خاص العهد
ماذا بعد مشاورات بعبدا الحكومية؟ وماذا يقول القانون في الميثاقية؟
فاطمة سلامة
تجرى مشاورات التأليف لتشكيل الحكومة كما سابقاتها على قاعدة كل يوم أو حتى كل ساعة في شأن. هذا المنوال لم يعد غريباً في التجربة اللبنانية، وليس أدل على ذلك من حكومة تمام سلام التي بقيت 10 أشهر حتى تشكّلت. 10 أشهر خبرت فيها كل صنوف المشاورات واللقاءات والاتصالات. تارةً كان يقال إنّ الحكومة باتت قاب قوسين أو أدنى من الولادة، وفجأة يقال ثمة عراقيل تفرمل الولادة الحكومية. تماماً كما يحصل اليوم مع محاولة تشكيل حكومة الرئيس المكلّف مصطفى أديب مع تسجيل فروقات عديدة لناحية الطريقة التي تجرى فيها العملية ما خلق تفاوتاً في وجهات النظر بين أديب والكتل النيابية التي سمّته حول العديد من النقاط.
هذا التفاوت دفع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون -وبعد أسبوعين على تكليف أديب- الى إطلاق المشاورات مع الكتل النيابية للتباحث معها. وفي هذا السياق، تؤكّد مصادر مطلعة على أجواء المشاورات لموقع "العهد" الإخباري أنّ رئيس الجمهورية أخذ وجهة نظر الذين التقاهم في المشاورات بثلاث نقاط: موضوع المداورة بالحقائب، الجهة التي ستسمي الوزراء، ما اذا كان سيتسلّم كل وزير حقيبة أو اثنتين. ولفتت المصادر الى أنّ معظم الكتل أبدت رغبتها بتسمية الوزراء عبرها وليس عبر الرئيس المكلّف، مع الإشارة الى أنّ رئيس الجمهورية كان مستمعاً لمن التقاهم ولم يتبنّ أي وجهة نظر.
ورداً على الانتقادات التي تطال الرئيس عون لجهة قيامه بالاستشارات والكلام عن أنها غير دستورية، تقول المصادر انها ليست المرة الأولى التي يتشاور فيها عون مع الكتل مع الاشارة الى أن هذه المرة لها ميزة مختلفة لأن رئيس الجمهورية هو شريك للرئيس المكلّف بتشكيل الحكومة. وشدّدت المصادر على أنّ الرئيس عون يقوم بالاستشارات انطلاقاً من واجباته الدستورية، وهو أراد من المشاورات تكوين صورة شاملة، فما قام به جاء انطلاقاً من دوره وموقعه وصلاحياته، وكل ما قيل من أن المشاورات التي يقودها غير دستورية هو كلام سياسي بعضه عن جهل وبعضه يندرج في سياق "الحرتقة" السياسية.
ماذا بعد المشاورات؟ تجيب المصادر عن هذا السؤال بالإشارة الى أنّ الرئيس عون سيقيّم الأجوبة التي حصل عليها من الكتل وسيتشاور مع رئيس الحكومة بشأنها ليبنى على الشيء مقتضاه. هل من مهلة محددة؟ لا مهلة محددة للتشكيل –تقول المصادر- لكنها حكماً ليست مفتوحة.
يمين: حجب نواب طائفة كبرى للثقة عن الحكومة يضع ميثاقيتها موضع تساؤل وخلل
بموازاة ذلك، وفيما تُطرح قضية الميثاقية الى الواجهة بعد تلويح حزب الله وحركة "أمل" بعدم المشاركة بالحكومة وعدم منحها الثقة اذا لم تسند حقيبة المالية للطائفة الشيعية واذا لم يعطيا حقهما بتسمية الوزراء، يشير الخبير الدستوري عادل يمين الى أنه في الواقع ليس من نصوص واضحة دستورية مفصلة توضح كل الحالات والاحتمالات المتعلقة بإشكالية الميثاقية وتتناول كل منها تفصيلاً على حدة، إنما في الواقع هناك مندرجات ومواد دستورية ذات صلة بمسألة الميثاقية يمكن الاسترشاد بها لتفسير معنى الميثاقية والسعي لتطبيقها على الحالات التي قد تطرح. وفي هذا السياق، يؤكّد يمين لموقع "العهد" الاخباري انه يمككنا أن ننطلق من الفقرة "ي" من مقدمة الدستور التي تنص صراحة على أن لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك، كما يمكننا أن ننطلق من المادة "24" من الدستور التي تقضي بأن يتألف مجلس النواب في المرحلة التي تسبق وضع قانون خارج القيد الطائفي من نواب منتخبين على اساس توزيع المقاعد بالتساوي بين المسيحيين والمسلمين ونسبياً بين طوائف كل من الفئتين.
كما أن المادة "95" من الدستور تقضي بأنه وفي المرحلة الانتقالية -ويقصد بها قبل تجاوز الطائفية- تمثل الطوائف بصورة عادلة في تشكيل الوزارة. لذلك انطلاقاً مما تقدم –يقول يمين- وتحديداً من المواد المذكورة ومن روحية نظامنا الدستوري القائم على التشارك وعلى تأمين مشاركة مختلف الجماعات في الحكم ويقصد الطوائف، يستطيع الفقهاء القول إن الميثاقية تكون "معيوبة" ومشوبة باختلال كبير تجاه اي حكومة يحجب عنها جميع النواب الذي ينتمون الى طائفة كبرى أصواتهم عنها. وعلى الرغم من عدم وجود نص صريح في الدستور لذلك –يضيف يمين- ولكن انطلاقاً مما تقدم ومن روحية الدستور والميثاق أستطيع القول ان حجب جميع النواب المنتمين الى طائفة كبرى ثقتهم عن حكومة معينة عندما تمثل بعد تشكيلها يجعل الثقة بها ولو نالتها من قبل الاكثرية النيابية مشوبة بعيب ويضع ميثاقيتها موضع تساؤل وخلل.