معركة أولي البأس

خاص العهد

 أين أصبحت البطاقة التمويلية؟
20/04/2021

 أين أصبحت البطاقة التمويلية؟

فاطمة سلامة

أين أصبحت البطاقة التمويلية؟ سؤال يطرحه كثر في هذه الأيام وسط تزايد الحديث عن رفع الدعم. تلك الخطوة إن حصلت بلا بدائل ستكون لها تداعيات كارثية. صحيح أنّ سياسة الدعم الحالية كبّدت لبنان خسائر بمليارات الدولارات لكنّ رفعها بلا تأمين البدائل للناس يعني حكماً سوقهم الى سيناريوهات لا تُحمد عقباها. فمن يتحمّل أن تلامس ربطة الخبز العشرة آلاف ليرة أو صفيحة البنزين المئة ألف ليرة أو سعر الدواء أضعافا مضاعفة؟ وعليه، ورد الحديث عن أهمية البطاقة التمويلية أو حتى التموينية للمواطنين في أكثر من مقاربة اقتصادية. أشير الى هذه الخطوة كبديل عن الدعم الموجود، لا بل جرى الحث عليها كنهج ضروري لتفادي الهدر الحاصل في نموذج الدعم الحالي.

حتى الساعة لا شيء محسوماً

مصادر فاعلة على خط البطاقة التمويلية لا تخفي في حديث لموقع "العهد" الإخباري أنّه يتم التحضير لإنضاج شيء ما على صعيد بطاقة الدعم، لكن حتى الساعة لا شيء محسوما والرؤية ليست واضحة. بكل صراحة،  فإنّ مختلف الاقتراحات لا تزال في خانة التكهنات والآراء ولا شيء جاهزا حتى اليوم أو بات جدياً، فمجلس النواب ينتظر اقتراح الحكومة تقول المصادر التي تلفت الى أنّه من المفترض خلال الأيام القادمة أن تتبلور الصورة أكثر. 

وفيما توضح المصادر أنّ اجتماعات تتم بين المعنيين، تلفت الى أنّه جرى وضع خطة لإنجاز تسجيل طلبات الفقر التي تحتاج الى إعانة. وفق تقديرها، ستستقبل المنصة نوعين من الطلبات: الطبقة الأكثر فقراً أي الفقر المدقع، والمواطنين الذين سيتضررون من رفع الدعم ويصبحون في خانة الفقراء لتمكينهم من الحصول على بطاقة تمويلية في المرحلة القادمة. 

برأي المصادر، هذه البطاقة ليست بطاقة تمويلية أو تموينية بقدر ما هي بطاقة دعم ناتجة عن رفع الدعم. كم سيبلغ عدد الفئة المستهدفة؟ تلفت المصادر الى أنها تقارب الـ800 ألف عائلة من ضمنهم موظفون بالتأكيد لأن رفع الدعم سيطال كافة الشرائح الاجتماعية، فمن يبلغ راتبه خمسة ملايين ليرة بالكاد يساوي اليوم 400 دولار.  

الأسمر: من سيموّل البطاقة؟

ما تقوله المصادر يؤكّده لموقعنا رئيس الاتحاد العمالي العام الدكتور بشارة الأسمر الذي يلفت الى أن لا شيء واضحا حتى الساعة في ما يتعلّق بالبطاقة التمويلية. المعنيون يضعون الثقل على قرض البنك الدولي البالغ 230 مليون دولار فقط، فيما لم تأت الموافقة بعد على التعديلات التي أرسلها مجلس النواب بخصوص هذا القرض الذي يعطي حوالى 400 او 500 ألف ليرة لـ150 ألف عائلة على مدى عام، بينما اذا رفع الدعم نحن بحاجة لدعم 800 ألف عائلة. وهنا يسأل الأسمر: من سيموّل هذا الواقع؟ مكرراً أن لا شيء واضحا حتى الساعة.

 أين أصبحت البطاقة التمويلية؟

وفيما يرى الأسمر أنّ رفع الدعم دون وجود خطة بديلة يعني حدوث كارثة كبرى، يعتبر أننا بحاجة الى خطة إغاثة لمدة 5 سنوات. هذه الخطة تحتاج الى مليارات الدولارات وسط عدم وجود مصادر للتمويل.

وفي ختام حديثه، يقول الأسمر: "يجري الحديث عن بطاقة ولكن من غير المعلوم كيف ستبصر النور هذه البطاقة ومن ستلحظ ومن سيمولها". 
 
رمال: صُرف النظر كلياً عن البطاقة التموينية 

وفيما يسود لغط لدى البعض لجهة الحديث عن بطاقة تموينية تارةً، وبطاقة تمويلية تارةً أخرى، يوضح عضو المجلس الاقتصادي الاجتماعي عدنان رمال لموقع "العهد" الإخباري أنّ الخيار في البطاقة التمويلية يُترك للفرد لشراء ما يريد عبر وضع مبلغ من المال في البطاقة. أما البطاقة التموينية فتكون عبر حصة غذائية واستهلاكية معينة تشمل الأمور الأساسية للغذاء والاستهلاك. يعرب رمال عن تأييده لخيار البطاقة التمويلية. بهذه الطريقة نترك الخيار للفرد لشراء حاجياته، فاذا لم يكن لديه سيارة لا داعيَ لتخصيصه بصفائح شهرية من البنزين، واذا لم يكن لديه أطفال فلا داعيَ لتزويده بحليب أطفال.

كما يشير رمال الى ثغرات تسود البطاقة التموينية، سائلاً عن آلية التوزيع لحوالى 800 ألف أسرة. فهل سيتحوّل الجيش والقوى العسكرية الى خدمة التوزيع ما يعني استهلاك قواهم بلا أي منفعة؟ أضف الى أنّ حصر الدعم بالحصة التموينية يعني تحويل استيراد هذه الحصة التموينية لبعض التجار في لبنان ما يوجد كارتيلات واحتكارات كبيرة، فعندما تجري الدولة مناقصة لاستيراد هذه السلع سيفوز بها أشخاص معينون، وهؤلاء سيسيطرون على السوق كلياً اذ سيكون لديهم القدرة على استيراد كميات ضخمة ما يعني ضرب كافة القطاع الاقتصادي الذي يعمل بهذه المواد ما يضرب فرص العمل والشركات المستوردة. 

 أين أصبحت البطاقة التمويلية؟

لتمويل البطاقة بالليرة اللبنانية

رمال -الذي كان أول من دعا في لبنان الى إنجاز بطاقة تمويلية كبديل عن سياسة الدعم الحالية- يؤكّد أنّ البطاقة التموينية صُرف النظر عنها كلياً بناء على اعتراضات في عدة أماكن وعلى الأسباب التي تم ذكرها، مع العلم أن الإدارة العامة كانت قد تداولتها بكثرة. ويلفت رمال الى أنّ النقاش الذي دار مؤخراً كان حول ما اذا كان التمويل سيتم بالدولار أو الليرة اللبنانية. وهنا يدعو رمال لتمويل البطاقة بالليرة اللبنانية نظراً لصعوبة تمويلها بالدولار نظراً لنفاد الاحتياطات الموجودة بالعملات الأجنبية، فالـ15 مليار دولار المتبقية هي جزء الزامي من ودائع الناس البالغة مئة مليار دولار بعدما كانت 140 مليار دولار. لذلك، يشدد على ضرورة تمويلها بالليرة اللبنانية، ولمن يتذرع بالتضخم يقول رمال "انه ولمجرد صرف الودائع بالليرة اللبنانية ولمجرد طباعة الليرات لتغطية مصارف القطاع العام، فنحن في حالة تضخم". يدعو رمال لصرفها بالليرة لسهولتها وديمومتها ولو حدث التضخم، فبالإمكان تحديث المبلغ في حال زاد الصرف كل ثلاثة أشهر. 

 75 بالمئة تقريباً  من الشعب سيحتاجون الى الدعم
 
كما يشدد رمال على ضرورة أن تكون البطاقة على مستويين بحيث يعطى مليون ونصف مليون ليرة لمن رواتبهم دون المليونين أي ما يقارب 40 الى 50 بالمئة من القوى العاملة، ومليون ليرة لمن رواتبهم تفوق الثلاثة ملايين ليرة. طبعاً، ما يتأتى من قروض من صندوق النقد الدولي يصرف بالدولار. ويلفت رمال الى أن البطاقة ستشمل كافة اللبنانيين المحتاجين. وهنا يدعو لضرورة وجود منصة لتسجيل كل العائلات عليها. برأيه، هناك ما بين 20 الى 25 بالمئة من الشعب اللبناني لن يسجّل لأن لديه القدرة المالية، ما يعني أن هناك ما بين 75 الى 80 بالمئة يحتاجون الى التسجيل على المنصة للاستفادة من البطاقة التمويلية خاصةً أن الطبقة الوسطى تقلصت كثيراً، ونسبة الفقر كانت العام الماضي 55 بالمئة يضاف اليهم الطبقة المتوسطة أي حوالى 20 بالمئة ما يعني أن هناك 75 بالمئة تقريباً سيحتاجون الى الدعم. 

وفيما يشدد رمال على أن البطاقة التمويلية باتت ضرورة على أبواب رفع الدعم، يأسف لعدم وجود رؤية لدى الحكومة لتبني أي خطة واضحة على اعتبار أنها في مرحلة انتهاء الخدمات، لذلك لم تفعل ما يجنب الانهيار.

إقرأ المزيد في: خاص العهد