خاص العهد
"مؤتمر بروكسل"..لإبقاء النازحين السوريين في "شتاتهم"
فاطمة سلامة
في كل مرة تجري فيها مقاربة أزمة النازحين السوريين، يسقط "القناع" عن وجه المجتمع الدولي. وما يُحضّر له في السر، يظهر في صفحات البيانات الغربية التي لم تخرج يوماً عن دائرة إبقاء النازحين حيث هم، في "شتاتهم"، ومنع عودتهم بشتى السبل، ويظهر في "فخ" الدعم المادي واستغلال الأوضاع المزرية التي يعيشها هؤلاء.
جردة سريعة لتاريخ المؤتمرات التي عُقدت على نية النازحين، تكشف تلك الدول على حقيقتها، وأجندتها التي يعلوها هدف "التوطين". فلا حرج في سبيل ذلك من تشغيل محركات التحريض، والتخويف من العودة. وربما تحفل مخيمات النازحين في لبنان بأحداث من هذا النوع. تبرز في هذا المجال عرسال نموذجاً، حين قام مسؤولون في المفوضية العليا لشؤون اللاجئين بممارسة أساليب الضغط والتخويف على السوريين المُقيمين في عرسال لثنيهم عن العودة، تماشياً مع مُخرجات المؤتمرات التي تحاكي الأجندة الأميركية والغربية.
وفي الوقت الذي نقارب فيه ملف النازحين من بوابة المؤتمرات التي تُعقد، وآخرها في "بروكسل"، ثمّة نقاط تستدعينا للوقوف عندها. نقاط واضحة كالشمس لا يمكن حجبها بالغربال ويبدو معها اللامنطق واضحاً. مؤتمر "بروكسل" الأخير لا يخرج عن ديدن المؤتمرات الدولية التي عرضت أزمة النازحين، فزادتها تعقيداً بدل أن تعمل على حلها. وهو الأمر الذي يتناوله مسؤول ملف النازحين في حزب الله النائب السابق نوار الساحلي بالإشارة الى اعتلال هذا المؤتمر في الشكل والمضمون. فمن ناحية الشكل، يُسجّل ملاحظاته سائلاً: كيف يمكن لمؤتمر يُعنى بشأن النازحين السوريين أن يستبعد الدولة المعنية الأولى في هذا الملف سوريا؟ ومن ناحية الشكل يستغرب الساحلي تركيبة الوفد اللبناني، وإبعاد وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب من القائمة، بينما المنطق يفرض أن يكون أول الحاضرين، ما يدفعنا الى الاستنتاج بأن الشكل يشوبه الكثير من العيوب، وأنّ أصل الموضوع بُني على خطأ.
أما من ناحية المضمون، فيُشدّد الساحلي على أنّ النقاش الأساسي يجب أن يكون حول كيفية إعادة النازحين الى سوريا، وتسهيل هذا الأمر، ودعمه بالوسائل المادية بدلاً من ضخ الأموال لإبقاء النازحين في أماكن تواجدهم. وفق المتحدّث فإنّ المجتمع الدولي لا يعمل على إعادة النازحين، فهو يربط العودة بالحل السياسي الذي تعمل أكثرية الدول الحاضرة في مؤتمر "بروكسل" على عرقلته. باختصار، يقول الساحلي، فإنّ المؤتمر كان لإبعاد النازحين والعمل ضد مصلحة لبنان وليس العكس.
السفير السوري.. المؤتمر يرفع الشعارات ويفعل عكسها
السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي يعرض وجهة نظره في المؤتمر، فيشدّد على أنه حلقة مستمرة للسياسة الغربية التي قادت الحرب العدوانية على سوريا وحاولت الاستثمار في الإرهاب، وصنعت أزمة اللاجئين داخل سوريا وخارجها. يؤكد علي أن المؤتمر يشكّل محاولة فاشلة لتعويض بعض الخسائر، فالأميركي والغربي ومن يلف لفهما أدركوا أن العدوان لم ولن يصل الى النتائج المرجوة، بعدما صمدت سوريا وانتصرت بثبات شعبها وكفاءة جيشها ورؤية قيادتها وتعاون حلفائها.
ويرى السفير السوري أنه لو كان قصد المؤتمر وهدفه فعلاً حل أزمة النازحين، فإنّ سوريا يجب أن تكون المدعوة الأولى اليه، إلا أن ذلك لم يحصل، لأن القصد في مكان آخر تماماً ويتمثل بالعمل على إضعاف الدولة السورية بدل رفع الحصار الاقتصادي والعقوبات عنها، ومساعدتها في استيعاب جميع أبنائها بعد أن سهّلت القيادة طريق العودة، وقدّمت التسهيلات الكبيرة لحل مشكلاتهم وإقناعهم، لكن حتماً فإن العودة لا ترق للأميركي وأمثاله.
يؤكّد علي أن المؤتمر يشكل حلقة في تعمية الحقائق واستمرار التضليل، وتسمية الأمور في غير أسمائها. إنه محطة تخدم النمط التدميري الساعي للقضاء على المنطقة والعالم، إلا أن سوريا انتصرت عليه وصمدت، وأفشلت رهاناته، ليكون النجاح حليفها.
يختم علي كلامه بالقول: "بكل أسف، فإن المؤتمر يرفع الشعارات ويفعل عكسها".