خاص العهد
مرضى "سانتا ماريا" أشبه بهياكل عظمية.. أين وزارة الصحة؟
من لا يذكر مشهد المرضى من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين كانوا يعانون في مركز "الفنار" عندما داهمه وزير الصحة السابق جميل جبق. العشرات من هؤلاء نُقِلوا إلى مراكز أخرى، كان نصيب بعضهم أن يكون مكانهم الجديد في مركز "سانتا ماريا" في منطقة عنايا، حيث ينطبق على هؤلاء مقولة أنهم هربوا من "تحت الدلفة إلى تحت المزراب".
الناشط الاجتماعي، عفيف شومان، سلّط الضوء في حديث لموقع "العهد" الاخباري على الحياة اليومية لما يناهز السبعين من هؤلاء المرضى في المركز، والمشاهد التي نقلها من غرف النوم يعجز عندها اللسان عن الحديث، وتكفي الصورة لإيصال جزء من معاناة هؤلاء الناس، حيث يندى الجبين لأشخاص هم أشبه بهياكل عظمية لما يعانون من سوء في التغذية والنوم وعدم توفر أدنى شروط النظافة الشخصية، عدا عن تغلغل الحشرات في فرش النوم الخاصة بهم.
شومان الذي يهدف إلى تسليط الضوء على هؤلاء المرضى الذي يعانون من مشاكل عقلية وعصبية، يؤكّد أنّ صاحب المركز، المدعو ج.ح. قد تلقّى العديد من المساعدات الغذائية بشكل أسبوعي، إلاّ أنّه لم يقدّمها للمرضى الذين تقتصر وجباتهم الغذائية على بعض الأرز والملفوف دون وجود أنواع أخرى من المأكولات التي يحتاجها الجسم ليقوى على الاستمرار.
ويشير شومان إلى أن جهة فاعلة اجتماعيًا قدّمت حصصًا تموينية إضافة إلى اللحم والدجاج، حتى أنّ الجمعية التي يديرها الناشط الاجتماعي عمدت إلى الذهاب أسبوعيًا إلى المركز المذكور وكانوا يطعمون المرضى بيدهم.
شومان سبق أن لاحظ بعض الإهمال في غرف الطعام، إلا أنّ المشهد الذي نشره اليوم عبر صفحته على موقع "تويتر" كان صادمًا، لافًتا إلى أنّه سبق أن طلب من المعنيين عن المركز السماح له بالدخول إلى غرف المنامة، لكنهم رفضوا، ما أثار لديه المزيد من الشكوك بأن أمرًا غير طبيعي يحدث، خاصة أنّه لاحظ بعض السلوكيات الغريبة لدى العاملين في المركز.
وبحسب تعبيره "قام اليوم بكبسة دون إذنهم"، فوجد أحد المرضى مربوطًا بالسرير، ومشاهد أخرى تقشعر لها الأبدان في الحمامات والغرف.
ويلفت إلى أنّ المياه غير متوفّرة للاستحمام، والحشرات و"البراغيث" تنتشر في المكان، وهناك موظف واحد من الجنسية السورية مسؤول عن التنظيفات في كلّ المركز، ويقوم بتعنيف المرضى وضربهم أحيانًا، كما يوجد ممرضة تتابع أدوية المرضى وهي ليست بالكفاءة المطلوبة.
إضافة إلى ذلك، فإنه لو توفّرت المياه، فإن المرضى يستحمون وينشفون أجسادهم بستراتهم لعدم وجود مناشف لديهم.
أمام هذا الواقع، أين دور وزارة الصحة المفترض أنها الجهة المعنيّة بمتابعة هذا المركز؟، والسؤال الثاني البديهي أين الوزير من هذه المشاهد، وأين الجهات الرقابية في الوزارة؟، مع العلم أن شومان أكد أنه اتصل بوزير الصحة فراس الأبيض أكثر من مرّة، إلا أنّه غائب عن السمع، إضافة إلى أنه قام بـ"mention" لمشاهد الفيديو إلى حساب الوزير لكنه لم يحرّك ساكنًا.
والذي يؤكد تقصير الوزارة المعلومات التي تشير إلى تلقّي هذا المركز مبلغًا سنويًا من الدولة اللبنانية بقيمة 900 مليون ليرة، فأين تذهب هذه الأموال؟، ولماذا الوزارة لا تتابع وتراقب آلية إنفاقها من قبل المركز؟.
ويشير شومان إلى أنّه أبلغ صاحب المركز بأن سيشكي عليه في القضاء، لكن الأخير هدد بإقفال مركزه، وطلب منه أخذ هؤلاء المرضى دون أن يرفّ له جفن.
شومان أشار في ختام حديثه لموقع "العهد" إلى وفاة خمسة مرضى في هذا المركز بسبب سوء التغذية، مبديًا خوفه من ارتفاع عدد الضحايا إن لم يكن هناك أيّ تحرك سريع من المعنيين.