خاص العهد
ماذا يقول القاضي مازح لـ"العهد" عن قراره القضائي وسفيرة الفتنة؟
فاطمة سلامة
يبدو قاضي الأمور المستعجلة في صور محمد مازح مطمئناً الى أقصى الحدود للخطوة التي قام بها. إصدار قرار قضائي بإسكات السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا بات أكثر من ضرورة، لا بل واجبا وطنيا. المندوبة الأميركية وبتصريحاتها التحريضية المتكرّرة تضع السلم الأهلي في خطر، وعليه لا بد من صون بلدنا الذي يكفيه ما يكفيه من أزمات. الحديث مع مازح يكشف مستوى الراحة التي يشعر بها. لستُ نادماً على القرار القضائي طالما قمت بواجبي، يكّرر هذه المقولة، ويُعلن عبر موقع "العهد" الإخباري أنه سيتقدّم باستقالته يوم غد الثلاثاء مرتاح الضمير بعدما جرى إبلاغه بالمثول أمام مجلس القضاء الأعلى، قبل أن يعود لاحقاً عن قراره بالاستقالة بعدما تلقى اتصالات عدة لثنيه عن قراره وبعدما تبيّن له أنّ الاستدعاء للمجلس لا يتعلّق بقراره القضائي بل بظهوره الإعلامي. وعليه، سيلبي مازح دعوة مجلس القضاء الأعلى. هذا المجلس الذي يعتبره مازح منزله وعزّه، لا يرى حرجاً في المثول أمامه، لكن مازح وفي هذه القضية بالتحديد يُفضّل الاستقالة حرصاً على كرامة مجلس القضاء كما يقول. بالنسبة إليه، فإن شريحة كبيرة من اللبنانيين ستستنكر خطوة استدعاء مازح لمساءلته عن قراره القضائي، وعليه فإن الاستقالة حال الاستدعاء لهذا الغرض ترفع الحرج عن هذا المجلس الذي أرسلت له تسجيلا صوتياً عبّرت فيه عن احترامي له وأن استقالتي تأتي حرصاً عليه. ويضيف "عندما اتخذت قراري القضائي لم ألتفت الى السياسة بل للحفاظ على السلم الأهلي واستقالتي أبلغ من البقاء".
وفي معرض حديثه، يُشدّد مازح على أنّ القانون يجب أن يكون في خدمة الوطن وليس العكس. يسأل: ما نفع القوانين في حال ذهبت الأوطان؟. برأيه، عندما تندلع الحرب أو الفتنة في لبنان بسبب سفيرة ما تعمل على زرع الفتنة بين اللبنانيين وتحرضهم على شريحة كبيرة في المجتمع حينها لم يعد ينفع الندم. وفق قناعاته، فإن تصريحات شيا قد تدفع البعض لأن يصوب سهامه على حزب الله وتبدأ الحرب من هنا. ويُشدّد مازح على أنّ قراره يأتي حرصاً على الوطن، فأنا لم أطلب من السفيرة عدم التصريح بل طلبت من وسائل الإعلام اللبنانية عدم نقل النار التي "تبخها" في الوطن.
أنا مع حرية الإعلام ولكن لا شيء مطلقاً
ورداً على المزاعم التي تدعي أن مازح يعتدي على الحرية الاعلامية، يقول قاضي الأمور المستعجلة " لا أحد فوق القانون، فهل المؤسسات الإعلامية فوق القانون؟ وهل باستطاعتها نشر ما يخالف الآداب؟". وهنا يلفت مازح الى أنّ القرارات التي تصدر عنه مؤقتة، منوها الى أن اختصاص محكمة المطبوعات مختلف عن قضاء العجلة. يعطي مازح مثالاً للتأكيد على حقه في التدخل "لنفترض أن هناك تجمعا مرخصا لكن هناك معلومات بأنه قد يؤدي الى فتنة، عندها بإمكان قاضي الأمور المستعجلة منعه". من هذه القاعدة ينطلق مازح الذي يُشدّد على أنه مع حرية الإعلام ولكن لا شيء مطلقاً. هناك حرية إعلام شرط أن لا يقترب الإعلاميون من كل ما يُسّبب خطراً على السلم الأهلي. ويوضح مازح أن التدبير الذي اتخذه مؤقت، بمعنى أنه كان بإمكان مازح بعد استدعائها من قبل وزارة الخارجية أن يعود عن قراره ويسمح باستضافتها شرط عدم تدخلها في الشأن الداخلي. وهنا يستغرب مازح الحملة الإعلامية المعادية التي رافقت صدور القرار، لافتاً الى أنّ صحيفة "الواشنطن بوست" كتبت أمس خبراً أشارت فيه الى أن قاضيا لبنانيا منع وسائل من استصراح السفيرة الأميركية، لكنها لم تعلق بأي تعليق سلبي، فقط نقلت الخبر وبكل موضوعية.
قراري قانوني مئة في المئة
وفيما يشدّد مازح على أنّ القرار القضائي الذي اتخذه قانوني مئة في المئة، يلفت الى أنّه أخذ بعين الاعتبار كلام المدعية فاتن قصير التي قالت إنها شعرت بالغضب لمهاجمة السفيرة الأميركية شريحة كبيرة من الناس. وهنا يشرح مازح أنه استند في قراره الى الفقرة 2 من المادة 579 من أصول المحاكمات المدنية والتي تعطي قاضي الأمور المستعجلة حق اتخاذ التدابير لوضع حد للتعدي الواضح على الحقوق والأوضاع المشروعة. وفق مازح، فإنّ الحقوق ليست مادية فقط بل معنوية ايضاً. كما استندتُ -يقول المتحدث- الى المادة 589 من أصول المحاكمات المدنية والتي تقول إنه يحق لقاضي الأمور المستعجلة أن يتخّذ تدابير لمنع الضرر. هنا بيت القصيد، يقول مازح الذي يوضح أنه قد يحصل الضرر من جراء نقل وسائل الإعلام لحديث السفيرة.
ويتطرّق مازح الى اللغط القانوني الحاصل والذي يتّهمه بمخالفة القانون لإصداره القرار في يوم عطلة، فيوضح أنّ القانون يجيز لقاضي الأمور المستعجلة إصدار القرار من منزله وفي يوم عطلة، كما يحق للقاضي المستعجل إصدار القرار من الطريق تبعاً لوظيفته المستعجلة.
وفي الختام، يحيي مازح عبر "العهد" كل من وقف وتضامن مع نفسه والحق والعدل، قائلاً" أقدر كل شخص شريف تضامن مع الحق والعدل ومع نفسه في سبيل دعم استقلالية القضاء وسلم وطنه الاهلي ووحدة لبنان".