معركة أولي البأس

خاص العهد

 على ماذا استندت دعاوى حزب الله أمام القضاء؟ وماذا يقول القانون؟ 
05/12/2020

 على ماذا استندت دعاوى حزب الله أمام القضاء؟ وماذا يقول القانون؟ 

فاطمة سلامة

لطالما فضّل حزب الله الترفّع عن كلّ الأحقاد التي يبثها البعض في الوطن افتراءً ولغاية في نفس مشغّليه. على مدى سنوات مضت أدار الحزب الظهر لكل ما قيل ويُقال في سبيل الإفتراءات والتّجني. من يخبَر عقلية حزب الله يدرك جيداً أنّ التّرفع شكّل ديدناً له، فأهدافه الحزبية والسياسية والمجتمعية أبعد من الدخول في لعبة الردود. أمّا وقد وصلت غايات البعض الفتنوية حد استثمار واستغلال حادثة انفجار المرفأ لرمي التّهم جزافاً على حزب الله وتحميله دم الشهداء وآلام الجرحى وأوجاع أهالي المفقودين وتشريد المئات، عدا عن الأضرار الهائلة التي لحقت بلبنان، فإنّ المسألة لم تعُد تحتمل السكوت. فهل يُعقل رمي التّهم جُزافاً وعشوائياً من قِبل بعض المأجورين وبلا أي أدلّة وتحميل نكبة بهذا الحجم لحزب سياسي دافع عن الوطن من أقصاه إلى أقصاه وقدّم خيرة شبّانه لحماية أبنائه؟.

عادةً، عندما تحصل أي حادثة تحضر الجهات المعنية في التحقيق لجمع الأدلة الجرمية والقرائن والمعطيات. إلا أنّ المُفارقة تكمن في أنّ حقد البعض دفع به وبعد دقائق من حادثة المرفأ وقبل جلاء دخان الإنفجار حتّى إلى تحميل المسؤولية لحزب الله عملاً بقاعدة "كلام بدون جمرك". فقلة المحاسبة دفعت بكثيرين إلى نسج ما يحلو لهم من بنات أفكارهم وأفكار مشغّليهم للتجرؤ واستسهال اللعب على أوتار الفتنة. وللأسف، باتت مهمة الإفتراء والتّجني بمثابة مهنة لجوقة من الصحفيين والسياسيين، وهي مهنة تتناغم مع المشروع والأجندة الأميركية الساعية لتشويه صورة حزب الله بأي ثمن. تماماً كما أنّها مهنة "مربحة" مادياً بدليل المليارات من الدولارات التي تحدّث عنها نائب وزير الخارجية الأميركية ديفيد هيل. 

هاشم: الدعاوى التي قدّمت تستند على هذه الأفعال الجرمية

وانطلاقاً من هذا الواقع، رأى حزب الله أنّ من واجبه عدم السكوت على الإتّهامات التي سيقت بحقه نظراً لما تحمل في طياتها من تداعيات تهدّد السلم الأهلي، فكان تكليف عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب ابراهيم الموسوي من قبل قيادة حزب الله بمتابعة هذه القضية عبر اللجوء إلى القضاء لتقديم الدعاوى ضد النائب السابق فارس سعيد وموقع "القوات اللبنانية" الإلكتروني، لاتهامهما الحزب بمسؤولية عن انفجار المرفأ، فيما تُحضّر دعاوى أُخرى. 

وفي هذا السياق، يقدّم رئيس تجمع المحامين في حزب الله المحامي حسين هاشم لموقع العهد" الإخباري قراءة قانونية في الدعاوى التي قدّمت فيوضح أنّ هناك عدة مواد قانونية تنطبق عليها الأفعال الجرمية التي ارتكبها سعيد وموقع "القوات". الدعاوى التي قدّمت تستند على جرم النيل من هيبة الدولة والشعور القومي وإثارة الفتنة والنّعرات الطائفية والعنصرية والمذهبية والحضّ على النّزاع بين الطوائف ومختلف عناصر الأمّة والقدح والذم. يشدّد هاشم على أنّ الأفعال التي قام بها المدعى عليهما تستهدف النّيل من كرامة وشرف حزب الله واتهامه اتّهامات باطلة وإطلاق افتراءات تشكّل مواداً دسمة لإثارة الحرب الأهلية وزعزعة السلم الأهلي. ومن هذا المنطلق، كان لا بد من وضع حدّ لهذه الأفعال والإرتكابات فكان القرار بتقديم هذه الشكاوى بناءً على المواد القانونية الأساسية التي تتمحور حولها، للَجم هؤلاء الأشخاص سواء كانوا طبيعيين أم معنويين ووضع حدّ لهذا الإفتراء المُتمادي الذي دام لأكثر من أربعة أشهر منذ تاريخ الإنفجار حتّى تاريخه. 

 على ماذا استندت دعاوى حزب الله أمام القضاء؟ وماذا يقول القانون؟ 

قانون العقوبات اللّبناني يشتمل على مواد جُرمية حيال كل من يقوم بإثارة النّعرات الطّائفية والمذهبية وغيرها...

يُقارب هاشم قضية إثارة النّعرات الطائفية والمذهبية والحض على الفتنة وغيرها بشكل عام ومن منطلق قانوني، فيلفت إلى أنّ قانون العقوبات اللّبناني يشتمل على مواد جرمية حيال كل من يقوم بهذه الأفعال، وهذه المواد تجرّم المرتكب ما بين الجنحة والجناية. وفق القانون وتحديداً المادة 317 من قانون العقوبات اللبناني فإنّ:" كل عمل وكل كتابة أو خطاب يقصد منه أو يُنتج عنه إثارة النّعرات المذهبية أو الحضٍ على النّزاعات بين الطوائف ومختلف عناصر الأمّة يعاقب عليه بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات..". مثال على ذلك -يقول هاشم- يعمد بعض الأشخاص إلى إطلاق تصريحات أو وضع تغريدات على مواقع التّواصل الإجتماعي تتّهم حزب الله زوراً. ويلفت هاشم إلى أنّ هناك جرائم تتعلّق بإثارة الفتنة وعقوبتها الأشغال الشاقّة المؤبّدة. فنحن هنا نتحدّث عن السلم الأهلي وهيبة الدولة والشعور القومي، وارتكاب جرم النيل من هذه الأمور ليس عادياً ولا يتعلّق بين فرد وآخر، بل جرم كبير يتعرّض فيه المرتكب للمجتمع بأكمله ويعرّض الدّولة بأكملها لنزاعات واقتتال طائفي عانَينا منه 18 عاماً. 

لا يستطيع أي شخص إطلاق تصريحات دون وجود أدلّة وتقديم دعوى إلى القضاء

وفي معرض حديثه، يلفت هاشم إلى أنّ المُشترع اللّبناني عدّل المواد التي تتعلّق بهذه القضايا عقب الحرب الأهلية حيث شدّد العقوبات على هذه الجرائم لما تحمله من زعزعة للسلم الأهلي، فنحن عانَينا في لبنان من حرب أهلية عمَد بعدها المشترع إلى تشديد العقوبات حتٍى لا يجرؤ أحد على المس بالسلم الأهلي وإثارة النّعرات أو القيام بفتن بين عناصر الأمّة اللّبنانية. هذه الجرائم خطيرة جداً، ونحن في جريمة المرفأ أمام جريمة إنسانية راح ضحيتها شهداء وجرحى ومفقودين، فكيف يتمّ اتّهام جهة بدون أي أدلّة؟. وفق هاشم، فإنّ إطلاق تصاريح فيها اتّهامات مباشرة بقتل وتشريد الناس أو أي فعل ما، يحتاج قانوناً إلى وجود مستندات وأدلة للذهاب بها إلى القضاء. لا يستطيع أي شخص إطلاق تصريحات دون تقديم دعوى إلى القضاء. إذا كان لدى أي شخص مستندات وأدلة تدين هذا الحزب من المفترض أن يلجأ إلى القضاء ويقدم مستنداته وأدلته ليحاكم القضاء الجهة المدعى عليها. أمّا إطلاق تصريحات صحفية وكتابات غير مسؤولة على وسائل التّواصل تتضمّن افتراءات واتهامات بقتل جماعي وتدمير منازل ومناطق بأكملها تؤدي إلى وضع هذا الحزب أو المجموعة أمام أهالي الشهداء والجرحى وتقول لهم أنّ هذا الحزب هو من قام بالتفجير بدون أدلة ومستندات، فهذا افتراء وينطبق عليه فعل المواد الجرمية المنصوص عليها في قانون العقوبات اللّبناني. 

كان لا بدّ من تقديم شكاوى حتّى يحسب كل شخص حساباً لكلامه

ويكرّر هاشم ما قاله النائب الموسوي لجهة أنّ حزب الله انتظر 4 أشهر منذ تاريخ الإنفجار ليرتدع هؤلاء أو يتوقفوا عن الإستمرار بهذه الأفعال والإرتكابات، لكنهم لا زالوا في مشروعهم وافتراءاتهم حتى تاريخه. ومن هنا كان لا بد -وفق هاشم- من اللجوء إلى القضاء كي يقف هذا المسلسل من الإفتراءات والكذب. أحد المواقع المدعى عليها ينقل وبعد ربع ساعة من الإنفجار عن صحيفة العدو أنّ الطيران "الإسرائيلي" يقصف مستودعات أسلحة لحزب الله. يسأل هاشم، كيف يمكن لأحد إطلاق الإتّهامات قبل أن يحط غبار الإنفجار على الأرض وقبل أن يعرف أحد ماذا حصل؟. أكثر من ذلك، تبيّن أنّه حتى صحيفة العدو لم تورد على صفحاتها هذا الخبر. يشدّد هاشم على أنّ هذه الأخبار ملفّقة وهي عين الفعل الجرمي. من يملك موقعاً إلكترونياً من المفترض أن يكون لديه مصداقية ويتحقّق من المعلومات، لا أن ينشر أخباراً تؤدي إلى حرب -وهو ثالث انفجار في العالم بعد القنابل الذريّة كما يقولون- ويدّعي أنّ الحزب يملك مستودعات أسلحة وضربتهم "إسرائيل". ويؤكّد هاشم أنّنا إذا أردنا أن نحسن الظنّ قد نقول أنّ ما حصل قلّة مسؤولية وإهمال، ولكن إذا أردنا أن نعطي الأمور حقيقتها فهذا فعل جرمي وهناك سوء نيّة من ورائه، لذلك كان لا بد من تقديم شكاوى حتى يحسب كل شخص حساباً لكلامه ويسأل نفسه ما إذا كانت كلمته مسؤولة تستند إلى أدلّة أم لا. عندها، إذا كان لديه أدلة يتحدّث، أمّا اذا لم يكن لديه أدلة يسكت. 

وفي الختام، يرى هاشم أنّ البعض تعوّد على إطلاق التّهم بدون مُساءلة، أمّا اليوم فقد اختلف الوضع.

القضاء

إقرأ المزيد في: خاص العهد

خبر عاجل