معركة أولي البأس

خاص العهد

السودان:
30/10/2020

السودان: "لاء" واحدة.. ضدّ التطبيع!

زينب عبدالله

كانت مصر والأردن أول الدول العربية المطبّعة مع عدو الأمة، وبعدها انضمّت الإمارات والبحرين والسودان.

لا! صحيح القول هو إنّ النظام في كلّ من مصر والأردن والإمارات والبحرين والسودان هو الذي أتى خاطباً ودّ النظام المحتلّ. أمّا الشعوب فلا، ليست كمن يحكُمُها.

كثيراً ما تؤخذ الشعوب بجريرة حكّامها، ولكن عندما يكون الشعب عصيّاً على التطبيع، يكون على يقينٍ أنّ بوسعه تغيير مسار الأمور رغم أنف الحاكم. ومن الشعوب التي من مصاديق كرامتها الإباء ورفض الإذعان، تلك التي تغسل عن نفسها عار حكّامها وتفعل كلّ ما بوسعها لقلب الطاولة على مؤامراتهم.

 ومن الشعوب أيضاً من يسترخص كلّ نفيس مقابل حريّة فلسطين، ويحرّك بوصلة كرامته اتّجاه القبلة الأولى، فتكون دائماً هي الدافع والعنوان.
عن موقف أحد مكوّنات المجتمع السوداني، يتحدث الوزير السابق حسن رزق، ونائب رئيس حركة "الاصلاح الآن" في السودان لموقع "العهد" الإخباري، مؤكدًا أنّ بلده ظل يساند القضية الفلسطينية منذ العام ١٩٤٨، وحارب إلى جانب الفلسطينيين والعرب في كل حروبهم.

ويردف قائلاً إنّ على يدي السودان تمّ توحيد الأمة وانطلاقها نحو تحرير فلسطين والأقصى عبر لاءات الخرطوم الثلاث، في إشارة منه إلى قمة اللاءات الثلاث .

القمّة المعروفة تاريخياً هي مؤتمر القمة الرابع الخاص بجامعة الدولة العربية. عقدت في العاصمة السودانية الخرطوم في 29 آب/أغسطس عام 1967 على خلفية هزيمة العرب ضدّ الكيان "الإسرائيلي" في حزيران/يونيو من العام نفسه. وقد عرفت القمة باسم قمة اللاءات الثلاث حيث خرجت بإصرار على التمسك بالثوابت من خلال لاءات ثلاث: لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض مع العدو الصهيوني قبل أن يعود الحق لأصحابه.

ويعبّر نائب رئيس الحزب السوداني عن ذلك بأنّه حدثٌ عظيمٌ أصبح غرةً بيضاء في جبين السودان سطّره قادة عظماء أمثال المحجوب والأزهري ... ثمّ يستدرك قائلاً "ولكن بعد ٧٢ عاماً من الصمود والتحدي جاء قادة ضعفاء أضاعوا القضية واتّبعوا العملاء والدول الاستعمارية وباعوا المسجد وفلسطين وشرف الأمة".

مصمّماً على أنّ المطبّعين سيخلدون مع الخونة وأراذل الأمة العربية، يؤكّد الوزير السابق أنّ الشعب السوداني لن يتخلّى عن مبادئه ولكنه سيتخلى عن أراذله: "وسنظل ندافع عن فلسطين وأرضها وشعبها وسنكون مع أول الداخلين والمحررين للمسجد الأقصى عند وعد الآخرة الذي نرجو ان يكون قريباً".

الى ذلك، يعتبر الأستاذ حسن رزق أن لا فائدة من التطبيع مع العدو الصهيوني وقد جربته دولٌ عربية وإسلامية فلم تجنِ شيئًا "بعد كامب ديڤد خسرنا الدول الافريقية التي كانت كلها تقف مع فلسطين وتقاطع كيان الاحتلال، وطبّعت تلك الدول وصارت سوقاً للعدو".

ويسهب الوزير السوداني السابق بالحديث عن عواقب التطبيع التي أصابت من انجرّ إلى وحله، مستذكراً كيف خسرت مصر زراعتها وصحتها وأمنها وريادتها، وكيف خسر الفلسطينيون وحدتهم وسلاحهم والكثير من أرضهم، فضلاً عن خسارتِهم القدس وقيامِ المستوطنات وهدمِ منازلهم وقتلِ وسجنِ الاطفال والنساء...

ويشدّد رزق على أن انعدامَ الفائدة انطبق أيضاً على الأردن وموريتانيا وتشاد وأفريقيا الوسطى وأريتريا وجنوب السودان... والقائمة تطول متضمّنةً كلّ الدول التي طبّعت مع كيان الإحتلال، مضيفاً إن السبب في ذلك هو أنّ "اليهود بخلاء غلّت أيديهم ولا يؤتون الناس نقيرا".

ومن جهته، يؤكد عضو الأمانة العامة للتجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة ومنسق فرع السودان الأستاذ إدريس عبد القادر عايس أنّ السودان لم يتخلَّ عن كونه خزان المسيرات الرافضة للعدو الصهيوني، ولكنّ النظام الحاكم غدر بالشعب ووقع في أحضان دول الخليج واشتغل بأمرهم، مشدّداً على أنّ هذا ما يرفضه الشعب بالرغم من أنّ موقف الحكومة الانتقالية أثّر على شريحة كبيرة من الشعب.

لذلك، يقول الباحث الإسلامي والناشط السياسي السوداني: "نجدُ أنّ الشعب السوداني اليوم منقسم بسبب الوضع الاقتصادي المنهار وكثير منهم يعتقدون أنّ السبب هو حصار أمريكا وعقوباتها على الوطن، ولكنّهم ما زالوا ينظرون إلى قضية فلسطين باعتبارها السبب الأساسي لمقاومة التطبيع".

ويضيف الأستاذ عايس أنّ غالبية الشعب السوداني مقاوم ورافض للتطبيع ونجد مثالاً على ذلك في التجمعات العامة ومواقفه ضدّ التطبيع واعتباره امراً مشيناً ومرفوضاً.

وفي معرِض تعليقه على موقف المجموعات المعارِضة، يعتبر الناشط السياسي أنّ "حزب الإصلاح لا كلمة له مسموعة اليوم والسبب هو أنّ رموزه قد شاركوا في حكومة البشير، ولذلك لا صوت لهم يسمع وسط الشعب".

بالمقابل، يؤكّد أنّ المعارضين للتطبيع اليوم يعملون بقوة لإرجاع الحكومة عن خطوة التطبيع بالضغط الاعلامي والشعبي والقانوني، مشدّداً على أنّ أهل السودان لن يرضخوا لخطوة النظام التطبيعية وسيعارضونها بشتّى الوسائل ولن يخذلوا فلسطين ان شاء الله ولن يتخلوا عن المسجد الأقصى. ويضيف إنّ الشعب سيعمل بقوة لتكون الحكومة أمام خيارين أحدهما تراجعها عن خطوتها القذرة والآخر إسقاطها.

وبين الخيارين تقف الـ"لا" الوحيدة التي تختصر الرفض المطلق لأيّ علاقة مع محتلّ أرض فلسطين. فلا حاجةَ هنا لثلاثٍ من اللاءات، "لا للتطبيع" واحدة تكفي لتنتشل الأمّة من رمال الخيبة وتوحّدها خلف القضيّة الأولى والأخيرة، فلسطين.

السودان

إقرأ المزيد في: خاص العهد

خبر عاجل