خاص العهد
البطاقة التمويلية .. هل تسلك مسار التنفيذ؟
يوسف جابر
البطاقة التمويلية الإلكترونية أُقرَّت أمس الأربعاء في مجلس النواب بقيمة وسطية تبلغ 93.3 دولارًا شهريًا، وحدًا أقصى 126 دولارًا، لـ 500 ألف مستفيدٍ من الشعب اللبناني، وبقي على الحكومة معالجة العائقيْن الأساسييْن أمام تنفيذ هذه البطاقة وهما: وضع معايير المستفيدين من البطاقة، وتحديد مصدر تمويلها بالتعاون مع البنك الدولي.
وكانت قد حدَّدت اللجان النيابية المشتركة الكلفة الإجمالية للبطاقة والمقدَّرة بـ 556 مليون دولار، وذلك عبر فتح اعتماد استثنائي لأجلها، على أن يُسدَّد من القروض والهبات التي يمكن أن تحصل عليها الحكومة. وإلى ما بعد الإقرار، هل سيكون تطبيق البطاقة التمويلية أمرًا سهلًا؟
من وجهة نظر الخبير الاقتصادي الدكتور محمود جباعي، الذي أكَّد لموقع "العهد الإخباري" أنَّ البطاقة التمويلية هي "ترقيعٌ" للحل، آسفًا لهروب الساسة في لبنان من الحلّ الجذري وهو بمعالجة مشكلة الكارتيلات المُحتكرة للمواد الأساسية من المحروقات والأدوية.
وأشار جباعي إلى أنّ البطاقة التمويلية حتى اللحظة تمويلها المادي غير معروف، ولا يُبنى على حصول لبنان على 900 مليون دولار من صندوق النقد الدولي، موضحًا أنَّه قد يلجأ المعنيون لتطبيقها إلى المساس بما تبقّى من الاحتياطي الإلزامي من أموال المودعين أو اعطائها بالليرة اللبنانية، وهذه كارثة حقيقية.
والجدير ذكره، أنَّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري كان واضحاً أن مبلغ الـ900 مليون دولار الذي سيحصل عليه لبنان من صندوق النقد في آب/أغسطس، لن يخصَّص لتمويل البطاقة بل يُفترض أن يوضع في الخزينة ويُصرف بموافقة مجلس النواب.
ولفت جباعي إلى أنَّه جرى تخفيض عدد العائلات المستفيدة من 700 ألف عائلة إلى 500 ألف، وسأل "من أجرى دراسة بعد الأزمة الاقتصادية في لبنان لتحديد العائلات المستهدفة والأكثر فقرًا؟".
ورأى الخبير الاقتصادي أنَّ تصنيف من يقبض ما دون المليون ومائة ألف ليرة لبنانية ضمن الأكثر فقرًا هو تقدير خاطئ، فوفق الدراسات كلُّ من يتقاضى ما دون الأربعة ملايين يُعدُّ فقيرًا، مُقاربًا غلاء الأسعار والتضخم الذي وصل حوالي 400%، والتهالك بسعر صرف الليرة التي فقدت أكثر من 90% من قوتها، فالمواطن بحاجة شهريًا لأربعة ملايين ليرة أي 230 دولارًا كحدٍ أدنى.
وحول فتح اعتمادٍ للبطاقة التمويلية، نبَّه إلى أنَّ الدولة لا تستطيع فتح الاعتماد إلاّ بالعملة الوطنية أي ما يعادل 837.892.000.000 ل.ل (فقط ثمانماية وسبع وثلاثون ملياراً وثمانماية واثنان وتسعون مليون ليرة لبنانية) ما يمكن أن يتغيَّر نسبة لسعر صرف السوق السوداء، مرجحًا أن يؤخذ تمويل البطاقة من الاحتياط الالزامي على أن يردَّ المبلغ للمصرف المركزي فور وصول مساعدات أو هبات أو قروض إلى لبنان.
وختم جباعي أنَّه "لو أُقرَّ قانون المنافسة والتنافس وإعطاء فرصة لأي شخصٍ قادرٍ على استجلاب المواد الأساسية من المازوت والبنزين والدواء بأسعار ٍمقبولةٍ، حينها ستُخفض الأسعار بين 40 و 50%، وسنستغني عن بطاقات الدعم، لأنّ هذا القانون يُعدُّ حلًا منطقيًا للأزمة الاقتصادية اللبنانية ولكن للأسف سائرون بمسار الحلول الجزئية والترقيعية".