معركة أولي البأس

خاص العهد

مشروع
19/09/2020

مشروع "سد بسري" لن يتوقّف.. وهذه الخيارات لاستكماله

فاطمة سلامة

يغرق اللبناني في أزماته، وكأنّ المعاناة قدره ليس إلا. يُقال عنه إنّه مواطن جبار يعتاش على سياسة الترقيع، ويواجه التحديات بشتى أنواعها. وفي المقابل، يقال فيه إنه يعيش من قلّة الموت. حين نغوص في تلك المعاناة التي تكاد تكون يومية نحار من أين نبدأ. من غياب التقديمات الاجتماعية والصحية أم من أزمة زحمة السير الخانقة؟ من التلاعب بقيمة العملة الوطنية أم من الغلاء الفاحش؟ من أزمة انقطاع الكهرباء، أم من أزمة شح المياه؟ للأسف، اللائحة في هذا الصدد تطول، وكيفما اتجهنا ترتفع الشكاية في بلد يتنفّس أزمات. والمفارقة ليست في وجود هذه الأزمات بل في استفادة البعض من وجودها. من عرقلة البعض للحلول التي "تنشل" لبنان من هذه الأزمة وتلك، لأسباب سياسية بحتة. أزمة المياه نموذجاً. كان من المفترض أنّ يكمل مشروع سد بسري بلا عوائق، وهو المشروع الحيوي الذي أثيرت حوله أصوات النشاز لذرائع واهية رغم أنه يؤمّن المياه لـ40 بالمئة من سكان لبنان أي مليون و600 ألف نسمة. وخلال السنوات القادمة سيغطي حاجة مليون و900 ألف نسمة أي ما يقارب نصف الشعب اللبناني. لكنّ المصطادين بالماء العكر ولأسباب شخصية وسياسية شنوا حملات من هنا وهناك ضد المشروع، أي ببساطة ضد مصلحة اللبنانيين، ليكتمل المشهد مع إعلان البنك الدولي إيقاف قرض تمويل مشروع سد بسري، ما يثير التساؤل حول مصير المشروع، والسيناريوهات البديلة لاستكماله. 

موصللي: إيقاف تمويل القرض جاء لأسباب سياسية 

مدير مشروع سد بسري في مجلس الإنماء والإعمار المهندس إيلي موصللي يؤكّد في حديث لموقع "العهد" الإخباري أنّ المشروع لم ولن يتوقّف. يقارب قضية إيقاف العمل بالقرض بالإشارة الى أنّ الأسباب التعليلية التي وضعت من قبل البنك الدولي لإيقافه جزئياً ليست مبررة. ما تبيّن مؤخراً هو أنّ قرار البنك سياسي ومتخذ منذ شهر نيسان على قاعدة أنّه ومهما بذلت الحكومة من جهود في مشروع السد سيتم إيقاف التمويل. يوضح موصللي أنّ الحكومة وفي جلسة 2 نيسان 2020 اتخذت قراراً باستكمال المشروع، ورغم ذلك وضع البنك الدولي أسبابا شكلية لإيقافه، مع الإشارة الى مطالب بالجملة برزت للبنك الدولي، وكلما قدّمت الحكومة جواباً على قضية معينة يتم البحث عن عقدة شكلية للعرقلة. وهنا يلفت موصللي الى أنّ قيمة قرض البنك الدولي المموّلة للمشروع تبلغ 474 مليون دولار جرى صرف 190 مليون دولار منها، فيما تم إيقاف المبلغ المتبقي. وفق موصللي، إيقاف المشروع يعني ذهاب مئات ملايين الدولارات التي تكبدتها الدولة هدراً؛ إذ وبالإضافة الى القرض المذكور هناك قرض آخر للبنك الدولي لم يتوقف بقيمة 200 مليون دولار لمشروع الأولي جرى صرف 125 مليون دولار منه، فضلاً عن قرض آخر من البنك الاسلامي للتنمية لمشاريع مكملة بحدود الـ128 مليون دولار.  

 

مشروع "سد بسري" لن يتوقّف.. وهذه الخيارات لاستكماله

السيناريوهات المطروحة لاستكمال المشروع 

ما الخطط الموجودة لديكم لاستكمال المشروع؟ لدى رده على هذا السؤال، يوضح موصللي أنّنا نعمل على عدة خيارات لعدم إيقاف العمل بالمشروع:

-الخيار الأول وهو العمل على عودة البنك الدولي عن قراره عبر إعادة فتح الباب معه ولكن بطريقة مختلفة هذه المرة عبر القول له :"إنك أخطأت حتى ولو كنت مؤسسة دولية تدعي الحياد لكنك عملت من منطلق سياسي". وهنا يشير موصللي الى أنّ المباحثات لن تكون هذه المرة على شاكلة مراسلات عادية كما كان يحصل سابقاً، بل اتصالات على مستوى عال مع إدارة البنك الدولي في أميركا من قبل قوى محلية للبحث في هذا الموضوع. وعليه -يقول موصللي- نعمل على معرفة ما يريده فعلاً البنك الدولي للعودة عن قراره. وفق معلوماته، كل الخيارات ستكون مفتوحة بموجب الاتفاقية الموجودة بين لبنان والبنك الدولي وبنودها وصولاً الى تكليف قانونيين للنظر في القضية خصوصاً أن البنك الدولي تركنا في منتصف الطريق. وعلى الصعيد السياسي، يجري العمل على ملف آخر لمعرفة لماذا قرار البنك الدولي المتحيّز سياسياً.

- الخيار الثاني، وهو خيار سيجري العمل عليه بموازاة الأول، حيث يجري العمل على تأمين تمويل بديل للمشروع. طبعا الحكومة صاحبة قرار سيادي، اذ وبغض النظر عن الجهة التي ستمول المشروع اتخذت قرارها بإنجازه وعليها تأمين البديل عن قرض البنك الدولي بالطريقة التي تراها مناسبة، اذ قد يكون عبارة عن تمويل محلي. لغاية اليوم -يقول موصللي- لم تتخذ الحكومة القرار بإيقاف المشروع لأنها وصلت الى منتصف الطريق، ولديها التزامات عدة لناحية الاستملاكات المدفوعة والمواقع، واذا جرى اتخاذ القرار بفسخ العقود يكون كل ما جرى انجازه حتى الساعة قد ذهب هدراً، اذ جرى صرف ما يقارب الـ 185 مليون دولار بما فيها الاستملاكات ومصاريف أخرى، يضاف الى ذلك الأموال التي صرفت على مشاريع البنى التحتية في الأولي والذي تكبدت الحكومة تمويله. وفق موصللي، اذا جرى جمع كل الأموال التي تكبدتها الدولة لتنفيذ مشروع سد بسري نصل الى عتبة الـ500 مليون دولار جرى صرفها حتى اللحظة. 

من يتحمل مسؤولية ضياع هذه الأموال هدرا؟ يؤكّد موصللي أننا لا نريد أن نصل الى هنا ولكن اذا وصلنا مجبرين الى هذا الخيار، حينها يتحمل المسؤولية من اتخذ القرار بإيقاف التمويل وقطع لبنان في منتصف الطريق. وأمام ما طرح من خيارات، لا ينكر موصللي أنّ المسألة قد تأخذ القليل من الوقت بانتظار تشكيل الحكومة لإعادة وضع الملف على السكة الصحيحة. 

المشروع يؤمّن 500 ألف متر مكعب يومياً

وفي معرض حديثه، يذكّر مدير مشروع سد بسري في مجلس الإنماء والإعمار بأهمية المشروع، لافتاً الى أنه يؤمّن 500 ألف متر مكعب يومياً -وهو رقم عال جداً- للمنطقة المستهدفة من المشروع والتي تشمل ساحل عالية والشوف، منطقة بيروت الكبرى والتي تضم: بيروت الإدارية والضاحية الجنوبية، بالإضافة الى جزء كبير من الضاحية الشمالية المتن مروراً بالجديدة ونهر الموت. والجيد في المشروع -بحسب موصللي- أنه يعمل على تخزين المياه في فصل الشتاء لاستخدامها في فصل الصيف. لكنّ المفارقة الغريبة العجيبة -برأي المتحدّث- تكمن في أن كل المعترضين على المشروع لأسباب سياسية بحتة والذين هللوا لتوقيف التمويل لا يملكون خيارا بديلاً عنه لتأمين المياه، وهذه حقيقة لا يستطيعون التهرب منها، ورغم ذلك عمل هؤلاء المعترضون الذين يعدون على الأصابع باتجاه الضغط على البنك الدولي لثنيه عن قراره المتخذ سابقاً عبر مراسلات ليلا نهارا حتى وصلنا الى ما نحن عليه اليوم. 

وفي الختام، يشدّد موصللي على أنّ الحكومة تبذل جهداً لاستكمال المشروع، معتبراً من وجهة نظر شخصية أنّ البنك الدولي سيعود عن قراره السياسي ويكمل باتفاقية القرض، وقد يكون تعليقه للصرف مرحلياً اعتقادا منه أن باستطاعته إلغاؤه، ولكنه لا يقف على أرض صلبة نظراً للاتفاقية الموجودة بيننا، وعليه اذا رأى اصرار الحكومة أعتقد أنه سيكمل بالمشروع وسيعود عن قراره.

سد بسري

إقرأ المزيد في: خاص العهد

خبر عاجل