالالتفاف ليعيد علاقاته مع دول عربية وضعها لسنوات على قوائم الدول المعادية لتركيا.
ولفت طالب إلى أن الاقتصاد التركي بحاجة للخليج أكثر بكثير من حاجة أردوغان للإخوان، والسياسة التركية بحاجة لمصر وسوريا أكثر من حاجتها للنفوذ والتمدد.
وأضاف طالب في حديثه لموقعنا إلى أن الأسابيع الماضية شهدت تسريبات من صحف مقربة من "العدالة والتنمية" عن لقاءات تركية سورية ومحاولة إيصال رسالة عن تبلور تفاهم بين الجانبين بالتزامن مع تحجيم دور إخوان سورية في الإئتلاف والتضييق عليهم إعلامياً، مع التأكيد على نفي سورية لهذه اللقاءات.
ومن خلال التجارب وما حدث مع إخوان مصر وقضية الخاشقجي لم يستبعد طالب تقديم إخوان سورية "كبش فداء" للحكومة السورية بغية التقارب مع حضور سورية بقوة وتأثيرها بالانتخابات التركية القادمة.
مع تأكيد دمشق على أن كل محاولات تركيا للتقارب مع سورية لايمكن أن تتم دون الانسحاب من الشمال السوري ووقف دعم الإرهاب .
العرب يشترطون على تركيا
ولفت الباحث المختص في الشؤون الإسلامية في حديثه لموقعنا إلى أن الموقف السوري مدعوم بقرار مصري بعدم عودة العلاقات مع تركيا بشكل كامل قبل الانسحاب من سورية، وموقف الإمارات الذي جعل بوابة الانفتاح الاقتصادي مع تركيا يتم عبر الأراضي السورية، والمفاجأة وفق طالب تمثلت فيما تسرب عن طلب المملكة العربية السعودية من أردوغان أثناء زيارته للمملكة التي لم تشهد توقيع اتفاقيات بالإنسحاب من الأراضي السورية.
كل هذه العوامل جعلت الموقف التركي ضعيفا في مقاومة الضغوط الداخلية بالاستمرار باستخدام الإخوان كورقة تمدد ونفوذ عربياً.
وختم طالب "سنشهد تطورات مهمة في الأيام القادمة تعيد الإخوان إلى ما قبل عقدين من الزمن"، مشيراً إلى أن إصلاحات المسلط تبدو محاولة اخيرة لإنقاذ إحدى أكبر التنظيمات المعارضة التي وفرت أسباب وجود الاحتلال العسكري التركي شمال سورية والذي دعمه كذلك تدفق المال القطري لهذه المجموعات الارهابية دون أن ينجح ذلك في إنعاش الإئتلاف الذي يبدو أنه قد دخل مرحلة الإنعاش.
محمد بن سلمانجمال خاشقجيرجب طيب أردوغان