معركة أولي البأس

خاص العهد

ما السيناريوهات المطروحة أمام مرسوم
05/03/2019

ما السيناريوهات المطروحة أمام مرسوم "الدرجات الست"؟

فاطمة سلامة

لم يكن حبر البيانات المهنئة الأساتذة المتمرنين في التعليم الثانوي الرسمي قد جفّ، حتى برزت المُطالعات والفرضيات باحتمال رد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مرسوم "الدرجات الست". المرسوم الذي سلك طريقاً صعبة وفيها الكثير من "التعرجات" قبل أن يبصر النور في جلسة الحكومة الأخيرة، يُواجه من جديد الكثير من الاجتهادات ووجهات النظر تحت شماعة "الوضع المالي". تارةً يُقال إنّ المرسوم يُخالف رأي مجلس الخدمة المدنية، وتارةً أخرى يجري التصويب عليه من بوابة عدم تكبيد الخزينة أعباء إضافية. النقطة الأخيرة تستدعي التأمل قليلاً في بلد لا مانع فيه من الصرف عشوائياً يمنة ويسرة بلا وجه حق، أما عندما تصل الأمور إلى حقوق المواطنين، فيريد البعض للدولة أن تقطع يدها وتتسوّل عليها. تلك الدولة التي لا تعطي بيدها اليمنى قبل أن تأخذ حُكماً باليسرى. 

وبعيداً عن التفسيرات والتحليلات التي اعتبرت أنّ أزمة المرسوم تتخطى الجوانب القانونية والمالية الى ما هو أبعد، يقف الأساتذة ضحية الخلاف الحاصل. أولئك الذين لم تكن فرحتهم قد اكتملت بعد، قبل أن تنتشر الشائعات حول احتمال رد المرسوم كالنار في الهشيم، تراهم يبحثون عن أي خبر يتعلّق بالمرسوم، فيرسلونه الى مجموعات "الواتساب" الخاصة بهم، والتي تحوّلت الى غرفة أخبار، بانتظار حسم الجدل العالق في هذا الملف.

وزير الشباب والرياضة محمد فنيش رافق المرسوم المذكور في رحلته من ألفها الى يائها، فلولا أسئلته المتكرّرة حول أحقية "الدرجات الست" للأساتذة المتمرنين في الحكومة واللجان ومجلس النواب، لم يكن هناك نقاش أصلاً في هذا الملف. لولاها لكان المرسوم في خبر "كان" حُكماً. فرغم استفساراته المتكررة بشهادة المحاضر الموجودة، يأتي من ينفض يديه من هذا الحق. وفي هذا الصدد، يُعيد فنيش التأكيد في حديث لموقع العهد الإخباري على أحقية الأساتذة بهذه الدرجات. برأيه، فإنّ الكثير من الآراء والأفكار التي تُطالعنا اليوم حول هذا الملف، لناحية تكبيد الخزينة مزيداً من الانفاق، لا تعبّر عن حقيقة القضية، "فنحن لم نُنشئ مرسوماً جديداً، أو نفتح باباً لإنفاق جديد، نحن نُطبّق قانون سلسلة الرتب والرواتب كما يجب". 


ما السيناريوهات المطروحة أمام مرسوم "الدرجات الست"؟ 

 

ويروي فنيش المراحل التي مرّ بها ملف "الدرجات الست"، والتي بدأت خلال مناقشة قانون سلسلة الرتب والرواتب في مجلس الوزراء. فخلال مناقشة الفقرة الثانية من المادة التاسعة من القانون 46 والتي تنص على إعطاء أفراد الهيئة التعليمية العاملين في الخدمة الفعلية بتاريخ نفاذ هذا القانون ثلاث درجات استثنائية مع احتفاظهم بحقهم بالأقدمية المؤهلة للتدرج في ملاك التعليم الرسمي في المرحلة الثانوية، سأل الوزير فنيش عن الأساتذة المتمرنين والذين يتقاضون راتباً ويُعلّمون في الثانويات نصف نصاب الساعات المطلوبة. حينها ردّ وزير المال علي حسن خليل بالإشارة الى أنّ النص المتعلّق بالدرجات يشملهم، ولسنا بحاجة الى تعديله، فلم يعترض أحد من الوزراء. بعدها سأل الوزير فنيش خلال انعقاد الهيئة العامة لمجلس النواب، فقيل له وقتها إنّ القانون يشملهم بالطبع، فهم نجحوا في مجلس الخدمة المدنية، ويعلّمون ودخلوا الى كلية التربية، ولم يُعلّق أحد سلباً على الموضوع. 

كما أن السؤال حضر في اللجنة الوزارية التي تشكّلت لمناقشة موازنة العام 2018، بحسب فنيش، الذي يلفت الى أنّه استفسر من رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير المال آنذاك اذا ما كان النص القانوني يشمل المتمرنين، فكان الرد بالإيجاب، حتى أنّه جرى الاتفاق على آلية الصرف، لكنها لم تنفّذ. 

ويُشدد فنيش على أحقية الأساتذة الجدد بـ"الدرجات الست" للأسباب التالية:

- الإجابات الواضحة عن الاستفسارات في محاضر الحكومة ومجلس النواب

- المتمرنون هم أساتذة اجتازوا دورة التأهيل في كلية التربية ونالوا شهادة كفاءة

- عندما صدر قانون سلسلة الرتب والرواتب كان المتمرنون يُعلّمون في الثانويات بالتوازي مع دراستهم في كلية التربية 

-  وأخيراً، صدور مرسوم التثبيت الذي وقعه رئيس الجمهورية منذ حوالى الأسبوعين.

ويؤكّد فنيش أنّ الأمور واضحة ولا تحتاج الى كل هذا الأخذ والرد، "فنحن لم نستحدث قانوناً جديداً، بكل بساطة نحن نُطبّق القانون الذي مضى على إصداره أكثر من سنة ونصف". أما الالتباس الذي حصل جراء تفسير مجلس الخدمة المدنية الذي اعتبر أن القانون لا يشمل المتمرنين كونهم خارج الملاك، هذا الالتباس لا يحتاج برأي فنيش سوى الى جلسة لمجلس الوزراء للبت به وحسم الجدل حياله. ومن هذا المنطلق، كانت الجلسة الحكومية التي حصل فيها المرسوم على تأييد الأكثرية الذين أعطوا الحق لهؤلاء الأساتذة. يختم فنيش حديثه بالاشارة الى أنّ الدرجات حق لا يجوز سلبه، بغض النظر عن تداعيات إقرار السلسلة، أما من يريد النقاش حول الأوضاع المالية فهذا شيء آخر. 

ما السيناريوهات المطروحة أمام المرسوم؟

وفي خضم هذه "المعمعة" الحاصلة، ثمة من يسأل عن مصير المرسوم والسيناريوهات المطروحة. وفي هذا السياق، يقول أستاذ مادة "القانون الدستوري" في الجامعة اللبنانية الدكتور محمد عبد الله إنّه عندما يتخذ مجلس الوزراء قراراً معيناً أياً يكن يحتاج الى توقيع رئيس الحكومة ووزير المال والوزير المختص. بعدها يحتاج حكماً الى توقيع رئيس الجمهورية، وفي هذه الحالة يُرسل المرسوم الى رئاسة الجمهورية للحصول على توقيع الرئيس، والتوقيع من المفترض أن يتم خلال مهلة 15 يوماً. وهنا تبرز ثلاثة احتمالات بحسب عبد الله: 

في الحالة الأولى، قد يُوقّع رئيس الجمهورية على المرسوم، وعندها لا مشكلة مُطلقاً. وفي الحالة الثانية، قد يمتنع الرئيس عن التوقيع ويعمل على رد المرسوم الى مجلس الوزراء، عندها تعود الكرة الى ملعب الحكومة. فإذا أصر مجلس الوزراء على المرسوم بتصويت النصف زائداً واحد، يُعتبر المرسوم نافذاً وملزماً، أما إذا تراجعت الحكومة عن قرارها الأول، لاعتبارات معينة، يسقط المرسوم حكماً. أما في الحالة الثالثة، فقد يمتنع الرئيس عن التوقيع لكنّه لا يعمد الى رد المرسوم، حينها يُعتبر المرسوم نافذاً خلال 15 يوماً.
 

إقرأ المزيد في: خاص العهد