خاص العهد
باسل الأعرج الذي " عاش نيصاً... وقاتل كالبرغوث"
مصطفى عواضة
خمس سنوات مرّت على استشهاد "المثقّف المشتبك" باسل الأعرج، الذي تحوّل إلى أيقونة نادرة ألهمت كلّ الشباب الفلسطيني المقاوم.
عرف الأعرج بثقافته الواسعة التي كرّسها لمقاومة الاحتلال بكلّ الأشكال، بحسب ما روى والده في مقابلة مع موقع "العهد" الإخباري، وكان من الدّاعين إلى مقاطعة المحتل في الداخل والخارج، كما نشط في المقاومة الشعبية، حيث تقدّم صفوف المسيرات الشعبية الرافضة للاستيطان الذي أخذ يتوسّع بقريته منذ الصغر.
وقال والد الشهيد الأعرج إنّ نجله كان قد عمل خلال السنوات الثّلاث الأخيرة في مشروع توثيق محطّات الثورة الفلسطينية منذ ثورة عام 1936 وصولًا إلى انتفاضة الأقصى عام 2000، وأطلق لهذا الغرض رحلات ميدانية استهدفت زيارة المناطق التي وقعت فيها العمليات والمعارك الفدائية، مثل موقع عملية زقاق الموت التي نفّذها ثلاثة من حركة الجهاد الإسلامي في الخليل عام 2002، ومعركة الولجة في بيت لحم، ونموذج ريف جنين في جدوى المقاومة.
ونقل الحاج ابو سعيد الأعرج لموقعنا، أنّ ولده الشهيد حرص على تنظيم ندوات تثقيفيّة في عدد من محافظات الضفّة، كما نشط في "دائرة سليمان الحلبي" التي كانت تنظّم محاضرات وطنيّة وتاريخيّة، وتناقش موضوعات تخصّ الفكر المقاوم. كذلك، كان يحرص على أن يكتب باستمرار في عدّة مواقع فلسطينيّة عدداً من المقالات المتنوّعة، التي تتمحور حول مواجهة الاحتلال، ومن بينها مقالة تعكس شخصيته كباحث ومؤرخٍ، عنوَنها بـ"عش نيصاً... وقاتل كالبرغوث".
يقول والد الشهيد الأعرج أنّ أوّل ظهور ساطع لنجله كان في المظاهرات الاحتجاجيّة على زيارة كانت مقرّرة لوزير الأمن الصهيوني السابق شاؤول موفاز، خلال عام 2012 إلى الضفّة، وتعرّض للضّرب آنذاك على يد الأمن، كما نشط في حملات مقاطعة الاحتلال.
ويُضيف "في نيسان/أبريل من العام 2016 أعلن عن اختفاء الأعرج وعدد آخر من الشبّان، عرفت قضيّتهم آنذاك باسم "الشبّان الخمسة"، والذين اعتقلوا لدى السّلطة الفلسطينيّة عدّة أشهر، كان أحدهم باسل الأعرج، وقد وجّهت السّلطة تهمًا لهم، بمحاولة "تنفيذ عمليات فدائيّة" ضدّ الاحتلال "الإسرائيلي"، وتُهم أُخرى منها "حيازة السّلاح غير الشرعي".
ويُشير إلى أنّه "بعدما أطلقت السّلطة سراحه من سجن "بيتونيا" في رام الله، بدأت سلطات الاحتلال تطارد الأعرج الذي وصفه جهاز المخابرات الصهيوني عام 2016 بأحد أبرز قادة الحراك الشبابي الفلسطيني بعدما صنّف هذا الحراك تنظيمًا إرهابيا".
تجدر الإشارة إلى أنّ الأعرج استشهد يوم 6 آذار/ مارس2017 عندما اقتحمت قوّة صهيونيّة خاصّة منزلاً تحصّن به في مدينة البيرة قرب رام الله بالضفّة الغربيّة المحتلة، مشتبكًا مع قوات الاحتلال لمدّة ساعتين، وبعد نفاد ذخيرته، اقتحمت قوات الاحتلال المنزل الذي كان يتحصّن فيه وقتلته واختطفت جثمانه.
من وصيّته: "لكم من الصّعب أن تكتب وصيتك، ومنذ سنين انقضت وأنا أتأمّل كلّ وصايا الشهداء التي كتبوها، لطالما حيّرتني تلك الوصايا، مختصرة سريعة مختزلة فاقدة للبلاغة ولا تشفي غليلنا في البحث عن أسئلة الشهادة.. وأنا الآن أسير إلى حتفي راضيًا مقتنعًا وجدت أجوبتي، يا ويلي ما أحمقني! وهل هناك أبلغ وأفصح من فعل الشهيد.
وكان من المفروض أن أكتب هذا قبل شهورٍ طويلة، إلّا أنّ ما أقعدني عن هذا هو أنّ هذا سؤالكم أنتم الأحياء، فلماذا أجيب أنا عنكم، فلتبحثوا أنتم... أمّا نحن أهل القبور فلا نبحث إلّا عن رحمة الله".