خاص العهد
"أزمة نظام" في لبنان.. ونائب "رئيس التيار الوطني الحر" لـ"العهد": ليست جريمة تعديل وتطوير الدستور
فاطمة سلامة
حين نقارب الأزمات المختلفة على الساحة اللبنانية، نجد أنّ لبنان لا يعاني فقط من أزمة فساد، وأزمة سوء إدارة، وأزمة عقليات سياسية متضاربة، وأزمة ثقة، وأزمة قضاء وما الى هنالك من توصيفات. لبنان بكل بساطة يعاني "أزمة نظام" بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى وشمولية. يوماً تلو آخر، تتجذّر هذه الحقيقة أكثر فأكثر وتظهر تداعياتها في كل مفاصل وأركان الجمهورية. إلا أنّ المفارقة تكمن في أنّ هذه الأزمة واضحة وضوح الشمس، وهناك من يحاول حجبها بالغربال، والتعامي عنها لمصالح شخصية بعيدة كل البعد عن الوطنية والمسؤولية العامة. وعليه، فإنّ أزمة النظام هذه تبدو بأمس الحاجة الى حلول للخروج من الحلقة المفرغة التي يتخبّط فيها لبنان. ليس عيباً ولا محرماً أن يخرج من يدعو لتعديل وتطوير وتغيير هذا النظام. هذه الدعوة لا تعد انتقاصاً من قيمة النظام المعمول به حالياً. الحياة السياسية ليست ثابتة عند مكان وزمان معينين. فكما تتغير المجتمعات وتتطور وتتبدّل قوانينها لتجاري هذا التطور، كذلك الحياة السياسية تتغيّر أنظمتها مع تغير الأزمنة لتتلاءم مع الواقع المَعيش.
خريش: ندعو الى تطوير النظام ضمن الطائف والإصلاحات التي وردت فيه
وانطلاقاً مما تقدّم، كانت دعوة رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل الى حوار وطني ينتج عنه تصور مشترك لنظام سياسي. هذه الدعوة لاقت الكثير من الانتقادات ليصطاد عبرها البعض في الماء العكر. وفي هذا السياق، توضح نائب رئيس "التيار الوطني الحر" المحامية مي خريش في حديث لموقع "العهد" الإخباري أنّ باسيل دعا في كلمته الى حوار وطني لتطوير النظام بناء على المقاربة التالية: الحكومة معطّلة، عمل القضاء معطّل وكذلك مجلس النواب. هذا الواقع يحتّم علينا الجلوس كلبنانيين مع بعضنا البعض لوضع تصور مشترك لنظام سياسي يضمن الاستقرار في البلد. وفق خريش، لـ"التيار الوطني الحر" تصوره ومشروعه وقد طرحه بخطوطه العريضة بناء على دولة مدنية متلازمة مع لا مركزية إدارية ومالية موسّعة وذلك تطبيقاً لاتفاق الطائف. هناك إصلاحات وردت في الطائف لم تطبّق، وعليه، نحن ندعو الى تطوير النظام ضمن الطائف والإصلاحات التي وردت فيه.
وتوضح خريش أنّ باسيل لم يدعُ الى عقد تأسيسي جديد كما روّج البعض، بل الى تطوير النظام لحياة سياسية أفضل. مشروع التيار الوطني الحر يستهدف جملة إصلاحات تتناول: الإصلاحات الدستورية والثغرات الموجودة فيها، مجلس نواب خارج القيد الطائفي، مجلس شيوخ، قانون أحوال شخصية، لا مركزية موسّعة، وإدارة استثمار أصول الدولة. انطلاقاً من هذه المواضيع نطالب بأن يكون هناك تطوير للنظام -تقول خريش- اذ تبيّن من خلال هذه النقاط أن هناك ثغرات، ولهذه الأسباب دعا باسيل الى الجلوس على الطاولة، فالتيار الوطني الحر ينطلق من الطائف لتطوير النظام لأنّ هناك إصلاحات في الطائف لم تطبق منذ 30 عاماً ما أوصلنا الى ما نحن عليه اليوم.
ليست جريمة تعديل وتطوير الدستور
وفي سياق حديثها، تلفت خريش الى أننا نعيش تحت مظلة نظام سياسي يحتاج الى التطور، فالقانون يتطور وفقاً لتطور المجتمعات ومتطلباتها. والدستور أيضاً يتطور وفقاً لهذا المبدأ خاصةً في الحالة اللبنانية حيث يقوم الدستور على الطوائف والمذاهب، وبالتالي فالمطلوب تطوير الدستور. وفق خريش، ليست جريمة تعديل وتطوير الدستور، ولا يجوز أنه كلما أردنا أن نطوّر دستورنا ونحسّن فيه أن ننتظر حدوث حرب لإتمام ذلك. هذه ليست قاعدة، فقد تبيّن من خلال الممارسة أنّ هناك أزمة بالنظام الحالي، وعلينا أن نجلس سوياً للبحث في هذه الأزمة، خاصة أنّ هناك إصلاحات مطلوبة ووردت في الطائف الذي يشكل دستورنا. فهل تم تنفيذ هذه الإصلاحات؟ تسأل خريش التي تلفت الى أنّ القضية مبسّطة الى هذا الحد، ومشروع "التيار الوطني الحر" واضح ويتمثّل ببناء الدولة المدنية المتلازمة مع اللامركزية الإدارية المالية الموسعة، وهذا ما ورد في اتفاق الطائف. وتلفت خريش الى أنّه وبموازة ضرورة تشكيل الحكومة للخروج من الأزمة وضرورة التحول من اقتصاد ريعي الى منتج، هناك إصلاحات سياسية في النظام لتطوير حياتنا ويومياتنا.
وترى خريش أنّ المشكلة تكمن في أنّ البعض "يشيطن" الوزير باسيل مهما قال، والبعض لا يريد أن يسمع، والبعض الآخر يريد أن يسمع ما يريده وفق قاعدة "لا إله". تكرّر خريش :"نحن لم نسع لانقلاب في الداخل، ودخلنا الحياة السياسة في لبنان لتطويرها وتحسينها". تضع الهجوم على "التيار الوطني الحر" جراء تغريده خارج سرب الفساد والزعامات التي قامت على الطائفية والمزارع خلال 30 عاماً الى اليوم. تسأل خريش:" لماذا لم يسأل أحد من اللبنانيين الذي حمّلوا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والوزير السابق جبران باسيل مسؤولية ما يحصل اليوم، لماذا لم يسألوا من كانوا موجودين في الحكم على مدى عقود عن الإصلاحات؟".
هناك قوانين تحتاج الى إصلاح
وتكرّر خريش: " ما ندعو اليه ليس انقلاباً بل تطوير للنظام السياسي ضمن الطائف، ندعو لأن نجلس على الطاولة سوياً دون أن تفرض علينا ذلك أي دولة خارجية". ورداً على سؤال، تقول خريش:" بالتأكيد النظام الحالي لم يعد يصلح، بمعنى أنه يحتاج الى تطوير لأن الحياة منذ 30 عاماً شيء واليوم شيء آخر". برأيها، هناك قوانين تحتاج الى إصلاح، وأخرى يجب أن تواكب العصر. هناك عقدة يجب أن تحل لتسير الدولة بكافة مؤسساتها، فهناك الكثير من القوانين التي تواكب الفساد والتدقيق الجنائي ورفع السرية المصرفية ذهبت كلها الى اللجان. لماذا عندما نريد عرقلة قانون نرسله الى اللجان؟ تسأل خريش.
لا نريد تقسيماً ولا فيدرالية
وتضيف المتحدّثة " نحن مواطنون نطلب أن نعيش في بلد يحترم الإنسان ويُعطي المواطن حقوقه كما يأخذ منه واجبات. لا نريد تقسيماً ولا فيدرالية ولا نؤمن بهاتين النقطتين، علماً أن الفيدرالية هي نظام موجود في دول العالم لكنه لا يصلح في لبنان. ما يصلح هو اللامركزية الموسعة". وفق خريش، هناك الكثير من الأفكار والأطر تصلح لتطوير النظام وتحسين أداء الدولة وعيش المواطن بعيداً عن إطار المزارع التي فرضها علينا أمراء الحرب والميليشيات لنشر الخراب بين اللبنانيين.
وفي الختام، تقول نائب رئيس "التيار الوطني الحر" :"هناك ورقة تفاهم مع حزب الله نعيد قراءتها للوقوف عند ما طبّق منها وما لم يطبّق. وعليه، نحن نبحث في ورقة بين حزبين، فكيف الحال بدستور يرعى شعبا بأمه وأبيه؟".