خاص العهد
مدير مكتب الرئاسة الايرانية لـ"العهد": شهادة سليماني كسرت شوكة قاتليه
طهران - مختار حداد
بمناسبة الذكرى السنوية الاولى لاستشهاد الفريق الشهيد الحاج قاسم سليماني والشهيد الحاج ابو مهدي المهندس ورفاقهما الأبرار، التقى موقع "العهد" الاخباري مدير مكتب رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية الدكتور محمود واعظي، الذي أكد أن هذه الشهادة "كسرت شوكة وهيمنة قاتليه المزيفة والواهنة"، وموضحًا أن "إدارة ترامب اعتبرت القائد سليماني عقبة رئيسية أمام سياساتها التخريبية والتصعيدية في المنطقة، ولهذا اغتالته بهذه الطريقة المخزية والإجرامية".
ولفت واعظي في مقابلته مع "العهد" الى أن "الردّ الرئيسي على هذه الجريمة هو الانسحاب الكامل لامريكا من المنطقة. استراتيجيتنا الأساسية في المنطقة، والتي أعلناها دائمًا للدول المجاورة، هي ضمان الأمن من قبل دول المنطقة ومواجهة التدخلات الأجنبية، ولا تزال خطة هرمز للسلام التي أعلنها الرئيس روحاني في الأمم المتحدة مطروحة على الطاولة ونعتقد أنه سيتم تحقيقها بمساعدة دول المنطقة، فنحن نرى أنه من خلال التعاون الإقليمي، يمكننا إرساء السلام والاستقرار، ولا حاجة لتواجد الأجانب في المنطقة".
وفيما يأتي نص الحوار:
- في الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد لواء الاسلام الشهيد الحاج قاسم سليماني ورفاق دربه، تزعم أمريكا أنها كسرت شوكة ايران، ما هو تعليقكم؟
في تعاليمنا الاسلامية، نعتقد أن دم الشهيد وصمة عار على الظالمين. الشهيد الفريق سليماني كان في حياته مبعث الأعمال العظيمة للبلاد ومحور المقاومة والمنطقة، كما أدى استشهاده إلى حصول تقارب وتضامن بين شعوب المنطقة ضد أمريكا. في الواقع، نعتقد أن شهادته كسرت شوكة وهيمنة قاتليه المزيفة والواهنة، تلك الدولة التي تدعي أنها قوّة عظمى في العالم، عندما تغتال قائدنا العسكري بغدر وجبن كامل وأثناء جولة دبلوماسية رسمية، تعني أولاً أنك لم تكن في الميدان خصماً له ولحلفائه، وثانيًا أنك ضد إرثه. إن إرث الشهيد سليماني جليّ بشكل واضح اليوم، ليس فقط في المنطقة بل في العالم أجمع، لا سيما أنه العدو الأول للإرهابيين الذين حوّلوا العالم لمكان غير آمن. حوادث إرهابية عديدة نفّذها "داعش" في الغرب، من قبيل ما حدث في بروكسل ولندن ومانشستر وغيرها من المدن الاوروبية، وهذا خير دليل على أن الحاج الشهيد قاسم سليماني، من خلال هزيمة "داعش"، جعل المنطقة والعالم أكثر أمناَ. كان هناك بالفعل أدلّة عديدة على دعم الحكومة الأمريكية للجماعات الإرهابية في المنطقة، لكن إدارة ترامب أثبتت ذلك من خلال اغتيالها الشهيد سليماني.
- صبّ الشهيد الفريق قاسم سليماني جميع طاقاته في سياق مواجهة المؤامرات الأمريكية، كيف حقّق هذا النجاح وتمكّن من التصدي للمزاج المتغطرس لأمريكا؟
أكبر دليل على نجاح هذا الشهيد العظيم في التصدي للمؤامرات الاستكبارية الأمريكية وإفشال مخططات هذا البلد في المنطقة، هو اغتياله من قبل إدارة ترامب. من الواضح أن إدارة ترامب اعتبرته عقبة رئيسية أمام سياساتها التخريبية والتصعيدية في المنطقة، ولهذا اغتالته بهذه الطريقة المخزية والإجرامية.
الشهيد سليماني كان يهدف للقضاء على الارهاب في المنطقة. وقد تمكّن هذا الشهيد العظيم من تشكيل تحالف إقليمي قوي ضد الإرهابيين المجرمين في العراق وسوريا، وساعد شعوب المنطقة في الأيام الصعبة بمواجهة "داعش" والجماعات الإرهابية الأخرى. كما لم يكن الحاج قاسم رجلاً في ميدان المعركة فحسب، بل كان أيضًا دبلوماسيًا محنكاً، لقد جمع بين الشجاعة والحكمة معًا. كانت شجاعته متأصلة في إيمانه وعقيدته، وكانت حكمته متجذرة في المعرفة والخبرة التي اكتسبها خلال عقود من الكفاح في سبيل الله.
لقد تجسّد دوره الفريد في محاربة الإرهاب آخذاً بعين الاعتبار وبكامل الاحترام السيادة الوطنية للدول المعنية، فساعدهم بناء على طلب رسمي من حكومتي العراق وسوريا بالتصدي للارهاب، وهذا سبب ارتفاع شعبيته في دول المنطقة. الفريق سليماني هو فخر إيران، لكننا لا نعتبره يخصّنا فقط، لقد كان رحيله فاجعة لجميع المسلمين. حتى خارج العالم الإسلامي، فقد خدم الإنسانية، بغض النظر عن الجنسية أو الدين أو العرق، من خلال لعب دور رئيسي في هزيمة "داعش" وخلق الأمن والاستقرار.
- بعد شهادة الحاج قاسم، أعلن الامام الخامنئي أن الهدف الأساس بات إخراج القوات الامريكية من منطقة غرب آسيا، وبعد مرور عام على استشهاده أين هو نفوذ امريكا في المنطقة اليوم؟
هذا ليس بیانًا لقائد الثورة المعظّم فقط، بل نعتقد أنه وعد إلهي. كما قلت نحن نعتقد أن دم الشهيد وصمة عار على الظالمين ونقطة انطلاق لأفولهم، إذ تراجعت قوّة امريكا اليوم في العالم، وليس فقط في منطقة غرب آسيا. أدلة عديدة تتكشف أمامنا لو كان لدينا متسع من الوقت للخوض في هذا الموضوع. في منطقتنا، تراجع تأثير ومكانة امريكا أكثر من أي وقت مضى، ولا بد أن استشهاد القائد سليماني لعب دورًا مهما في هذه العملية.
- كيف سيتم استكمال الردّ على هذه الجريمة، خاصة أن هناك تأكيدا على ضرورة الانسحاب الأمريكي من المنطقة؟
من ناحية الردّ العسكري، تعلمون حتماً أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية أمطرت القاعدة الأمريكية المتورطة في اغتيال الشهيد سليماني بالصواريخ. لقد بعث هذا الهجوم الهادف رسالة واضحة للأمريكيين مفادها أن التعرّض للجمهورية الاسلامية الايرانية وتجاوز خطوطها الحمراء لن يمرّ دون رد بالتأكيد.
ولكن، كما ذُكر آنفاً، نرى أن الردّ الرئيسي على هذه الجريمة هو الانسحاب الكامل لامريكا من المنطقة. استراتيجيتنا الأساسية في المنطقة، والتي أعلناها دائمًا للدول المجاورة، هي ضمان الأمن من قبل دول المنطقة ومواجهة التدخلات الأجنبية. لا تزال خطة هرمز للسلام التي أعلنها الرئيس روحاني في الأمم المتحدة مطروحة على الطاولة ونعتقد أنه سيتم تحقيقها بمساعدة دول المنطقة. نرى أنه من خلال التعاون الإقليمي، يمكننا إرساء السلام والاستقرار، ولا حاجة لتواجد الأجانب في المنطقة. لم يتسبّب وجود الأجانب في المنطقة حتى الآن سوى بالدمار والحروب. لقد اعتمدنا هذه الاستراتيجية دائماً، وبعد استشهاد القائد سليماني، أصبحنا أكثر إصرارًا على تحقيقها.
- كيف كان دور الشهيد سليماني في مواجهة الارهاب ودعم وترسيخ محور المقاومة؟
لقد كان دوره في مكافحة الإرهاب ودعم شعوب المنطقة في مواجهة الجماعات الإرهابية واضحًا جداً. ففي ذلك الوقت عندما احتل فيه الإرهابيون ثلثي الأراضي السورية، كان الحصار الذي فرضه الارهابيون شديدًا لدرجة أننا شهدنا تفجيرات وعمليات إرهابية بالقرب من دمشق وقرب مؤسسات الحكومة السورية، وفي العراق أيضًا كان الوضع مشابهًا جدًا لما كان عليه في سوريا، حيث احتل تنظيم "داعش" معظم البلاد ووصل انعدام الأمن إلى ذروته.
إن صور الجرائم التي ارتكبها الإرهابيون في هذين البلدين، وبالطبع في أجزاء أخرى من العالم، لم تُمحَ بعد من ذاكرة دول المنطقة. من يريد أن يدرك دور الجمهورية الإسلامية الإيرانية والشهيد قاسم سليماني في المنطقة، عليه أن يقارن صور تلك الأيام التي طغى بها الارهاب على المنطقة بالوضع اليوم. كانت هزيمة "داعش" ذروة المقاومة في المنطقة، ولم يكن هذا ممكنًا لولا الشهيد الفريق سليماني وقيادته الميدانية.
في ذكرى استشهاد الحاج قاسم، أود أن أذكر رفيقه الشهيد المجاهد الكبير الحاج أبو مهدي المهندس أحد كبار رموز المقاومة الذي كان أحد القادة الرئيسيين في الحرب ضد الإرهاب في العراق حيث سيبقى اسمه خالداً في التاريخ.
- هل تمكّنت أمريكا من خلال اغتيال الحاج قاسم من إيقاف مسيرته، أم أن محور المقاومة بات أقوى؟
درب الشهيد سليماني درب المقاومة ومواجهة الغطرسة والاستكبار والجهاد في سبيل الله. علمنا ديننا أن هذا الدرب لا يتوقف عند الاستشهاد. نحن في الإسلام لا نعتبر الاستشهاد خاتمة أو نهاية، فالشهادة تجعل طريق الحقيقة أقوى وأكثر ديناميكية وأعلى مرتبة. رغم أن الحاج قاسم سليماني كان بطلاً في محاربة الإرهاب ومناهضة الاستكبار، فإن استشهاده لا يعني إضعاف محور المقاومة، ومن المفارقات أنه بفضل دمه الطاهر استيقظت شعوب المنطقة اليوم وأصبح محور المقاومة أقوى وأمتن من أي وقت مضى.
- كيف كانت علاقة الحاج قاسم وتعاونه مع حكومة الجمهورية الإسلامية الايرانية؟
لقد قدّم في هذا الصدد وزير الخارجية الدكتور ظريف توضيحات كاملة سبق نشرها في وسائل الإعلام المختلفة. وتجدر الإشارة إلى أنه في الأمور المتعلقة بالأمن القومي والمصالح الوطنية والقضايا الاستراتيجية مثل السياسة الخارجية والسياسات الإقليمية، هناك تكامل كامل بين جميع أركان الجمهورية الإسلامية. كان النطاق العملياتي للشهيد سليماني إحدى تلك الحالات التي كان ولا يزال حولها تقارب كامل في بلدنا. في حكومة الجمهورية الإسلامية الايرانية، اعتبرنا دائما الدبلوماسية والقوّة الدفاعية بمثابة الجناحين الرئيسيين للبلاد، ولم نسمح أبدا بإضعاف أي من هذين الجناحين أو التفريق بينهما. وبناءً على ذلك، كانت علاقة القائد سليماني وثيقة جدا بحكومة الجمهورية الإسلامية ورئيس الجمهورية نفسه. فيما يتعلق بقضايا السياسة الخارجية، عقدت اجتماعات أسبوعية منتظمة مع وزير الخارجية. هذا التقارب والتنسيق لم يكن قائماً على الأفراد فحسب، بل هو استراتيجية حكم في الجمهورية الإسلامية الايرانية.