خاص العهد
سلاحُ الشيخ النمر: عقيدة ملأى بالكرامة
لطيفة الحسيني
الكلمةُ سلاح. قاعدة الشيخ الشهيد نمر باقر النمر. هذا ما رسّخه قبل الارتقاء وبعده. من سار على نهجه، لا يلتفت الى سنوات الغياب الخمسة، لا يقف عند أطلال الرحيل، بل يرتوي بقيمٍ حُرّة تنبذُ الطغيان ولا تذعن للبطش والترهيب.
كَسَر الشيخ النمر هيبة السجّان ومن يُحرّكه في السعودية. "لا طاعة لمن يسلب الحرية ويُخالف عقيدتي"، هكذا قال وردّد. استعادةُ مرافعته أثناء محاكمته الظالمة تقود الى ثابتة واحدة: شهيدُ المستضعفين في عموم المنطقة الشرقية والخليج بنى معادلة "الكرامة فوق كلّ اعتبار، ولا اعتراف بما ينقضها".
عام 2012، اعتُقل الشيخ النمر إثر عمليةٍ أمنية أدّت حينها الى إصابته بجروح بليغة. الاعتقال لم يكن الأول لكنّه كان الأخير. أوصله الى الإعدام عام 2016. قبل ذلك، قضى أعوامًا أربعة في الاحتجاز الظالم. رغم الظروف القاسية والصعبة التي عاشها، لم يضعُف ولم يكلّ من رفع صوته أثناء استقواء السلطة عليه. شجاعته وجسارته تجلّتا خلال جلسات محاكمته، كيف ذلك؟
لا طاعة لمن يسلب حريّتي وأمني
يقول الشيخ الشهيد في إحدى مرافعاته: أقرُّ بأنه لا سمع ولا طاعة لمن يسلب حريّتي وأمني. أقرُّ بأن الدولة ليست أهمّ من كرامتي، بل إن حياتي أيضًا ليست أهمّ من كرامتي.
أين المدّعي؟
واجه الشيخ النمر أدوات النظام في القضاء. من موقعه كسجين، تصدّى لمحاولات النيل من إرادته وعزيمته. أمام القضاة والمدعي العام وكلّ من مثّل النظام وقف غير خائف، وأدلى بدلوه: "هذا المدّعي الموجود حاليًا أو من سبقه من المدّعين ليس أحد منهم خصمي، ولا أنا خصمٌ لهم، لأنني لا أعرفهم ولا هم يعرفونني، أما التهم والدعاوى فهي من إعداد جهاز هيئة التحقيق والادّعاء العام الذي هو جزء من وزارة الداخلية التي انتفخت وتغوّلت وهيمنت على كل الوزارات والمؤسسات والسلطات في الدولة، حيث يرهبها الجميع، فخصمي هو هيئة التحقيق والادعاء التابع للداخلية، وعليه لا يوجد خصمٌ حاضرٌ هنا في المحكمة يدّعي عليّ، وعن ذلك ينتج فقدان أحد ركني الدعوى، أي المدّعي وبهذا تسقط الدعوى لعدم وجود المدّعي.
لا استخدام لليد والقوة
دحض الشيخ النمر افتراءات الجهة المدّعية عليه، قال لها إن "هيئة التحقيق لم تأتِ بقرينة واحدة ولو ركيكة تفيد بأنني حملتُ السلاح فضلًا عن الخروج المسلّح. منهجي واضح وصريح في رفض استخدام اليد والقوة، فضلًا عن استعمال السلاح في مواجهة الأزمات والصراعات والخلافات".
بيعتي لله
ردًا على المدعي العام، أكد الشيخ النمر في مرافعته أنه لم يُبايع في الأصل ليُتّهم بأنه نقض البيعة المنعقدة له في ذمّته، وذلك لأنه شيعي ومآل عقيدة الشيعة في البيعة وحقيقتها أنها بيعة لله سبحانه وتعالى.
خطبي تتطرق للمفاهيم الأخلاقية والاسلامية
كذّب الشيخ النمر مزاعم السلطة القضائية التي ادّعت بأنه يذكّي الفتنة الطائفية، فقال أمامها: "كيف أكون ممّن يثير الفتنة الطائفية والحال أن لي أكثر من 3 آلاف خطبة ومحاضرة، وأكثر من 98% منها لم أتطرق فيها للشأن العقائدي، إنما تطرقتُ فيها الى المفاهيم الاسلامية والأخلاقية والآداب الشرعية؟".
السلطة الحاكمة استغلّت أحداث البقيع
عن أحداث البقيع عام 2005، قال سماحته إن ما حصل وقتها لم يكن أعمال شغب كما زعم المدعي العام، ولم يكن تخريبا لمقبرة البقيع، بل كان هناك جمعٌ من الزوار أغلبهم من أهالي القطيف والأحساء يزور أئمة البقيع عليهم السلام، فاعتُديَ عليهم من قبل بعض القائمين.. إن من استغلّ الأحداث هي السلطة الحاكمة وعلى رأسها وزير الداخلية".
حاكم البلاد ليس وليّ أمر المسلمين
لم يخشَ شيئًا الشيخ الشهيد. الوعيد بتغليظ العقوبة لم يردعه عن قول الحقّ لأدوات السلطان الجائر. ممّا يُنقل أنه توجّه به الى المدعي العام: "عقيدتي هي بأن لا طاعة مطلقة إلّا لأولي الأمر الذي اصطفاهم الله واختارهم خلفاء لرسوله وجلهم أئمة وهم 12 إمامًا وخليفة بعد رسول الله (ص)، وأنا أؤكد عدم سمعي وطاعتي لحاكم هذه البلاد ولا لأيّ أحد إلّا فيما طابق الحقّ، وأدعو الناس وجميع المؤمنين لذلك، وهذه عقيدتي لن أتزحزح عنها قيد أنملة. حاكم هذه البلاد ليس وليّ أمر المسلمين، بل والٍ نعم، وليس له الولاية عليّ وهناك فرق بين الوالي والوليّ".
عداوة الشيعة عكّاز السلطة
بجرأته، شدّد الشيخ النمر أمام القاضي أن "عدواة محمد بن سعود ومحمد بن عبد الوهاب والملك عبد العزيز للطائفة الشيعية أمرٌ ثابتٌ لا غبار عليه، والوقائع التاريخية تشهد على ذلك، ولم تكن عداوتهم للشيعة بُغضًا للشيعة ولا حبًّا للسنّة، بل عكاز للسلطة والتسلّط وكان لهم ما طلبوا".
السيف الأملح نظام الدولة
وجزم بأن "نظام هذه الدولة نظام استبداد وظلم وتعدٍّ على الحريات وانتهاك للحقوق، وقائمٌ على مفهوم السيف الأملح. شروط الشرعية للحكم ليست متوفرة في حكام هذه البلاد، لأنه حكمٌ قام على الغلبة بالسيف الأملح وبالتوارث واحتكار السلطة وإقصاء عموم المجتمع من غير أولاد عبد العزيز وهذا ما لا يوجد نصّ شرعي يدلّ عليه".
لم أندم
كلّ محاولات الضغط عليه فشلت. الشيخ النمر تمسّك بكلّ ما صدر عنه قبل السجن وأثناءه. وهو قال صراحة: نعم إن الخطب التي خطبتها صدرت بإرادتي وعن قناعة تامّة مني بها، لستُ نادمًا عليها.