معركة أولي البأس

خاص العهد

تقدير موقف لعمليّات الجيش الروسي – اليوم 37
01/04/2022

تقدير موقف لعمليّات الجيش الروسي – اليوم 37

عمر معربوني | كاتب وباحث في الشؤون العسكريّة
 
مواضيع العرض: وضعيّة الجبهات (كييف – إقليم الدونباس)

أولًا: وضعيّة الجبهات

1. جبهة كييف

لا تزال الوحدات الروسيّة على جبهة كييف تنفّذ إعادة تموضع بشكلٍ تدريجي رغم أنّ وسائل الإعلام الأوكرانية والغربيّة تقول إنّ إعادة التموضع تأتي بنتيجة الهجمات المرتدّة للقوات الأوكرانية وهو أمر يخالف أبسط قواعد العلوم العسكريّة عندما نقوم بإجراء مقاربة بسيطة لطبيعة المعركة ونتائجها على المستويين العسكري والسياسي.

-    على المستوى العسكري
ان ما حصل من إعادة هيكلة لوحدات الجيش الأوكراني قبل فترة طويلة من العمليّة العسكريّة الروسيّة لجهة تحويل الجيش الأوكراني إلى كتائب مستقلة تعمل بأمرة وحدات الدفاع الإقليمي الأوكرانية لا يسمح لهذه الكتائب من تنظيم عمليات مرتدّة  بمستوى يتجاوز العمليات الدفاعية عن البقعة المولجة بالدفاع عنها خصوصًا أنّ هذه الكتائب خسرت أكثر من 70% من الدبابات والمدرعات والمدفعية وراجمات الصواريخ سواء التي تعمل ضمن هيكلية الكتائب نفسها أو تلك التي تقدّم الدعم الناري والموضوعة بأمرة المناطق العسكريّة التي فقدت القدرة على تنفيذ عمليات الدعم الناري المتحرّكة بعد اعتماد نظام الإطلاق الفردي وليس ضمن البطاريات والكتائب المدفعية والصاروخيّة ناهيك طبعًا عن افتقاد الكتائب الأوكرانيّة ميزة الحركة وقدرة الصدم بالمدرّعات التي دُمّرت أو تفتقد إلى الذخيرة أو الوقود بسبب اعتماد الجيش الروسي لنمط تقطيع الأوصال والإستهداف المتواصل لمستودعات الذخيرة والوقود.

-    على المستوى السياسي
ليس سرّاً ما أُعلن عن تقديم القيادة الأوكرانيّة لحزمة تعهّدات خطيّة خلال المفاوضات التي جرت في تركيا والتي تتضمّن الموافقة على مجموعة من الطلبات الروسيّة وهي طلبات ذات طابع استراتيجي تتعلّق بحياد أوكرانيا وعدم انضمامها إلى حلف الناتو وعدم السعي للحصول على أسلحة نوويّة.

وانطلاقاً من هذه التعهّدات يبرز السؤال الأساس والمهم: "كيف للقيادة الأوكرانية أن تُقدم على تقديم هذه التعهدات الإستراتيجية لو أنّ قواتها العسكريّة في حالة جيدة، وتمتلك القدرة على إجبار الوحدات الروسيّة على التراجع القسري وخصوصاً عند جبهة العاصمة كييف لما تشكّله من أهمية على المستويين السياسي والعسكري؟".

وحتى نكون واقعيين لا بدّ من الإعتراف أنّ حجم الوحدات الروسيّة المشاركة في العمليّة العسكريّة والذي لا يتجاوز 140 ألف جندي بينهم حوالي 30 ألف من الوحدات الإداريّة المختلفة لا يكفي لتنفيذ العمليات على الجبهات الشمالية والشرقية والجنوبية وخصوصاً أنّ العمليات تجري على مساحات واسعة جدًّا، مقابل العديد الكبير للجيش الأوكراني الذي يعادل 3 إلى واحد، هذا دون أن نحسب وحدات الحرس الوطني والجماعات المتطرفة.

أمام هذه الوضعية يبرز السؤال المهم: "هل أخطأت القيادة الروسية في حساباتها؟".

ان الجواب على هذا السؤال يتطلّب تقييمًا واسعًا ودقيقًا للإستراتيجية التي اعتمدتها القيادة الروسية لإحداث الصدمة والترويع بواسطة الأسلحة الدقيقة والعدد القليل من الجنود وهو ما كان يتم عادة عبر نمط الأرض المحروقة والجحافل العسكرية.

بمعزل عن تقييم هذه المسألة فإننا كمراقبين نُدرك الآن أن إعادة التموضع الروسية تتم كبديل عن الحشد الإضافي للوحدات الروسية من الداخل الروسي لأسباب سياسيّة داخليّة روسيّة.

من المؤكد أنّ إعادة التموضع التي تحصل على محاور جبهة كييف تهدف إلى إعادة تجميع الوحدات على محاور جبهة إقليم الدونباس لإنجاز الهدف الأساس من أهداف روسيا وهو تحرير الإقليم بشكل كامل والوصول إلى الحدود الإدارية للإقليم، علمًا أنّ المعركة الرئيسة ستحصل على محاور جبهة جمهورية الدونييتسك التي لا تزال نصف أراضيها تحت سيطرة القوات الأوكرانية في حين أن 90% من أراضي جمهورية لوغانسك باتت محرّرة.

أن إعادة تجميع الوحدات الروسية يعني إعادة تجميعها ومن ثمّ زجها مجدّدًا في القتال، وهذا يعني أنّه على القوات المُجّمعة أن تقطع مسافة حوالي 500 كلم للإنضمام إلى الوحدات التي تقاتل على محاور إقليم الدونباس وهو ما يحتاج في الحد الأدنى إلى ثلاثة أيام منذ لحظة إعلان القيادة الروسيّة تجميد العمليات على جبهتي تشيرنيغوف وكييف.

اذن، وانطلاقاً من الوقائع الجديدة، يبدو أن القيادة الروسيّة تعيد جدولة مهام وحدات الجيش الروسي حسب الأولويات وعلى رأسها تحرير إقليم الدونباس ومن ثم المتابعة لتحقيق باقي الأهداف.

اوكرانيا

إقرأ المزيد في: خاص العهد

خبر عاجل