معركة أولي البأس

خاص العهد

في الذكرى العاشرة للثورة التونسية: عودة الى المربع الأول
19/01/2021

في الذكرى العاشرة للثورة التونسية: عودة الى المربع الأول

تونس - روعة قاسم
 
لم تمرّ الذكرى العاشرة للثورة التونسية دون اندلاع مظاهرات جديدة في عدد من المناطق التونسية احتجاجًا على تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية مما دفع البعض الى تسميتها بـ "ثورة الجياع". ورغم الحجر الصحي المفروض، إلا أن العديد من الشبان خرجوا في مظاهرات ليلية وانخرط بعضهم في عمليات تدمير وتعد على الأملاك العامة والخاصة. واعتُقل على اثر الاضطرابات عشرات الشبّان خلال الأيّام الثلاثة الماضية، معظمهم قاصرون تتراوح أعمارهم بين 14 و17 عامًا، بحسب ما قال المتحدّث باسم وزارة الداخليّة التونسية خالد الحيوني.

أعادت هذه الاضطرابات المخاوف من تدهور الوضع الأمني في بلد لا يزال يعيش أزمات سياسية واقتصادية بالجملة. فعدم الاستقرار السياسي، كان دافعًا رئيسيًا، بالنسبة للبعض، لشعور الشبان بعدم الثقة واليأس بشأن المستقبل الغامض خاصة أن الانقسامات السياسية بين الأحزاب والطبقة السياسية سواء في الحكم أو المعارضة غالبًا ما تخرج الى العلن من خلال المواجهات الكلامية المتصاعدة وبات البرلمان ساحة لها. وفي الحقيقة فإنه لم يخرج حتى الآن أي طرف سياسي للإعلان عن وقوفه وراء سلسلة الاحتجاجات العشوائية وغير المنظمة أو تبنيه لمطالبها أو دعمه لها، فجلّ الأحزاب تتبادل التهم، وبعض القيادات من حركة "النهضة" اتهمت بشكل غير مباشر ما أسموهم بـ"أنصار الرئيس قيس سعيد" بالوقوف وراء تحريك عجلة الاحتجاجات. ويفسّر البعض ذلك بالغضب من التحوير الوزاري الأخير الذي أخرج وزراء قيس سعيد من الحكومة. علمًا أن التحوير الوزاري شمل 12 حقيبة ويفترض توفير أغلبية بـ 109 أصوات في البرلمان لتأمين مروره.    

وأهم الأسماء المقترحة في التحوير الوزاري هي: وزير العدل يوسف الزواغي، وزير الداخلية وليد الذهبي، وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية عبد اللطيف الميساوي، وزير الشؤون المحلية والبيئة شهاب بن أحمد، وزير الصحة العمومية الهادي خيري، وزير الصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة رضا بن مصباح، وزير الطاقة والمناجم سفيان بن تونس، وزير التكوين المهني والتشغيل والإدماج المهني يوسف فنيرة،  وزير الشباب والرياضة زكرياء بلخوجة، وزير الفلاحة والصيد البحري والموارد المائية أسامة الخريجي، وزير الثقافة وتثمين التراث يوسف بن إبراهيم.

ورغم أن رئيس الحكومة هشام المشيشي أكد في ندوة صحفية أن التحوير الوزاري "يجسد استمرارية فلسفة حكومة كفاءات مستقلة، وان هذا التحوير يأتي بعد 4 أشهر من نيله الثقة وأنه جاء إثر تقييم انتهى الى الإقرار الضمني بوجود ضعف في التنسيق والانسجام بين أعضائها، الا أن اقصاء ما يسمى في تونس بـ "وزراء قصر قرطاج" اعتبره البعض استهدافًا صريحًا للرئاسة وتقربًا من خصومه السياسيين وفي مقدمتهم حركة النهضة.

ويرى المحلل السياسي والباحث في علم الاجتماع هشام الحاجي لـ "العهد" أن ما يحصل في تونس اليوم هو تصفية حسابات بين أطراف سياسية تلجأ الى الشارع لكسب المعركة على مستوى النفوذ في مواقع الحكم في الدولة، فالأطراف التي تضررت من التغيير الوزاري الأخير الذي شمل عدة تعيينات وأزاح وزراء محسوبين على أطراف سياسية لصالح طرف سياسي خصم، دفع البعض من أنصار الفريق الذي تمت إزاحة وزرائه للنزول للشارع والتسبب بالفوضى للضغط حتى تعود اليه تلك المكاسب على غرار وزارة الداخلية والصحة والعدل وغيرها التي خسرها هذا الفريق الحاكم".

ويرى محدثنا أن الخطورة تكمن اليوم في عدم تمكن هذا الفريق السياسي الذي يجيّش الاحتجاجات من السيطرة كما يجب على الشارع وأن تنسيقياته لا تراعي أن هذا الجيل الجديد غير المنضبط والذي قد ينساق الى أعمال إجرامية تتمثل بالاعتداء على الممتلكات العامة والفردية، وهو الشباب الذي تربى في العشرية الأخيرة في غياب دور الثقافة وغياب تعليم على مستوى عال. لذلك بحسب الحاجي "نشأ جيل ينقصه الوعي ويمكن أن ينزلق في أول فرصة الى أعمال السلب والنهب والتهشيم كما حدث خلال الأيام الأخيرة في العديد من الجهات التونسية، والخاسر الأكبر سيكون جميع الأطراف السياسية التي تتجه للشارع خاصة أن هناك طرقًا أخرى ديمقراطية وسياسية يمكن اللجوء من خلالها للتغيير المطلوب، مثل الانتخابات المبكرة. في حين أن اللجوء الى الشارع يحمل خطورة كبيرة وسيكلف البلاد والعباد ثمنًا كبيرًا".

والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو: هل سيحظى التحوير بثقة البرلمان خاصة بعد رفض ائتلاف الكرامة منح ثقته لوزراء المشيشي الجدد وهو ما يعني حتمية البحث عن حزام سياسي جديد للحكومة، فإلى جانب "النهضة" و"قلب تونس"، سيكون على المشيشي التوجه لنيل دعم كتل برلمانية أخرى مثل "تحيا تونس" و"الكتلة الوطنية" و"كتلة الإصلاح".  

 

إقرأ المزيد في: خاص العهد

خبر عاجل