خاص العهد
كاهن دير سيدة صيدنايا لـ"العهد": مدينون للمقاومة
محمد عيد
تعكس أديرة صيدنايا الواقعة في ريف دمشق بعضًا من التاريخ المسيحي، الأمر الذي جعلها هدفًا لعتاة الإرهابيين الذين قدموا من كل صوب لاستئصال هذا الوجود. لكن الجيش العربي السوري بالتعاون مع رجال المقاومة الإسلامية في لبنان ومعهم أبناء صيدنايا كانوا على "الموعد المقدس" الذي عقده رجال المقاومة بصبرهم وإيمانهم، وهو ما جعل أهالي صيدنايا والقائمين على أديرتها وكنائسها مدينين لرجال الله بهذا الجميل، حسب تعبير كاهن دير سيدة صيدنايا لموقع "العهد" الإخباري.
عراقة في التاريخ
تكتسب صيدنايا أهميتها الاستثنائية من خلال ديرها العامر وأيقوناتها الاستثنائية، وهي طاعنة في القدم في أوابدها وعراقتها حتى ما قبل المسيحية، حين كانت محجًا للوثنيين، وكان فيها ثلاثة أمكنة مقدسة باتت اليوم تسمى كنيسة مار يوحنا، ودير مار توما ودير الشيروبين، وطريق صيدنايا كان يسمى عند الوثنيين الدرب المقدسة فيما دير الشيروبين مقام قديم يسمى "بيت التقادم"، وحتى من قبل المسيحية كانت صيدنايا مركزًا دينيًا مهمًّا وكان يقصدها "الحجاج" من مختلف المناطق في القرون السابقة للمسيحية.
في حديثه الخاص بموقع "العهد" الإخباري يؤكد الأب جورج خوري كاهن دير سيدة صيدنايا أنه "في الأزمنة الغابرة كانت صيدنايا مركزًا دينيًا وتجاريًا فيها آثار وأوابد من مختلف الحضارات اليونانية والرومانية، واستمرت صيدنايا إلى هذه الأيام لتكون محجا لمختلف المسيحيين والمسلمين وجميع الطوائف". ويذكر الأب الخوري كيف كانت الحافلات الإيرانية قبل الأزمة تأتي إلى الدير محبة بالسيدة العذراء التي ذكر الله في القرآن الكريم أنه اصطفاها: "وكنت أرى بأم عيني كيف كان الزوار الإيرانيون يدخلون بخشوع لمشاهدة أيقونة السيدة العذراء"، مضيفًا إن الدير ليس فقط للمسيحيين أو لأهل صيدنايا بل هو للمسلمين كذلك، ومختلف الدول كانت ترسل وفودها لتحج إلى هذه المنطقة المقدسة، وهذا ما يُكسِب صيدنايا هذه الأهمية الروحية.
حزب الله دافع عن مدينتنا
وأضاف كاهن كنيسة دير صيدنايا في حديثه الخاص بموقع "العهد" الإخباري إن "صيدنايا كانت من المدن التي انبرت لتتصدى للهجمات الإرهابية وأنشئت فيها نقاط لحمايتها، وكان مئات الشباب من صيدنايا يحضرون لمساعدة الجيش العربي السوري وكل القوى الرديفة ومنهم أولئك الأبطال الذين جاؤوا إلى صيدنايا من شباب المقاومة الإسلامية اللبنانية الذين قاموا بأعمال عظيمة واتخذوا من مشفى السيدة مكانا لهم وفي الشيروبين أيضا، وفي معركة الشيروبين الشهيرة تمكن شبابنا من رد هجمة كبيرة وقتل عدد كبير من الارهابيين.
وتابع "كان شباب حزب الله في مقدمة الذين دافعوا ببسالة عن الدير وعن عموم صيدنايا وهذا ما أخبرنا به الشباب ورأيته بأم عيني في المشفى وهم يقدمون كل الخدمات المختلفة وليس فقط العسكرية في الدفاع معنا عن صيدنايا ضد هؤلاء الإرهابيين، فهم يدافعون عن المسيحيين وعن سوريا والمقاومين في أية منطقة كانت، ونحن مدينون لهم من كل قلوبنا لهذا الجميل الذي قدموه، عسى أن نقف جميعاً مع كل الأهداف التي وضعتها الدولة السورية وحزب الله لتحرير الأرض السورية".
وشدد الأب خوري في حديثه لـ"العهد" الاخباري على أن ميزة مقاتلي حزب الله أنهم "حين كانوا يتمركزون في مكان فإنهم يحافظون عليه بكل جهدهم، وعندما يخرجون فإنهم يتصرفون بكل أمانة في موجودات هذا المكان التي يحفظونها لأصحابها ونحن شاهدنا ذلك ونعرف هذه الحقيقة جيداً".
معاني العيد
وحول الاحتفال بعيد الميلاد المجيد لهذا العام نوه كاهن كنيسة سيدة صيدنايا إلى أن "الأهم هو الأخذ من معاني العيد دليلاً لحياتنا"، ورأى أن البعض يفكر في كل شيء إلا صاحب العيد الذي جاء بالخلاص والفداء والتواضع، فيجب الاهتمام بالجوهر وليس القشور ويجب أن نجتمع سوية لنقاوم الحصار المفروض على سوريا، فالعيد الحق هو تفقد اليتامى والأرامل ومساعدتهم، وليس بالشجرة التي صدرها إلينا الغرب".