ابناؤك الاشداء

خاص العهد

هل سيُسهم فتح المطار في تحريك العجلة الاقتصادية؟  
17/06/2020

هل سيُسهم فتح المطار في تحريك العجلة الاقتصادية؟  

فاطمة سلامة

لا يحتاج الواقع الاقتصادي الصعب الذي يمر به لبنان لكثير من الشرح. الحال أصبح معروفاً حتى للمواطن العادي. الأخير ذاق الأمرين في أصعب أزمة يمر بها لبنان. لم يترك صنفاً من صنوف التحديات الاقتصادية والمالية والنقدية إلا وخاض غمارها بعدما فُرض عليه ظلما وجوراً. وجد المواطن اللبناني نفسه أسير سياسات اقتصادية ريعية لا تغني ولا تسمن من جوع. كما وجد نفسه رهينة لعبة خارجية تُشكل أميركا فيها رأس حربة كرمى لسياسة المحافظة على الأمن القومي "الإسرائيلي". وللأسف، فقد وصل الوضع الاقتصادي والمالي في لبنان بفعل الضغوطات الأميركية والحصار الذي تنتهجه واشنطن الى الحضيض. لدى الحديث مع مرجع سياسي متابع لكل تفاصيل الأزمة التي يمر بها لبنان، يفصح صراحةً عن حراجة الوضع اللبناني، قائلاً بالحرف الواحد "قادمون على أيام سوداء، إذا لم نتّفق جميعاً على خيارات إنقاذية". وفق المرجع، علينا أن لا ننتظر صندوق النقد الدولي الذي قد لا نحصد منه سوى مضيعة الوقت. 

وفي خضم الأزمة الخانقة التي يواجهها لبنان، يُعوّل البعض على محطّة فتح المطار في الأول من تموز في تحريك العجلة الاقتصادية شبه المتوقفة في لبنان. المطار أو واجهة لبنان كما يُسميه البعض والذي أقفل منذ 18 آذار الماضي -لأسباب فرضتها أزمة جائحة "كورونا" التي ساهمت في إطباق الخناق أكثر على عنق الاقتصاد اللبناني-، يتحضّر لفتح أبوابه مع بداية الشهر المقبل، في خطوة لا بد منها رغم المخاوف التي لا تزال قائمة. فكيف ستنعكس خطوة فتح المطار على اقتصاد لبنان؟ وهل من الممكن أن تساهم في ضخ دولارات تلجم الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار؟. 

رئيس المطار: نتوقّع أن تكون إعادة فتح المطار مثمرة

رئيس مطار بيروت الدولي المهندس فادي الحسن يُشدّد في حديث لموقع "العهد" الإخباري على أنّ لبنان اليوم من المفترض أن يغتنم فرصة فتح المطار ويستفيد من الكثير من الظروف التي تحيط به. وفق حسابات الحسن، فإنّ معظم مطارات الخليج لا تزال مُقفلة، وحتى لو جرى فتحها فإنّ المناخ هناك حار جداً، ما يُرجح إمكانية أن يأتينا السياح الذين كانوا يقصدون دول الخليج، لا بل أن يأتينا سياح من الخليج نفسه. فرصة أخرى يجب أن يغتنمها لبنان -برأي الحسن- وتتمثّل في أن السياح الذين كانت تشكّل أوروبا وجهتهم، لن يقصدوها هذه الفترة، فانتشار الوباء في أوروبا أكثر من لبنان. وبالتالي، فإن لبنان يعوّل -بحسب رئيس مطار بيروت- على عدة أمور باستطاعتنا الاستفادة منها هذه الفترة. وعليه، يتوقّع الحسن أن تكون إعادة فتح المطار مثمرة ما يُساهم في إدخال الاموال الى البلد، مع الإشارة الى أنّنا نعمل على اتخاذ كافة التدابير والإجراءات اللازمة لهذا الاستحقاق.  

 

هل سيُسهم فتح المطار في تحريك العجلة الاقتصادية؟  

 

ناصرالدين: المطار مرتبط بأكثر من 60 نشاطاً اقتصادياً

لدى سؤال الكاتب والباحث الاقتصادي الأستاذ زياد ناصر الدين عن أهمية فتح المطار، يُسارع الى التأكيد أنّ المطار يعتبر من المرافق الحيوية والمهمة والضرورية لإنجاح أي اقتصاد في البلد. كلما كان المطار متطوراً كلما كان لدينا قدرة أكبر على تطوير اقتصادنا. وعليه، فإنّ الدورة الاقتصادية مرتبطة بشكل أساسي بالمرافق الحيوية وخاصة المرفأ والمطار. الاثنان يعتبران الواجهة العامة للبلد، وخصوصاً المطار الذي يلعب دوراً أساسياً في تنشيط العديد من القطاعات. وفق حسابات ناصر الدين، فإنّ فتح المطار سينعكس على أكثر من 60 نشاطا اقتصاديا ما يُسهم في تحريك العجلة الاقتصادية للحد من البطالة التي باتت تتغلغل في الشارع اللبناني. 40 بالمئة من القوى العاملة المنتجة في لبنان اليوم تعيش حالة بطالة. أكثر من 33 بالمئة لا يحصلون على رواتبهم كاملة، فضلا عن أنّ هناك فقدانا للقدرة الشرائية وتضخما بأكثر من 55 بالمئة. 

 

هل سيُسهم فتح المطار في تحريك العجلة الاقتصادية؟  

 

يُنشّط القطاع السياحي ويحرّك التجارة 

أمام هذا الواقع الصعب الذي يعيشه لبنان، يراهن ناصر الدين على تغير الكثير من الأمور مع فتح المطار الذي من المفترض أن يلعب دوراً إيجابياً يمكن اختصاره بالآتي: 

أولاً: يحرّك فتح المطار القطاع السياحي، فلبنان يتميّز بانتشار أبنائه في الخارج، إذ لدينا ما يقارب الـ10 ملايين لبناني، وحتى العام الفائت كان يدخل الى لبنان حوالى مليون و200 الف شخص، معظمهم من السياحة الداخلية أي لبنانيون. وفي مرحلة من المراحل كان يدخل الى لبنان مليونان و400 الف زائر سنوياً موزعين بين لبنانيين وأجانب. لذلك فإنّ عودة جزء من المغتربين الى لبنان سيشكل دورة مالية واقتصاية مهمة جداً. 

ولدى مقاربة هذه النقطة، يُشدّد ناصر الدين على أنّ قوتنا اليوم هي في عودة الاغتراب اللبناني عبر المطار الذي يُشكّل جسر الرحم الاقتصادي الرابط بين المغتربين ووطنهم. هذا الجسر يحتاج -وفق ناصر الدين- الى إعادة تفعيله بعدما تأثر بأزمة "كورونا"، وبالموازاة طالته شرارات أخطر مرحلة اقتصادية ومالية ونقدية في تاريخ لبنان. برأي المتحدّث فإنّ الاغتراب هو العنصر الأساسي لتحريك الاقتصاد، خصوصاً بعدما صدرت تعاميم تعمل بعكس الطبيعة وقواعد الاقتصاد والنقد. العديد من اللبنانيين عازمون على الرجوع الى بلدهم في الصيف القادم مهما كانت الظروف والنتائج. وفق ناصر الدين، فإنّ اللبناني لا يتخلى عن بلده والرابط الاغترابي مع لبنان كبير جدا رغم الفساد الكبير، وهذا الأمر سيحرك بلا شك مسألة دخول الأموال الى البلد. 

ثانياً: يحرك فتح المطار التجارة ونقل البضائع الى أفريقيا خاصة أن هناك الكثير من الدول الأفريقية لا يصلها الشحن البحري. 

ثالثاً: يشجّع فتح المطار عمل شركات الشحن، ويسهم في ربط لبنان اقتصادياً مع الدول الأخرى.

رابعاً:  يحفّز على القيام بدورة تنشيط اقتصادي تعيد الثقة بإمكانية إيجاد الحلول للأزمة الخانقة. اليوم، قد تكون الحلول مقفلة مع إقفال المطار، ومع فتحه قد نبدأ بالبحث عن بدائل. فتح المطار يرتبط بحسب ناصر الدين بأكثر من 60 نشاطا اقتصاديا، ما يعني حكماً تنشيط هذه القطاعات بدءاً من مكاتب تذاكر السفر، سيارات الأجرة، الفنادق المطاعم، مروراً بالسياحة الاستشفائية، التعليم، وليس انتهاء بشركات الأدوية وغيرها من القطاعات. 

يفسح المجال للحصول على فرص عمل في الخارج

خامساً: فتح المطار قد يفسح المجال للبنانيين للحصول على فرص عمل في الخارج، بعدما فقدوا عملهم في الداخل، اذ إنّ العدد الأكبر من الشباب اللبناني يتواصل مع جهات وشركات خارج لبنان، والحصول على فرص عمل سيؤدي الى إرسال الأموال الى عائلاتهم في لبنان. 

يُنجز شبه دورة اقتصادية داخلية

كم من المفترض أن تضخ عملية فتح المطار عملة صعبة في لبنان؟ يُرجح ناصر الدين أن ينجز فتح المطار شبه دورة اقتصادية داخلية، لكنها ستكون مختلفة خاصة مع فقدان الثقة بالمصارف. المطار سيساهم في هذه الدورة الاقتصادية الجديدة، انطلاقاً من أنه مرفق مهم جداً لكن يجب التنبه -وفق ناصر الدين- إلى أن هناك من يراهن اليوم على إدخال المطار بشكل مباشر وغير مباشر وإخضاعه لقضية "اليونيفيل" وهذا اذا ما حصل سيُطبق الحصار أكثر على لبنان. 

هل من الممكن أن يساهم فتح المطار في خفض سعر صرف الدولار؟ يجيب ناصر الدين على السؤال بالقول "حالياً لا، ولكن علينا أن نرصد بعد فترة الكيفية التي سيتعاطى بها الاغتراب مع لبنان لناحية كميات الأموال المرسلة الى ذويهم، ولكن خفض سعر صرف الدولار بالكامل يحتاج الى وقت"، يختم المتحدّث.

فيروس كورونا

إقرأ المزيد في: خاص العهد

خبر عاجل