خاص العهد
قرار دعم اللحوم غير مدعوم..
يوسف جابر
بتهكُّم، يتناول قصّابو الضاحية الجنوبية قرار وزيري الاقتصاد والزراعة في حكومة تصريف الأعمال راوول نعمة وعباس مرتضى المشترك، حول تحديد السعر الأقصى لبعض السلع من المنتجات الحيوانية والزراعية.
وفق القرار، كيلو لحم البقر الصافي يجب أن يُباع بـ36,075، وذلك حرصًا على مصلحة المواطنين وقدرتهم الشرائية وتأمين الاستقرار في أسعار السلع المرتبطة بالدعم الممنوح من مصرف لبنان، لكن يبدو أن الواقع مغاير تمامًا لما حدّدته الوزارتان.
الغلاء يُعوّض الخسارة؟
يقول علي بلحص، مالك ملحمة الشريف في حارة حريك، لموقع "العهد الإخباري": "اليوم قصدتُ أحد المسالخ وسألتُ عن تسعيرة "باط" يزن قرابة الـ 70 كيلو لأشتريه بالعظم، فتبيّن أن الكيلو سيقف عليّ بـ 32 ألف ل.ل، ما يعني أنه في حال بعتُه حسب التعميم الوزاري فسأكون كالذي يعمل مجانًا"، ويضيف "إنَّنا كقصّابين مجبورون على التعامل مع شركات اللحوم حيث لم يعد باستطاعتنا شراء "البقر" من المزارع إلّا بالدولار".
بلحص يُشير الى أنَّه يتشارك مع 4 قصّابين آخرين لشراء العجل وتوزيعه على ملاحمهم، فهو يبيع بمعدل 10 كيلو يوميًا ولا يستطيع تحمّل تكلفة منتجٍ بـ 10 ملايين ليرة في الحدّ الأدنى".
ويؤكد بلحص أنّه حتى الآن لا يوجد لحم مدعوم من مصرف لبنان في الأسواق، ويلفت الى أنَّ بيع الكيلو بسعر 45 و 50 ألف ل.ل هو المعدل الطبيعي نسبة لكلفته، وأنَّه على الرغم من الزيادة في أسعار اللحوم، يبقى القصاب الخاسر الأكبر، فحجم المبيع والربح انخفض إلى أدنى المستويات ما دفع بعض القصابين لإغلاق باب رزقهم.
أين الدعم؟
حال بلحص لا يختلف عن حال الحاج علاء .. مالك إحدى الملاحم في الضاحية الجنوبية أيضًا. يتوقّف الأخير عند مسألة مخالفة التعميم الوزاري وضرورة الالتزام به أو مواجهة اجراءات قانونية في المقابل.
يقول الحاج علاء لـ"العهد": "جابوا الجِلال قبل ما يشتروا الحمار، مش ليكون في لحم مدعوم لحتى نلتزم؟"، وهنا يُحصي التكاليف الأساسية المترتبة عليه لسير عمله، فيُعدّدها كالآتي: "اشتراك 700 ألف ل.ل، علبة الورق 30 ألف ل.ل، ربطة الأكياس 40 ألف ل.ل، كيلو البهارات 50 ألف ل"، ويسأل "كيف للقصّابين الالتزام بالقرار وتكاليفهم تفوق السعر المحدّد للبيع؟ من أين لهم أن يُعيلوا عائلاتهم؟".
أعطِني بألفي ليرة لحماً!!
الحاج علاء يتحدّث عن مأساة الزبائن الذين يطلبون شراء مقدار زهيد من اللحم، فيقول "هناك من يضطرّ لأن يطلب بـ 2000 ل.ل لحمة". هنا يتدخّل أحد الزبائن أبو بلال فيوضح أنه لا يستطيع أن يدفع أكثر من 37
ألف ليرة ثمن الكيلو بحسب قدرته. مشهدٌ يؤكد أن القصابين يضطرون أحيانًا للخسارة كي لا يفقدوا زبائنهم ويصرّفوا بضاعتهم في آنٍ معًا".
القدرة الشرائية تراجعت
في ملحمة البتول في شارع الشورى في حارك حريك الصورة تتكرّر. تقف فاطمة أ. زبونة الملحمة منذ 20 سنة أمام البراد لتطلب ما يقلّ عن كيلو لتلبية حاجات منزلها وتقول "كنت أشتري ما لا يقلّ عن 2 كيلو لحمة في الأسبوع، أما اليوم فآتي كل أسبوعين لأخذ ما يقل عن كيلو واحد، حتى وصلت بنا الأحوال لشراء اللحم الزور".
أمَّا مالك الملحمة محمد عقيل فيلفت الى أنه اضطر لإغلاق ملحمته فترة بسبب الأوضاع، إلّا أنه استأنف نشاطه حتى لا يخسر زبائنه بعد انقضاء 25 سنة على مزاولته المهنة، ما جعله يدفع من رأسماله الخاص ليتأقلم مع الغلاء الحاصل الذي طال القصّابين والمُشترين على حدّ سواء.
وزير الزراعة وعد بالإسراع في عملية منح الدعم
إزاء هذه المعاناة، يُصرّ نقيب اتحاد القصابين واتحاد تجار المواشي معروف بكداش على أن لا مسؤولية على القصابين في عدم الالتزام بالتعميم الوزاري، ويُشير في اتصالٍ مع "العهد" الى أن الدعم أقرّ إلا أنه لم يتم صرفه حتى الآن من مصرف لبنان ليُتاح للشعب الاستفادة منه، ويُضيف أن اجتماعًا عُقد مع وزير الزراعة الذي بدوره وعد بمحاولة الإسراع في عملية منح الدعم عبر التواصل مع المصرف.
وأمل بكداش أن تنُفذ الدولة هذا القرار الذي ينص على تأمين الاستقرار في أسعار السلع المرتبطة بالدعم الممنوح من مصرف لبنان.