ابناؤك الاشداء

خاص العهد

كيف سينعكس رفع الدعم على كلفة المعيشة؟
07/05/2021

كيف سينعكس رفع الدعم على كلفة المعيشة؟

فاطمة سلامة

ثمّة مخاوف وهواجس كبيرة من رفع الدعم الموعود. يُحكى عن تداعيات مخيفة لهذه الخطوة على لقمة عيش المواطنين وحياتهم. صحيح أنّ للدعم الحالي مساوئ جمّة، إلا أنّ رفعه بالطريقة التي يحكى عنها ستكون له عواقب وخيمة. عواقب لا تنفع البطاقة التمويلية التي يحكى عنها لتداركها. يقول أهل العلم والاختصاص إنّ الحل الوحيد اليوم يكمن في العمل على خفض سعر صرف الدولار وكل ما عدا ذلك "هرطقات" لا تقدّم ولا تؤخّر. أسعار السلع ستصبح أضعافا مضاعفة وتأمين الحاجات الأساسية قد يصبح حلماً في بلد يبلغ فيه الحد الأدنى للأجور نحو 56 دولاراً. وعليه، كيف سينعكس رفع الدعم على كلفة المعيشة للمواطنين؟  

شمس الدين:  السلع المدعومة حالياً سيرتفع سعرها ثلاثة أضعاف أو ثلاثة أضعاف ونصفاً

الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين يوضح في البداية أنّ رفع الدعم ليس معناه أن كل شيء سيرتفع سعره نظراً لأنّ ثمة مواد حالياً غير مدعومة. الارتفاع سيقع بطبيعة الحال على المحروقات، الدواء، والسلع الغذائية والاستهلاكية المدعومة. في ما يتعلّق بالبنزين، المازوت والغاز فهذه المواد مدعومة بنسبة 90 بالمئة وفقاً لسعر 1500 ليرة، وفي حال رفع الدعم كلياً سيصبح ثمن صفيحة البنزين نحو 137 ألف ليرة، صفيحة المازوت نحو 120 الف ليرة، وقارورة الغاز 60 ألف ليرة. هذا في حال استقرّت أسعار المحروقات عالمياً وثبت الدولار عند حدود الـ12 ألف ليرة.

كيف سينعكس رفع الدعم على كلفة المعيشة؟

وفي حديث لموقع "العهد" الإخباري، يوضح شمس الدين أنّ السلع الغذائية والاستهلاكية غير المدعومة لن يرتفع سعرها الا في حال ارتفع سعر صرف الدولار. أما السلع المدعومة فسيرتفع سعرها ثلاثة أضعاف أو ثلاثة أضعاف ونصفاً، بمعنى أنّه اذا كان ثمن السلعة حالياً 3000 ليرة سيصبح 10 آلاف ليرة. أما الدواء المدعوم حالياً وفقاً لسعر الـ1500 ليرة، فسيتضاعف سعره سبعة أو ثماني مرات، بمعنى اذا كان سعره 100 ألف ليرة سيصبح 700 الى 800 ألف ليرة.

تكلفة المعيشة ستبلغ 10 ملايين ليرة شهرياً

يُجري شمس الدين جردة حسابية أولية لكلفة المعيشة لأسرة تتكوّن من أربعة أشخاص -في حال ثبت سعر صرف الدولار عند حدود الـ12 ألف ليرة- فيلفت الى أنّ تكلفة المعيشة حالياً تبلغ 4 ملايين ونصف مليون بين طعام وسكن وتعليم ومختلف مستلزمات الحياة اليومية من ملبس واشتراك كهرباء ومياه وغيره، أما في حال رفع الدعم ستتراوح الكلفة بين 10 ملايين ليرة و10 ملايين ونصف المليون ليرة شهريا، وهو رقم كبير. وفق شمس الدين، في ظل غياب النقل العام فإنّ ارتفاع البنزين سيؤدي حكماً الى ارتفاع كلفة النقل، وفي حال زاد انقطاع كهرباء الدولة فإنّ اشتراك المولّد الذي يتراوح حاليا بين 250 الى 300 سيصبح 700 الى 800 ألف ليرة شهرياً. ارتفاع المازوت سيؤدي الى ارتفاع كلفة النقل أيضاً على المواد الغذائية، وعليه، فإنّ المواد الحرة غير المدعومة من المرجّح أن يرتفع سعرها نظراً لارتفاع كلفة النقل. بحسب شمس الدين فإنّ أي سلعة سيرتفع ثمنها سترتفع معها مختلف الأسعار حتى أجرة الميكانيكي، والطبيب والضمان الذي من المرجح أن لا يعود قادرا على تغطية كلفة الدواء.

ويلفت شمس الدين الى أنّ القدرة الشرائية شبه معدومة حالياً لكثيرين، اذا إن راتب 70 بالمئة من الشعب اللبناني يتراوح ما بين المليون والنصف والثلاثة ملايين ليرة ما يعني أن جميعهم فقراء. والخطورة تكمن في حال رفع الدعم وجرى إعطاء البطاقة التمويلية لمن دخله مليونا ليرة أو ثلاثة ملايين ليرة، فإنّ من وضعه ميسور الآن وراتبه نحو خمسة الى ستة ملايين لن يحصل على بطاقة لكنه في الحقيقة بات فقيراً ودخله لن يكفيه لتأمين حاجاته.

لكن ما سبق ذكره لا يعني -وفق شمس الدين- إبقاء الدعم. من وجهة نظره حتى البطاقة التمويلية التي لطالما طالبنا بها لم تعد تنفع. هذه البطاقة كانت تنفع في بداية الأزمة، أما اليوم فيؤيد شمس الدين رفع الدعم كلياً وإلغاء البطاقات التمويلية، واتباع استراتيجية دعم الليرة. وفق شمس الدين، فإنه لا بد من إعطاء نسبة من الودائع للناس بالدولار، ما يؤدي الى انخفاض سعر صرف الدولار، ما يمكّن المواطن الفقير من الاستفادة نظراً لانخفاض الأسعار. أما اذا دعمنا البطاقة التمويلية بالليرة اللبنانية فسيصبح الدولار 50 ألف ليرة وتتآكل الأسعار ويزداد التضخم، فلنتخيل أنه سيتم إعطاء مليون ليرة الى مليون و300 ألف ليرة شهرياً لما يقارب الـ750 ألف عائلة، ما يعني أن مصرف لبنان يحتاج شهرياً الى 800 مليار ليرة أي حوالى 10 مليارات ليرة في السنة الواحدة، وهذا رقم كبيرة سيرفع الدولار الى 20 أو 25 ألف ليرة ما يعني المزيد من الضرر على الناس الفقراء الذين أعطيت لهم البطاقة لمساعدتهم.

وحتى الحديث عن دعم البطاقة بالدولار من خلال ودائع الناس فهذا الأمر مرفوض كلياً ولا يحق لأحد المس به. من الممكن السماح لمن لديه وديعة بالدولار أخذ 0.5 بالمئة من الوديعة بحد أدنى 500 دولار وحد أقصى 4000 دولار. ضخ هذه الدولارات في السوق سيؤدي حكماً الى خفض سعر صرف الدولار خصوصاً أصحاب الودائع الصغيرة الذين سيكونون مضطرين الى صرفها، وبالتالي لا نعود بحاجة لا الى بطاقة ولا الى أي أمر آخر. هذا القرار من الممكن أن يبدأ به مصرف لبنان من اليوم عبر دفع الدولارات لأصحاب الودائع الصغيرة ما يريح السوق ويساهم في خفض سعر الصرف.

سعادة: فاتورة الاشتراك ستصبح خيالية ومخيفة

لدى سؤال نقيب أصحاب المولدات عبدو سعادة عن تداعيات رفع الدعم على تكلفة اشتراك المولدات الشهرية يحذّر من رفع الدعم قائلاً: "اذا رُفع الدعم لا المواطن قادر على الدفع ولا نحن قادرون على الاستمرار". يُفضّل عدم الغوص في الأرقام، لكنّه يشير الى أن فاتورة الاشتراك ستزيد أضعافاً مضاعفة والفاتورة ستكون خيالية ومخيفة.

كيف سينعكس رفع الدعم على كلفة المعيشة؟

ابراهيم: ثمن ربطة الخبز سيرتفع حكماً

نقيب أصحاب الأفران والمخابز علي ابراهيم يعرب في حديث لموقعنا عن هواجس ومخاوف من أن ينسحب رفع الدعم على سعر ربطة الخبز، فصحيح أن الدعم لن يُرفع عن القمح ولكن إنتاج ربطة الخبز لا يقتصر على القمح بل ثمّة مواد عدة تدخل في التركيبة من ضمنها الخميرة والسكر. وفق حساباته، فإن الأفران والمخابز تشتري صندوق الخميرة وفقاً لسعر المنصة 3900 ليرة بـ122 ألف فيما سعره الحقيقي 26 دولاراً. وفي حال رفع الدعم سيصبح سعره وفقا لسعر الصرف في السوق السوداء. كما أن ثمن طن السكر 600 دولار وفقاً لسعر 3900 ليرة ما يعني أنّه سيصبح وفقاً للسوق السوداء، وحتى المحروقات تدخل ضمن التركيبة ما سيزيد التكلفة علينا، يقول المتحدّث.

كيف سينعكس رفع الدعم على كلفة المعيشة؟

ويؤكد ابراهيم أنّه وفي حال ارتفع الدعم عن مواد الانتاج سيرتفع حكماً ثمن ربطة الخبز فمن غير المنطقي أن تحافظ على سعرها عند الـ2500 ليرة ومواد الانتاج مرتفعة. كم سيصبح سعر الربطة؟ يلفت ابراهيم الى أنّ الموضوع يتطلّب عملية حسابية سننجزها في حينها.  

فريجي: كيلو فيليه الدجاج سيصبح بين 65 الى 70 الف ليرة

رئيس النقابة اللبنانية للدواجن موسى فريجي يلفت في حديث لموقعنا الى أنّ رفع الدعم سينعكس حكماً على قدرة المواطن الشرائية، فعندما ترتفع أسعار مستلزمات الإنتاج للمزارعين سيرتفع ثمن الدجاج وبالتالي سعر المبيع. لكن فريجي يعتبر أن أسعار الدجاج لا تزال بألف رحمة  من أسعار اللحوم الحمراء. بتقديره، فإنّ كيلو اللحمة الحمراء يباع أقله بـ80 ألف ليرة، والفيليه بـ150 ألف ليرة وفيليه الغنم بـ 200 ألف ليرة، بينما كيلو فيليه الدجاج بـ50 الف ليرة فقط، وفي حال رفع الدعم سيصبح بين 65 الى 70 الف ليرة.

كيف سينعكس رفع الدعم على كلفة المعيشة؟

ويلفت فريجي الى أنّه وفي حال رفع الدعم ستزيد الكلفة في قطاع الدواجن 40 بالمئة وهي عبارة عن الفارق بين السعر المدعوم لمستلزمات الانتاج وفقاً لـ3900 ليرة وعدم الدعم بحيث تصبح هذه المستلزمات وفقاً لسعر السوق السوداء، مع الإشارة الى أنّ هذه المستلزمات لا تمثل إجمالي كلفة الانتاج -يقول فريجي- اذ لدينا عمالة وغيرها ما يعني أن الـ40 بالمئة كافية لتغطي الفارق بين المدعوم وغيره.

لتتشدد وزارة الاقتصاد

وينبّه فريجي على ضرورة مراقبة وزارة الاقتصاد لمنافذ البيع لأنه وفي الكثير من المرات التي ترتفع فيها الأسعار تقوم الدنيا ولا تقعد على المزارع بينما المفروض أن يحصل هذا الأمر على منافذ البيع. يجب أن يكون هناك تشدد من مديرية حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد على منافذ البيع المختلفة بما فيها السوبر ماركت للحد من المغالاة في هامش الربح والزامها بهامش ربح 15 بالمئة لا أكثر.

إقرأ المزيد في: خاص العهد

خبر عاجل