خاص العهد
انتخابات طرابلس الفرعية: كبارة يسعى لتوريث نجله و"المستقبل" يعترض
محمد ملص
عادت الأحاديث الانتخابية لتغزو طرابلس وشوارعها، بعد قرار المجلس الدستوري إبطال نيابة ديما جمالي وإعلان المقعد السني الخامس شاغراً، داعياً الى إجراء انتخابات خلال مهلة شهرين، الأمر الذي فتح شهية العديد من الأقطاب السياسية لإعادة المحاولة، والترشح في مواجهة مرشح تيار "المستقبل". إلا أن المفاجأة كانت في ما يتناقله الطرابلسيون بشكل يومي، حول استقالة النائب محمد عبد اللطيف كبارة، محاولاً استغلال فرصة الانتخابات الفرعية لتوريث مقعده النيابي الى نجله كريم.
إبان الانتخابات النيابية الأخيرة، سعى النائب كبارة المعروف بـ"أبو العبد"، الى ترشيح نجله كريم على غرار ما فعل أحمد فتفت وطلال المرعبي وغيرهما من النواب، إلا أن رغبة ابو العبد لم تصل الى نهاياتها السعيدة، بعد اعتراض الرئيس سعد الحريري على الفكرة ورفضها نظراً للظروف الحساسة والصعبة التي كان يمر بها تيار "المستقبل"، في دائرة الشمال الثانية والتي تضم طرابلس - المنية - الضنية.
بعيد قرار المجلس الدستوري، سارع النائب كبارة الى طرح فكرة الاستقالة، طارحاً توريث نجله كريم، وهو ما أكدته مصادر مقربة من نائب طرابلس لموقع "العهد"، وأشارت الى أن "الفكرة مطروحة بشكل جدي، لكن ما يزال هناك وقت الى البت بأمرها، وعلى هذا الأساس سيستمر كبارة الأب بإجراء مشاورات مع مختلف الأفرقاء السياسية في طرابلس بمن فيهم الرئيسان ميقاتي والحريري، وسيبني على تلك المشاورات مقتضاه". وكان مكتب كبارة قد أصدر بياناً يؤكد صحة المعلومات، إذ أكد فيه أنّ استقالته ما زالت قائمة وكذلك ترشيح نجله كريم، وهو في انتظار ما ستؤول إليه المفاوضات الجارية مع الكوادر والقاعدة الشعبية في طرابلس.
هل توافق حسابات كبارة بيدر الأصوات في طرابلس؟
لا يبدو أن الحظ يقف الى جانب كريم محمد كبارة الطامح للترشّح، فبعد فشل مسعى والده لتوريثه مقعده النيابي، يعود اليوم محاولاً الدخول الى المجلس عبر الانتخابات الفرعية، وهو كان قد زار منذ حوالي أسبوع بيت الوسط، والتقى الرئيس الحريري، طارحاً عليه الفكرة، ومعتبراً "أن صحة والده لم تعد تسمح له بممارسة دوره النيابي وعمله البرلماني، وأن الانتخابات الفرعية هي الفرصة السانحة لنقل الكرسي النيابي من الأب الى الابن". مع أنه تجدر الإشارة الى أن كريم كبارة لا ينتمي الى تيار "المستقبل"، ورغم الحيثية الشعبية التي يمثلها والده، والذي نال منفرداً عشرة آلاف صوت تفضيليّ في الانتخابات النيابية، الا أنه لا بد من أن يضمن الرئيس الحريري شخصيّاً مقعد "المستقبل" في الاستحقاق المقبل، وهو ما سيعطي المعركة بعداً سياسياً أكبر، وهي حتماً لن تكون كالمعركة على المقعد الواحد.
هذه الحسابات دفعت الحريري للاعتراض مجدداً على فكرة كبارة، كونه يعول على تحالف مع الرئيس ميقاتي في طرابلس لضمان فوز المرشحة ديما جمالي، وفي حال أصبح التنافس على مقعدين، فحتما لن يقبل ميقاتي بإعطاء "المستقبل" مقعدين "ببلاش". حتى أنّ الرئيس نجيب ميقاتي والوزير السابق محمد الصفدي وغيرهما من الاقطاب والشخصيات الفاعلة في عاصمة الشمال، والتي لديها حسابات أخرى "مناطقية"، لن ترضى بأن يكون للمستقبل حق الوصول الى المقعدين.
مما لا شك فيه، أن الأيام القادمة ستحدد وجهة المعركة وكيفية التحالفات التي ستنشأ، لكن الأكيد أن المعركة ستكون انتخابية حامية الوطيس، وستزداد حدتها في حال قرر كبارة السير بالاستقالة، وهو ما سيحول وجهة المعركة من سهلة لـ"المستقبل" إذا كانت لمقعد واحد، الى معركة انتخابية قاسية في حال شغور مقعدين سنيّين، الأمر الذي سيدفع الجميع لإثبات أحجامهم الفعلية وانشاء اصطفافات تحكمها المصالح المناطقية والسياسية.