خاص العهد
"الزكاة" في اليمن: ركن صمودٍ متين في وجه التجويع والإفقار
سراء جمال الشهاري
مع استمرار العدوان الأمريكي السعودي على اليمن للعام السادس على التوالي، أصبح الوضع الانساني على المحك، وملايين اليمنيين مهددون بالموت بحسب التقارير الدولية والأممية.
وفي سبيل تخفيف الكارثة الاقتصادية والمعيشية، اتجهت حكومة الإنقاذ الوطني لتأسيس الهيئة العامة للزكاة، لتحصيل وجمع الزكوات المفروضة على جميع المكلفين من أبناء المجتمع، لتوزع تلك الأموال (النقدية والعينية) بحسب مصارف الزكاة الثمانية، والتي على رأسها الفقراء والمساكين.
بمجرد أن بدأت الهيئة تحقق نجاحاتٍ ملموسة، جُنَّ جنون العدوان، وسعى سعيه لإدراج الهيئة العامة للزكاة في قائمة مجلس الأمن الدولي للمنظمات الراعية للإرهاب.
وشرع يشن الحملات التشويهية والتضليلية، تحت عناوين طائفية ومذهبية، محاولاً زعزعة ثقة المجتمع بالهيئة، هذا المجتمع الذي شاهد لأول مرة -منذ أكثر من نصف قرن- فريضة الزكاة ركنا إسلاميا يؤدى من فرائضه ويوزع في مصارفه المذكورة في القرآن الكريم.
في هذا الاطار، يرى وكيل الهيئة العامة للزكاة علي السقاف في تصريح لموقع "العهد" الاخباري أن "العدو منزعج من اقامة الزكاة انزعاجًا كبيرًا جدًا"، لافتًا الى أن "دول العدوان ومرتزقتهم وأسيادهم - أمريكا وغيرها- بدؤوا في الفترة الأخيرة بتشغيل ماكينتهم الاعلامية حول موضوع الزكاة زاعمين أنها تذهب إلى الجبهات، وحاولوا إثارة مثل هذه القضايا".
بحسب القانون اليمني لعامي 1996 و 1999 تدير الهيئة العامة للزكاة أعمالها. هذا القانون، تناقضه ادعاءات إعلام العدوان التي روجت أن الهيئة قد وضعت قوانين جديدة لم يكن لها وجود، وهنا، يشير السقاف الى أن "المغزى من هذه الحملات هو تشويه أنصار الله وحكومة الانقاذ الوطني والهيئة العامة للزكاة لدى المجتمع".
الهيئة العامة للزكاة تقود اليمن إلى الاستغناء عن المساعدات الدولية
أصبحت الهيئة العامة للزكاة هاجسًا يؤرق العدوان بما قدمته من مشاريع تمكين اقتصادي، وبما أنفقته على الفقراء والمساكين، إذ وزعت الهيئة ما جمع لديها على مليون و200 ألف أسرة بمختلف المحافظات، وبمبلغ 50 مليار ريال يمني.
وهي بما تأسس من مشاريع تقفل باب كذب وزيف المنظمات الدولية التي لا تفتأ تجمع المبالغ الخيالية باسم اعانة الشعب اليمني، ثم تمنح اليمن الفتات.
في هذا الشأن يقول السقاف: "كان من أبرز أهداف انشاء هذه الهيئة هو معاونة الشعب اليمني، نظرًا لظروف العدوان والحصار الخانق. وكذلك الاستغناء التدريجي عن المنظمات التي لها مآرب أخرى، وليست فاعلة خير كما يظن البعض وإنما هي تعطي القليل وتأخذ الكثير والكثير" .
ويضيف: "هم لا يريدون أن نقدم شيئًا باسم الاسلام وباسم رسول الله، لأنهم يعرفون مدى خطورة اقامة هذا الركن في قطع كل وسائلهم التي بها يستطيعون أن ينفذوا إلى داخل المجتمعات لتغيير عقولهم وثقافاتهم وكذلك للقيام بأعمال استخباراتية. إذا أقمنا الركن الثالث من أركان الاسلام وأخرجنا الزكاة سنستغني عن مساعداتهم، ونقفل المجالات أمام العدو".
الركن الثالث من أركان الاسلام مستهدف منذ عقود
سعت دول الاستكبار إلى محاربة هذا الركن الاسلامي العظيم، منذ بداية نشأة مصلحة الواجبات الزكوية في اليمن. ويذكر وكيل الهيئة العامة للزكاة: " إن البنك الدولي عام 1990 استبدل جمع الزكاة التي تصرف على الفقراء والمساكين، بإنشاء الصندوق الاجتماعي ومشروع الضمان الاجتماعي، كبديلٍ عن جمع الزكاة وتحصيلها وحث الناس على اخراجها، زاعمًا أنه سيقوم بتوفير كل ما يحتاجه الفقراء والمساكين. واعتمد ما يقارب من 8 مليار إلى 10 مليار شهريًا للفقراء. كان الهدف الرئيسي والأساسي أن لا يتم تحصيل الزكاة، وأن لا تصرف أموالها للفقراء والمساكين باسم الزكاة. وتم تحويل مصلحة الواجبات الزكوية إلى مكتب الواجبات كمكتب يتبع السلطة المحلية، بحيث تصبح ايراداته محلية ومشتركة، كي لا يخرج منها حتى ريال واحد في مصارف الزكاة الشرعية".
الهيئة العامة للزكاة وتطلعات المستقبل
في ظل التحرك المستمر والدؤوب للهيئة، يعلق المجتمع اليمني آمالاً وطموحاتٍ في تحقيق بناء اقتصادي للبلد يرفع عن اليمنيين بؤس الفقر، ومرارة ذل الاغاثات الدولية.
في هذا السياق، يعتبر وكيل الهيئة العامة للزكاة في حديثه لـ"ألعهد" "أننا في الهيئة العامة للزكاة نسير على خطة ضمن خطة الجمهورية اليمنية وحكومة الانقاذ الوطني لعام 2019 وعام2020 تقوم على عدة مشاريع، نفذنا عددًا منها، وما زال لدينا مشاريع وخطط مستقبيلة من أبرزها وأهمها أننا نسعى إلى تحويل الفقير من شخص مستحق للزكاة إلى شخص دافع للزكاة، مستغنٍ بنفسه - من آخذٍ إلى معطٍ- هذا هو الهدف الرئيسي والاستراتيجي".
لقد نفذت الهيئة عددًا من مشاريع التطوير الاقتصادي، مثالها المشاريع التنموية التي أسستها في جزيرة كمران بمحافظة الحديدة.
وكذلك معرض كسوة العيد الذي افتتحته في شهر رمضان المنصرم للملابس المنتجة محليًا. الملبوسات في المعرض أنتجتها أنامل الأسر المستضعفة والفقيرة، وكانت ذات جودة.
وما يزال لدى الهيئة مهام أخرى بحسب الاستراتيجية المعدة للخمسة الأعوام القادمة، بحسب السقاف: "لدينا مشاريع أخرى ستتم بإذن الله خلال الخطة الخمسية القادمة من تمكين اقتصادي بحسب طبيعة كل منطقة وظروفها، وما تحتاجه من مشاريع، بحيث إن من ستستهدفهم الهيئة بشكل دائم هم فقط العاجزوين عن العمل، أما القادرون على العمل فلن نعطيهم بشكل مستمر، وإنما سنبني لهم مشاريع يستطيعوا من خلالها تحسين معيشتهم والوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي".
سماحة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في خطابه لليوم الوطني للصمود تحدث قائلاً: "أنا على يقين وعلى ثقة أن الزكاة وحدها إذا أخرجت بشكل كامل وتام من كل من عليهم هذا الحق، ستفي بالغرض مع أنه لا بد أيضًا من الاهتمام مع الزكاة بالانفاق بالعطاء بالصدقة ولكني على يقين وثقة بأن الزكاة إذا أخرجت بشكل تام ستعالج هذه المشكلة وستسد هذه الحاجة، وستغطي هذه الحاجة بالشكل الملائم والمطلوب".
باتت المسؤولية الملقاة على عاتق الهيئة العامة للزكاة أكبر، وعلى أبناء اليمن الالتزام باخراج الزكاة كواجبٍ دينيٍ ووطنيٍ وانساني. فهي اليوم سلاح ٌفعال في معركتهم الاقتصادية، أمام حصار وعدوان التحالف.