خاص العهد
مقاتلون سوريون في قاعدة "التنف" الأمريكية لـ"العهد": هكذا قررنا العودة للوطن
محمد عيد
يروي مقاتلون سوريون سابقون كانوا يعملون في صفوف الجيش الأمريكي بقاعدة التنف الواقعة في مثلث الحدود السورية الأردنية العراقية لموقع "العهد" الإخباري كيف ضاقوا بفكرة الارتهان لإرادة الأمريكي المحتل لأرضهم فبادروا للاتصال بالجيش العربي السوري لكي يؤمن لهم انسحابًا آمنا من القاعدة التي يحتلها الأمريكيون، وعادوا إلى صفوفه مدافعين عن وطنهم بعدما خلعوا عنهم ثوب العمالة.
هكذا اتخذنا القرار
"ثمة طعم مختلف للحياة في ظلال الحرية والوطنية" يقول غنام سمير خضير (أبو حمزة) لموقع "العهد" الإخباري وهو يروي قصة فراره من جحيم الارتهان للأمريكي إلى جنة الوطنية الرحبة التي تتسع للجميع.
يوضح أبو حمزة لـ"العهد" أنه ولأكثر من سنة ونصف كان يعمل في مخيم الركبان بقاعدة التنف المحتلة من الأمريكيين ضمن ما يسمى بـ "مغاوير الثورة" التابعين مباشرة للجيش الأمريكي، خرج خلالها لتنفيذ عمليات استطلاع واعتداء على مواقع الجيش العربي السوري القريبة قبل أن تستيقظ في نفسه ونفوس بقية أفراد مجموعته الرغبة بالتنسيق مع هذا الجيش للعودة مجددًا إلى حضن الوطن. تنسيق استمر لأكثر من خمسة أشهر لتتبلور الخطة المتفق عليها للانسحاب التدريجي الآمن من القاعدة دون أن يلحظه الأمريكيون: "خرجنا مع شبابنا المتواجدين في النقطة العسكرية وفيهم قائد في المخيم وقائد سرية الاستطلاع الذي استطلع طريقنا، وكانت ساعة الصفر في أواخر الليل بحيث يغيب طيران الاستطلاع الأمريكي عن الأجواء".
الاشتباك
يؤكد أبو حمزة وعدد من رفاقه في المجموعة أنه وقبيل وصولهم مع عائلاتهم وأطفالهم إلى مواقع الجيش العربي السوري بحوالي 7- 8 كم سبقتهم المجموعة المستطلعة في الوصول إليه، وكان أمرهم قد افتضح إذ قامت مجموعات تابعة للاحتلال الأمريكي في قاعدة التنف باعتراضهم بعد الوشاية بهم، فلم يكن هناك بد من الصدام مع المعترضين وهكذا كان حيث خاضت هذه المجموعة اشتباكا قويا بمساعدة الجيش السوري، ما أفضى إلى نجاح أبو حمزة ومجموعته في تدمير سيارتين بمن فيهما للمجموعات التابعة للاحتلال الأمريكي في حين خسر هو ورفاقه سيارة لم يتمكنوا من تشغيلها بسبب انشغالهم بتأمين النساء والأطفال ولكنهم في نهاية المطاف وصلوا سالمين غانمين بالوطنية لمواقع الجيش السوري الذي أحسن استقبالهم والاعتناء بهم.
استقبال لافت وترحيب
يتحدث خالد سمير خضير (أبو عمر) وهو قائد سرية استطلاع في "مغاوير الثورة" التابعة للاحتلال الأمريكي في منطقة الـ 55 لموقع "العهد" الإخباري عن الترحيب الذي لقيه هو وعائلته وبقية أفراد المجموعة من قبل عناصر الجيش العربي السوري: "استقبلونا بالترحيب وأحسنوا العناية بنا وسألونا عما نحتاجه وقاموا بتوفيره لنا. أجرينا تسويات أعادت لنا اعتبارنا في وطننا بحيث بتنا نعيش في سلام وطمأنينة والأهم من ذلك في راحة ضمير لم تكن موجودة في السابق".
وحول حياتهم السابقة في قاعدة التنف ومخيم الركبان يؤكد أبو عمر أن حياة المدنيين في المخيم عبارة عن "جحيم" وأن المجموعات المسلحة هناك تسرق أغلب المساعدات التي تقدمها الحكومة السورية ومنظمات الإغاثة الدولية "يحاولون ابتزاز الحكومة السورية التي لا تبخل على مواطنيها هناك". وبالنسبة للمسلحين فإن الوضع يختلف نسبيا كما يؤكد أبو عمر "يعطون رواتب للمسلحين المرتبطين بهم وإغاثة بشكل دوري من أجل شراء الولاء والذمم".
طبيعة العمليات العسكرية
يكشف المقاتل السابق في "مغاوير الثورة" صلاح رشيد الظاهر( أبو عدي) لموقع "العهد" الإخباري أن مهمته السابقة في قاعدة التنف تمثلت في الرصد والتعامل مع أي تدخل من قبل قوات الجيش العربي السوري في منطقة الـ 55 شارحًا آلية الارتباط التي كانت تجمع المجموعات المسلحة في قاعدة التنف بالجنسيات المختلفة لقوات الاحتلال فيما يسمى بالتحالف "المعسكر كان مقسمًا لأكثر من مجموعة، نحن (مغاوير الثورة) تابعون للأمريكيين بشكل مباشر، فضلًا عن مجموعات أخرى تسمى بـ "القوات الرديفة" كان يتم تدريبها على يد قوات الاحتلال البريطاني خارج منطقة الـ 55 وأوكلت إليها مهمة الاعتداء على قوات الجيش العربي السوري ومهاجمة آبار النفط والغاز التابعة للحكومة السورية وكان أشخاص أردنيون وكويتيون وعراقيون يتولون مهمة ترجمة التعليمات الأمريكية والبريطانية إلينا".
تحدث أبو عدي مليًّا عن حالات التضييق على المدنيين في مخيم الركبان لمنع وصولهم إلى مناطق سيطرة الجيش العربي السوري وحرمانهم من أبسط مقومات الحياة. السعادة التي ظهرت على وجوه المقاتلين بعودتهم تنبئ عن ضمير متوثب استيقظ أخيرًا وعاد ليكفر عما بدر منه يومًا "نرغب في العودة للقتال في صفوف الجيش العربي السوري بوجه كل من تخول له نفسه الارتماء في حضن الأجنبي" قالها هؤلاء صراحة لموقع "العهد" فيما شقت عائلاتهم طريقها نحو حياة مطمئنة سعت للقطيعة مع الماضي الذي لا يرغب هؤلاء كثيرًا في استحضاره.