خاص العهد
"قيصر" على الطلاب اللبنانيين في سوريا وايران!
نور الهدى صالح
في مهب الريح بات مستقبل عدد كبير من الطلاب اللبنانيين. طلابٌ يناشدون دولتهم التحرك ويبدون امتعاضهم من الازدواجيّة في تعامل مصرف لبنان معهم. فبعد أن شدّت العملةُ الخضراء الخناق، طالت العقوبات الأميركيّة الطلاب اللبنانيين الذين يستكملون دراستهم الجامعيّة في ايران وسوريا. وبرزت معاناة ذويهم في تحويل الأموال إلى تلك البلاد، في ظل تسهيلات في التحويلات لسائر الطلاب اللبنانيين في البلدان الأخرى.
العقوبات على إيران وسوريا ولبنان طالت ودائع أولياء الأمور أيضًا وقيّدت التّصرّف بالعملة الوطنيّة بعدما جعلتها "بلا قيمة" مقارنةً مع نظيرتها الأمريكيّة. وهذا ما يحكي عنه مصطفى والد أحد الطلاب في سوريا بناءً على تجربته. فالمصارف التي لا تزال تمتنع عن تحويل الأموال إلى الطلاب في الخارج بالدولار الأميركي، تفرض على هؤلاء السحب من حساباتهم بالليرة وشراء الدولار من الصرّافين، أو من السّوق السوداء بسعر يوازي ٨٠٠٠ ليرة لبنانية مقابل الدولار الواحد.
ويعربُ مصطفى لموقع "العهد" الاخباري عن أسفه إزاء ما يحصل، بما في ذلك خسارة هؤلاء الأهالي سنيّ تعبهم لتسديد الأقساط الجامعية وتأمين حياة أبنائهم: "بعضنا يحاول الاستدانة لتيسير أمر أبنائه وبيننا من لم يعد له خيار آخر فقرر إعادتهم إلى ربوع الوطن".
يوضّح المعاناة الطالب حسن حوماني/ سنة أولى طب في إيران، قائلاً لموقع "العهد" الاخباري إن الأزمة بدأت مع ارتفاع الدولار ارتفاعًا جنونيًّا وتفاقمت مع عدم قدرة الأهل على تغطية كلفة الجامعة والمصاريف هناك: "بعض التلامذة رواتب أهاليهم باتت لا تتجاوز 300$ بعدما انهارت الليرة، ما يجعلهم غير قادرين على تغطية النفقات".
يثني على كلامه الطالب ياسر جعفر/ طالب طب في جامعة شيراز، مبيّنًا لـ"العهد" أنّ كلفة الجامعة والسكن تبلغ نحو 7000 $ غير المصروف الشهري. ويستنكر جعفر قرار مصرف لبنان، حيثُ كان قد تفاجأ برد الطلب الذي قدّمه بعد توجهه إلى النقابة حاملاً كغيره المستندات المطلوبة، هادفًا لالاستفادة من قرار الحكومة بتأمين حوالي ٢٥٠٠$ للطلاب المغتربين. جعفر الذي فضّل الدخول إلى جامعة خارج لبنان لأسباب خاصة بالاختصاص والكلفة الباهظة جدًا للجامعات الخاصّة فيه، يبدي انزعاجه من العنصريةّ والتعصّب الذي يمارسه حاكم مصرف لبنان إزاءهم.
جعفر وحوماني اللذان ينضمان مع حوالي 70 طالبا إلى مجموعة على تطبيق "الواتساب" تحمل ذات المعاناة، يرفضان السكوت أمام هذا الواقع، حيث أنهما بدآ برفع صوتهما عبر الوسائل الإعلاميّة، وقاما بالتواصل مع جهات رسميّة معنيّة للتفاوض واسترداد حقوقهما. هذه الحقوق يعتبرها زميلهما محمد حميّة، مطلبًا أساسيًّا، ويشدد على أهميّة المساواة بينهم وبين الطلاّب الذين يستكملون دراستهم في أوروبا. يعلّق " للإنسان حقه في اختيار أي بلد يريد أن يدرس فيه، ونحن مهما كانت الظروف لا نريد أن نصبح كبش محرقة". ويختم كلامه متمنّيًا على الجهات المعنيّة التجاوب والنظر في مطالبهم ومساعدتهم، كي لا تضيع سنواتهم الدراسيّة هباءً: "ونعود بذلك بدراستنا إلى نقطة الصفر".
امتناع مصرف لبنان عن ضمّ هذه الفئة من الطلاب إلى زملائهم وفق الاجراءات المتخذة كانت تحت حجج عدّة، منها أزمة التحاويل إلى هذه الدّول دون سواها، ما يطرح تساؤلاً حول صدقيّة هذه "المصادفة".
في هذا السّياق يرفض أحد الصرّافين فئة أولى الإدلاء بموقفه وتوضيح آلية بدء تنفيذ خطة مصرف لبنان، وحيثياتها وأسباب الاستثناءات لطلاب هذه الدّول، والتي تظهر أنّها استثناءات لأسباب سياسيّة محضة، تحاول فيها أميركا الضغط على كلّ ما يتعلّق ببيئة المقاومة جاعلة مستقبل هؤلاء الطلاب الذين لا ذنب لهم مستقبلًا مجهولاً.