خاص العهد
دمشق: لن نفاوض أنقرة من دون ثمن مسبق
محمد عيد
قاسياً كان رد بيان الخارجية السورية على مزاعم أنقرة بحصول تواصل بينها وبين دمشق التي تدرك رغبة حكومة العدالة والتنمية في توظيف هذه المزاعم قبيل انتخابات يتوجس منها الحزب الحاكم لتركيا، فأسرعت لقطع الطريق عليه وهي التي تحمله جل أوزار العدوان على سورية.
فلماذا ردت دمشق بهذا السقف المرتفع ؟ وما هي شروطها للتفاوض مع حكام أنقرة ؟
وهل تريد أن تكون ناخبا ضد حزب أردوغان في الانتخابات التركية القادمة؟
لن نمنح شرعية للمحتل
يؤكد الدكتور أسامة دنورة عضو الوفد السوري إلى مباحثات جنيف أن بيان الخارجية السورية أتى لكي يقطع على نظام اردوغان محاولته للايحاء بوجود تواصل وتعاون امني بين الجانبين، وكان من اللافت تزامن النفي السوري مع نفي عراقي لما صرح به الاتراك ايضاً عن وجود تنسيق حول العملية التي يقوم بها جيش العدوان التركي في شمال العراق.
وفي حديث خاص بموقع "العهد" الإخباري أشار دنورة إلى أن "نظام أردوغان يهدف من هذه التصريحات الى اصابة عدة اهداف من رمية واحدة، فهو عندما يتحدث عن "الارهاب" بالمفهوم التركي، فهو لا يعني بالتأكيد ربيبتيه "النصرة" و"داعش"، فالارهاب في القاموس التركي يعني "وحدات حماية الشعب"، والـ pkk، وتالياً "قسد" بالتعدي، فأحد اهداف اردوغان هو الايحاء بوجود تعاون سوري وعراقي مع نظامه ضد الاكراد، الامر الذي سبق لسورية ان نفته اكثر من مرة، فسورية تعتبر (وعن حق) ان نظام اردوغان اكبر داعم وحامي للارهاب في العالم اليوم، فضلاً عن كونه محتلاً لأجزاء من الاراضي السورية، من هنا ليس وارداً ان تتعاون سورية مع عدو يحتل ارضها وينتهك سيادتها حتى لو افترضنا وجود عداء مشترك تجاه طرف ثالث، فالتعاون مع نظام اردوغان ضد اي طرف، وان كان ميليشاوياً أو غير شرعي، يعني فيما يعنيه منح شرعية للتواجد التركي الاحتلالي على الارض السورية بذريعة مساهمته بمحاربة الارهاب، وهو الامر المرفوض جملة وتفصيلاً، وقد سبق لوزير الخارجية السوري الراحل وليد المعلم ان نفى امكانية حدوث مثل هذا التعاون بأي صورة من الصور".
الانتخابات هاجس أردوغان
ويلفت عضو الوفد السوري لمفاوضات جنيف حديثه لموقعنا إلى أن "الهدف الثاني لنظام اردوغان هو ارسال رسالة للداخل والرأي العام التركيين مع اقتراب الانتخابات، فالحديث عن "تنسيق" مزعوم في مسألة اللاجئين و"مكافحة الارهاب" يعني فيما يعنيه ان النظام التركي يريد ان يوحي انه بصدد ايجاد حل لاكبر مأزقين يعاني منهما نظامه من منظور الرأي العام، الا وهما التورط في حرب غير معلنة في مناطق الشمال الشرقي السوري، وأخرى متوقفة مؤقتاً في الشمال الغربي، اما المأزق الآخر فيتعلق بمسألة اللاجئين التي سبق ان تسببت لاردوغان في خسارة اهم معاقل نفوذه الحزبي تاريخياً في "استانبول"، يترافق ذلك مع تراجع اقتصادي تركي ملحوظ، ومع تقلص شعبية الشريك الوحيد لاردوغان، حزب الحركة القومية/ دولت بهتشلي، الى حدود دنيا".
ويختم دنورة "في خلاصة الامر، اردوغان لن يُسمح له بالعودة الى "تصفير المشاكل" دون "تصفير النفوذ" الذي حققه في عدد من الساحات العربية عبر دعمه للارهاب، ولن يحظى برفاهية التعاون الامني مع الدول التي اعتدى عليها، وفي طليعتها سورية، الا عبر تفكيك وسحب سياسات العدوان والاحتلال ودعم الارهاب، فحسب طبيعة الاشياء، ووفق ما اكدته دروس التاريخ، الأمن للدول الجارة اما ان يكون جماعياً ومشتركاً ومتبادلاً، أو لا يكون...".