خاص العهد
تقدير موقف – اليوم 44: ماذا بعد السيطرة على مدينة ماريوبول؟
عمر معربوني | كاتب وباحث في الشؤون العسكرية
مواضيع العرض: المفاوضات الروسيّة الأوكرانيّة إلى طريق مسدود – ماذا بعد السيطرة على مدينة ماريوبول؟
أولًا: المفاوضات الروسيّة الأوكرانيّة الى طريق مسدود
على الرغم من ابداء الجانبين الروسي والأوكراني الرغبة في استمرار المفاوضات إلاّ أنّ ما يتم تبادله من اتهامات حول حتى أصغر التفاصيل لا ينبئ بوصول المفاوضات إلى نهاية إيجابية أقلّه في المدى المنظور، وهو ما يعني استمرار العمليات العسكرية، خصوصاً أنّ الرئيس الأوكراني زيلنسكي رفع سقف هجومه على روسيا بالتزامن مع تراجع واضح عمّا ورد في الورقة الأوكرانية بما يرتبط بالضمانات وشبه جزيرة القرم وإقليم الدونباس، وهو ما أكّده وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وما أعلنه أمس الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أنّ أهداف روسيا ستتحقق في الأيام القادمة إمّا عبر المفاوضات أو عبر الحسم العسكري، وفي كلامه إشارة واضحة عبر هزّ العصا للقيادة الأوكرانية بضرورة التفكير الجدي باعتماد مسار إيجابي والتخلّي عن الإعتماد على الغرب.
تشدّد القيادة الأوكرانية جاء بعد سلسلة من التصريحات الغربيّة على رأسها تصريح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي قال بوضوح إنّ "أميركا ستزوّد الجيش الأوكراني بحوالي 15 ألف صاروخ جافلين"، أي ما نسبته عشر صواريخ لكلّ دبابة روسية موجودة في أوكرانيا، وهو الكلام الحرفي الذي صرّح به بلينكن، إضافة إلى تزويد الجيش الأوكراني بـ 100 طائرة انتحارية مضادة للأفراد والدروع من طراز "سويتش بليد" يمكنها استهداف تجمّعات الجنود الروس والدبابات على مسافة 10 كلم لطراز "سويتش بليد 300" وعلى مسافة 30 كلم لطراز "سويتش بليد 600".
بالإضافة إلى النوايا الأميركية بتزويد أوكرانيا بأعداد هائلة من الأسلحة المضادّة للدروع تعمل تشيكيا وسلوفاكيا في الإتجاه نفسه، وكذلك ألمانيا وبولندا ما يعني أنّ القرار الغربي بعدم السماح لروسيا بتحقيق النصر تتم ترجمته في كلّ الإتجاهات، وهو ما سيأخذ الأمور نحو مزيد من التصعيد قد يضطر روسيا إلى تغيير استراتيجيتها المعتمدة حالياً والمتمثلة بالإعتماد على الأسلحة الدقيقة وعدد قليل من الجنود واستبدالها باستراتيجة الأرض المحروقة سواء في المناطق المفتوحة أو في المناطق الحضرية.
ثانيًا: ماذا بعد السيطرة على مدينة ماريوبول؟
استناداً إلى ما ورد أعلاه، يبدو لنا نموذج ماريوبول شديد الوضوح والذي تحاول روسيا من خلاله أن تبعث برسالة في كلّ الإتجاهات أنّه في حال لم تصل المفاوضات إلى نتائج إيجابيّة توقف الحرب فإنّ مصير المدن والبلدات الأوكرانية سيكون مشابهاً لمصير مدينة ماريوبول التي أصبحت شبه مدمّرة.
على المستوى الميداني، يمكن اعتبار معارك مدينة ماريوبول منتهية باستثناء منطقة معامل آزوف التي يتمركز فيها ما تبقّى من عناصر الجيش الأوكراني والجماعات المتطرفة، علماً أنّ حوالي 800 جندي أوكراني سلّموا أنفسهم للوحدات الروسية منذ بدء العملية العسكرية في أوكرانيا.
بالسيطرة على ماريوبول ستبسط الوحدات الروسية سيطرتها على كامل شاطيء بحر آزوف والذي من المؤكد أنّه سيصبح بحراً داخلياً بعد فقدان أوكرانيا المشاركة بشواطئه.
في حال لم تصل المفاوضات إلى نتيجة إيجابية، فمن المتوقع أن يكون زخم العمليات هذه المرة إضافة إلى التركيز على إقليم الدونباس بتوجيه العمليات نحو اوديسا ومناطق جنوب اوديسا حتى آخر نقطة ضمن أوكرانيا على الحدود مع مولدوفيا لحرمان أوكرانيا من أيّ واجهة بحرية على العالم وبنفس الوقت إحداث الربط مع الإقليم الروسي في مولدوفيا.
خلاصة: بالنظر إلى تطور الأحداث وتسارعها باتجاه التصعيد ولأنّ أميركا تحديداً لن تسمح لروسيا بتحقيق الحد الأدنى من أهدافها فالتوقّعات تتجه إلى مواجهة أكثر حماوة ستشتد في إقليم الدونباس ولكنها لن تقف عند حدوده.