خاص العهد
التدقيق الجنائي المدخل الوحيد للعدالة
فاطمة سلامة
حين أقرّت الحكومة اعتماد شركة "ألفاريز آند مارسل" للتدقيق الجنائي في مصرف لبنان، قيل إنّ هذا التدقيق سيكون حجر الأساس الذي يُبنى عليه الإصلاح. ومنذ ذلك الحين، يحاول البعض إسقاط "التدقيق الجنائي" بالضربة القاضية. طبعاً، الأسباب لا تحتاج الى شرح وتفسير، فليس من مصلحة المتورّط الكشف عن ارتكاباته. وقد سبق أن اصطدم قطار التدقيق بقرار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي امتنع عن تزويد الشركة بالمعطيات والمعلومات التي تريدها بذريعة "السرية المصرفية". وعليه، أقر مجلس النواب في 21 كانون الأول 2020 قانون تعليق السرية المصرفية، إلا أنّ هذا الإقرار لم يتمكّن من وضع التدقيق الجنائي على سكّة التنفيذ فاستمرّت المماطلة والمراوغة، فيما لا تزال الشركة تنتظر "الأجوبة" على الكثير من الأمور من مصرف لبنان.
عقل: التدقيق الجنائي هو المدخل الوحيد للعدالة
عضو المكتب السياسي في "التيار الوطني الحر" المحامي وديع عقل يرى أنّه ليس من السهل أن يعترف من سرق أموال الناس ويعيد الحقوق الى مكانها. لدينا واقعة في لبنان هي أنّ أموال المودعين في المصارف غير موجودة، وأي كلام سياسي لا يشفي غليل الناس الذين يريدون تحقيقاً في هذه القضية. يشدّد على أنّه تم الاتكال على الأجهزة القضائية والرقابية، لكن الواقع بيّن أنه لا القضاء الجزائي ولا الأجهزة الرقابة المالية قامت بواجباتها. برأيه، لو أدى هؤلاء مهامهم لما وصلنا الى ما وصلنا اليه اليوم. يلقي عقل باللوم على النيابة العامة التمييزية والمالية المناط بها عملية المراقبة والتحقيق بالقضايا المالية، المجلس المركزي في مصرف لبنان الذي يتكون من الحاكم ونوابه ومدير عام وزارة المالية ومدير عام وزارة الاقتصاد ومفوض الحكومة، بالإضافة الى هيئة التحقيق الخاصة التي من مهامها مكافحة تبييض الأموال، الهيئة المصرفية العليا، هيئة الرقابة على المصارف. كل هؤلاء من واجباتهم بحسب القانون -يقول عقل- مراقبة حسن إدارة المال العام وأموال المودعين.
ولا يبرئ عقل في الوقت نفسه السياسيين، لكنه يستشهد بالقانون الذي ينص على ضرورة أن يقوم هؤلاء بدورهم، وهذا ما دفعنا -يضيف عقل- للاستعانة بشركة أجنبية لتنجز التدقيق الجنائي بالحسابات بعد أن قصّر المعنيون. يؤكّد عقل أنه ولتحقيق العدالة فإن المدخل الوحيد هو التدقيق الجنائي فلا إمكانية أخرى لذلك ولا بالمقدور الاتكال على أحد لمعرفة كيف صرفت الأموال لاستردادها.
الرئيس عون لن يقبل أبداً بحصول عفو عام مالي
ويلفت عقل الى أنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لن يقبل أبداً بحصول عفو عام مالي كما حصل عام 1991، حيث جرى الإعفاء عن مرتكبي جرائم القتل والحرب، ليصبح السيء كالآدمي. هذا لن نقبل به -يقول عقل- فأموال الناس التي سرقت تسبب بها مجرمون ومجموعات مجرمة، واللبنانيون ظلموا ولن نقبل بذلك. ويشدد على أن سبباً رئيسياً لعدم تشكيل الحكومة يكمن في أن من سمى الرئيس المكلف سعد الحريري يحاول تمرير حكومة تؤدي الى الغاء التدقيق الجنائي وهذا سبباً رئيسياً لعدم تشكيلها حتى الآن.
سلامة يتعامل مع القضاء على أنه أكبر منه
ويتحدث عقل عن ارتكابات سلامة، فيلفت الى أنّ النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون لطالما اشتكت من سلامة فهو لا يزود القضاء بالحسابات بوصفه رئيس هيئة التحقيق الخاصة ولا يتعاون أبدا مع القضاء، ولم يقم بواجباته، لا بل يتعاطى مع القضاء اللبناني على أنه أكبر منه، واليوم يستخدم مع الشركة أسلوب المماطلة. ويشدد عقل على أنّهم يعملون على الهاء الشعب بالجوع وغيره لينسى التدقيق الجنائي ويتعود، وهذا ما نعمل دائماً على مقاومته لأنه خطير جداً.
رياض سلامة بات يشكل خطراً على مصرف لبنان
وفي معرض حديثه، يشير عقل الى أنّ سلامة لديه مشاكل أخرى خارج لبنان، فهناك جرائم مشتبه بها حقيقية، ونحن هنا نتحدث عن جريمة تبييض الأموال المشددة والملاحق بها في سويسرا بمئات ملايين الدولارات، أضف الى أنه وجّه لسلامة ادعاءين من القاضية غادة عون. برأي عقل، فإنّ رياض سلامة بات يشكل خطراً على مصرف لبنان لأنّه اتخذ من مصرف لبنان متراسا كي يقوم ببازار. يقف هو في الواجهة ويختبئ وراءه أشخاصا يدعمونه، فالخارج يقول أنه يشتبه برياض سلامة ولكن اذا بقي رياض سلامة في موقعه والمجموعة المحيطة به سيصبح مصرف لبنان في دائرة الاشتباه وسنرفض التعاطي معه وهذا -برأي عقل- خطير جداً ويجب أن لا يكون فيه استخفاف لأن الخارج اذا رفض التعامل مع مصرف لبان سيشكل هذا الأمر خطراً حقيقياً على الاستيراد.
وفي الختام، يلفت عقل الى أنّ سلامة يعمل على استغباء الناس، فبدل من أن يحقّق معه النائب العام التمييزي القاضي غسّان عويدات، وجّه سلامة كتاباً الى الأخير يحذّره من أن" الخارج لن يتعاطى مع لبنان بسبب الطريقة التي تتعاطون بها معي".