خاص العهد
في الأرض المحروقة.. اليمن يأكل مما يزرع رغم العدوان
سراء جمال الشهاري
في البلدة الطيبة وأرض الجنتين تعتبر الزراعة مرتكزًا أساسيًا منذ القدم، وأسلوب حياة قامت عليه حضارات اليمن وتاريخه. فاليمن يتميز بخصوبة تربته وتنوع مناخه وتضاريسه، وتركيبته المحصولية. وما تزال الزراعة إلى اليوم ركنًا أساسيًا في الاقتصاد الوطني، ولها دور استراتيجي في تحقيق الأمن الغذائي لشعب الايمان في مختلف المحاصيل الأساسية من حبوبٍ وخُضرٍ وفاكهة، ويعتمد عليها ٧٣% من اجمالي السكان في معيشتهم بشكل مباشر وغير مباشر، وهي مصدر دخل رئيسي لـ ٥٢% من اجمالي القوى العاملة، بل إن الزراعة في اليمن تحتل المرتبة الثانية في الاقتصاد الوطني بعد النفط.
ولأن العدوان الأمريكي السعودي سعى لتدمير كل أشكال الحياة، كان القطاع الزراعي في مرمى أهدافه منذ الأسابيع الأولى، فقد أغار على سوق باقم للمنتجات الزراعية بمحافظة صعدة بتاريخ 7/4/2015،
وبلغ اجمالي الأراضي الزراعية المحترقة بنيران العدوان منذ بدايته وإلى اليوم ٧٨٣,٦٩٠ أرضًا زراعية، كما استهدف ٨٢,٥١٩ طن من المحاصيل الزراعية المختلفة، ناهيك عن استهداف المنشآت والجمعيات الزراعية، والمحميات والبيوت الزراعية، والآليات والمعدات، وشبكات وقنوات الري وغير ذلك الكثير والكثير.
يتحدث مدير عام الإحصاء الزراعي بوزارة الزراعة والري بحكومة الانقاذ الوطني وعضو اللجنة الزراعية والسمكية العليا الأستاذ كمال شمسان، في تصريحٍ خاصٍ لموقع "العهد" الإخباري عن "تأثر القطاع الزراعي بشكل كبير جراء العدوان، حيث ضرب العدوان المزارع بشكلٍ مباشر، واستهدف المزارع الانتاجية، والبنية التحتية للقطاع الزراعي بشكل عام. كذلك تأثر القطاع بشكل غير مباشر من انعدام المحروقات، واغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية أمام المنتجات الزراعية، سواء كانت صادرات أو واردات".
اليمن يزرع رغم العدوان
رغم كل هذا التدمير الممنهج للزراعة، إلا أن اليمن قيادةً وشعبًا يخطو خطوات متقدمة في المجال الزراعي، لم يسبق لها سابقة في حكومات ما قبل ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر. وبدأت الزراعة تتنامى منذ عام ٢٠١٦، حين أطلق الرئيس الشهيد الصماد حملة "يدٌ تبني ويدٌ تحمي". بل إن العملية الانتاجية في تطورٍ مستدام رغم كل الصعوبات التي يخلقها العدوان والحصار.
وصلت مساحة محاصيل الحبوب الزراعية في آخر احصائيات وزارة الزراعة لعام ٢٠٢٠ إلى ٥٥٤,٦٨٧ هكتار، ومساحة الخضراوات لذات العام كانت ٧١,٠٠٢ هكتار، والبقوليات ٥٠,٥٥٩ هكتار، والفاكهة ٩٣,٤٢١ هكتار، والمحاصيل النقدية ٧٢,٦٤٤ هكتار.
يشير شمسان الى أنه "خلال هذه الفترة استطاع الشعب اليمني ايجاد البدائل للحيلولة دون توقف الزراعة في البلد، فمثلاً اتجه المزارع إلى استخدام الطاقة الشمسية والتي ساهمت في تقليل الكلفة عليه، عوضًا عن المحروقات التي تخضع لحصار العدوان. كما أن القطاع الزراعي حاول الاعتماد على العمل المجتمعي بشكل عام، وواكبه بتحركاتٍ حثيثة من وزارة الزراعة والري ومن اللجنة الزراعية والسمكية العليا، وأيضًا بتغطية قوية من الجهات الرسمية ومن القيادة الثورية. والحمد لله استطاع القطاع الزراعي أن يستعيد عافيته ولو جزئيًا، وإن شاء الله مع الأيام ومع الجهود المبذولة سنستطيع أن نحقق الاكتفاء الذاتي في جميع المحاصيل".
وأكد شمسان أنه في هذه المرحلة هناك توجهٌ رسميٌّ وشعبي للاهتمام بمحاصيل الحبوب خاصةً، حيث بلغت نسبة المساحة الزراعية لمحاصيل الحبوب 48% من اجمالي المساحة المزروعة في المحافظات الحرة لعام ٢٠٢٠.
بحسب شمسان "بدأنا نخطو نحو الاكتفاء من محاصيل الحبوب، وهناك توجهات من القيادة الثورية واللجنة الزراعية العليا للتركيز على زراعة الحبوب وعلى رأسها القمح وخصوصًا في محافظة الجوف، حيث إن الجوف أرض خصبة وواعدة بالانتاج الزراعي. والعمل المجتمعي والرسمي متجهٌ نحو زراعة القمح في المناطق الملائمة لزراعته كالقيعان الموجودة في اليمن وبالأخص كما ذكرنا محافظة الجوف فالانتاج فيها غزير، والانتاجية مرتفعة".
في سياق متصل، يلفت عضو اللجنة الزراعية والسمكية العليا الى بعض الصعوبات التي تواجه زراعة القمح والحبوب بشكل عام: "محاصيل الحبوب في اليمن هي محاصيل تعتمد على الزراعة المطرية، والزراعة المطرية كما تعلمون موسمية، وتوجد منافسة لمحاصيل الحبوب من محاصيل أخرى كالقات، لكن إن شاء الله هناك عمل جاد من قيادة الزراعة للتغلب على هذه التحديات".
ويؤكد شمسان لموقع "العهد": "الحمد لله نحن الآن مكتفون من محاصيل الخضار والفاكهة وهناك تحرك من الوزارة والقيادة العليا للاهتمام بمحصول البن، وتم حاليًا زراعة مساحة كبيرة من محصول البن، وأصبح هناك تحسن في أسعاره على المستوى المحلي والمستوى الدولي، كما أن هناك توجهات لتصدير البن رغم العوائق التي يواجهها المزارعون والمسوقون والمصدرون لمحاصيل البن والمحاصيل الأخرى".
ويختم شمسان مقابلته مع "العهد": "سنعمل إن شاء الله جاهدين مع القيادة السياسية والقيادة الثورية وشعب الايمان على تحقيق الاكتفاء الذاتي في جميع المحاصيل الزراعية".