معركة أولي البأس

خاص العهد

هل يكون كانون الثاني القادم شهر الغضب الشعبي في تونس؟
13/12/2018

هل يكون كانون الثاني القادم شهر الغضب الشعبي في تونس؟

تونس – روعة قاسم

يعيش التونسيون على وقع الاحتجاجات اليومية ضد الحكومة في مختلف القطاعات، وسط تصاعد الغضب الشعبي ازاء استفحال الأزمة الاقتصادية والانقسام السياسي والوضع الاجتماعي .. ويرى البعض أن الطبقة السياسية اليوم سواء في الحكم او المعارضة دخلت في آتون صراعات وانقسامات سياسية كبرى حول الحكم والنفوذ. وفي خضم كل ذلك يبقى السؤال الأهم هل سيكون شهر كانون الثاني القادم على عادته في تاريخ  البلاد، شهرا حافلاً بالاحتجاجات؟

أسباب عديدة

يقول الكاتب والناشط السياسي التونسي الناصر الخشيني لـ "العهد" الاخباري إن "هذه الأزمة التي تشهدها تونس منذ أشهر أدت الى احتقان كبير على جميع المستويات مما تسبب بسيل جارف من الاحتجاجات التي تشهدها البلاد نتيجة لتعطل سياق التنمية، كما تصاعدت وتيرة الأسعار بطريقة جنونية ساهمت فيها الحكومة بسياساتها اللاعقلانية".

الباحث التونسي يشير الى "مناقشة ميزانية 2019، حيث كانت الاغلبية الحاكمة تصوت لفائدة المشاريع المنهكة للطبقة الوسطى والفقيرة باضافة أعباء جبائية عليها في حين ترفع هذه الاعباء عن العائلات المافيوزية والمتحكمة في نسبة كبيرة من ثروة البلاد"، معتبراً أن   "سياسة الحكومة تقوم اليوم على الامتثال لاملاءات صندوق النقد الدولي والدول الغربية فيما يسمى اصلاحات هيكلية في حين هي سياسة تفقير للشعب لحساب القوى الرأسمالية العالمية في الجزء الأكبر، وجزء بسيط من عائدات ثروة الشعب توظف لقلة من الأسر المتحكمة في مفاصل الاقتصاد".

يضيف الخشيني في حديثه لـ"العهد" إن "كل هذه الأسباب أدت الى موجة من الاحتجاجات على أصعدة عدة، نذكر منها ما حصل مؤخراً في ولاية قابس حيث خرج سكان مدينة مارث في مشهد غير مسبوق رفضا لتلويث البيئة بنقل الفوسيوجيبس الى هناك من قابس عاصمة المحافظة".

وبالنسبة لنقابات التعليم فانها تناضل منذ سنوات ولم تحصل على أي امتياز كبقية القطاعات، اضافة الى تنكر وزارة التربية والتعليم لمضامين اتفاقيات سابقة لم تفعلها مما أدى بهذه النقابات الى اتجاه تصعيدي في نضالاتها وصولاً الى عدم اجراء الامتحانات الثلاثية الاولى لهذه السنة، وبديلا عن التحاور معها فإن الوزارة تلجأ دوماً الى سياسة الاقتطاع المباشر والفوري من مرتبات المدرسين ما أدى الى توتر شديد بين الطرف الحكومي والطرف النقابي.

وعلى مستوى المناطق الداخلية، يوضح الخشيني أن "هناك احتقانا كبيرا خاصة في أوساط الشباب بسبب البطالة، سيّما لحاملي الشهادات العليا اضافة الى تهميش مناطقهم وعدم القيام بأي انجاز من شأنه تحقيق تنمية وايجاد مواطن عمل أو بنية تحتية مناسبة للحد الادنى من حياة كريمة للمواطنين فيلجأ الشباب للاعتصام واغلاق الطرق، ثم تجيب الحكومة بالحل الامني اعتقالات ومحاكمات، ليكون دور الشباب في جينها العمل على اخراج من اعتقلوا من السجون ونسيان الى حد ما مشكلتهم الأساسية في الحصول على عمل والتنمية وهكذا دواليك بين مد وجزر والحكومة لا تقدم على أي مشروع في هذه المناطق".

هل من أفق؟

فيما يتعلق بمآل الحراك الشعبي يرى الخشيني أن "تونس ظلت منذ ثماني سنوات دون أفق فيما يتعلق بالتنمية والتشغيل والمساواة بين المواطنين في الحقوق، بحيث تسارع الحكومة الى التنصل من عهودها والتوجه نحو الحلول الأمنية والاقتطاع ويبقى الشعب يواجه بكل الأساليب النضالية المتاحة له".

ويؤكد الخشيني: "انطلاقا من المعطيات المتمثلة في سياسة الحكومة اللاشعبية والتزامها باملاءات صندوق النقد الدولي والدوائر الغربية، وما تعانيه معظم العائلات التونسية من فقر وغلاء أسعار وانسداد أفق التنمية والتشغيل، فإن كل الملاحظين يتوقعون أن يكون شهر كانون الثاني /يناير 2019 ساخناً". ويعرب عن أمله بأن تعود الحكومة الى رشدها وتتخذ من السياسات والاجراءات ما يقلص من حجم التوتر السائد في كل الأوساط" بحسب قوله.

يشار الى أن شهر كانون الثاني في تونس استثنائي وغالباً ما يحمل معه آتون الغضب الشعبي. فقد شهد في العقود الماضية أحداثا ساخنة على غرار 18 كانون الثاني /يناير 1952 انطلاق الكفاح المسلح ضد المستعمر، وكانون الثاني / يناير 1963 اعدام مجموعة لزهر الشراليطي التي حاولت الانقلاب على بورقيبة على خلفية الصراع اليوسفي البورقيبي، و26 كانون الثاني / يناير 1978 أحداث الخميس الأسود بين الاتحاد والحكومة وسقوط شهداء واعتقال القيادة النقابية، وكانون الثاني / يناير 1984 كانت أحداث الخبز واضطرار بورقيبة الى العودة الى ما كان عليه الوضع سابقا، وكانون الثاني / يناير 2011 فرار بن علي بعد انتفاضة شعبية غطت كل مدن وقرى تونس وسقط فيها عشرات الشهداء.

إقرأ المزيد في: خاص العهد