خاص العهد
فواكه وخضار لبنان تَتلف على معبر ناصيب-جابر.. من المسؤول؟
ياسمين مصطفى
منذ أيام فوجئ سائقون ولبنانيون وتجار ومصدرو الفواكه والخضار من لبنان إلى الدول الخليجية بقرار منع الأردن عبور الشاحنات اللبنانية المبردة وشاحنات الخضار في أراضيه كـ"ترانزيت"، بالرغم من إعلان السعودية السماح للبضائع والسائقين اللبنانيين بالوصول إليها شريطة تحصيل تأشيرة دخول.
القرار الأردني تُرجم عبر عودة الشاحنات اللبنانية أدراجها من حيث أتت، فضلًا عن ترك الفواكه والخضار المحملة لساعات على الأرض تحت الشمس ما سارع في إلحاق الضرر بها وتلفها قبل وصولها إلى الوجهة المحددة.
هي ليست المرة الأولى لبروز هكذا مشكلة مع السلطات الأردنية. العام الماضي كابد التجار والمصدرون الأزمة نفسها، لكن مساعيهم عبر التواصل مع وزير الزراعة وقتها حسن اللقيس والسفيرة اللبنانية في عمان ترايسي شمعون أثمرت حلحلة المشكلة، بعدما ادعى المعنيون في الأردن أن خلفية المشكلة أمنية تستدعي التفتيش وإفراغ الحمولة، أما اليوم فالتبرير الأردني أن الإجراء يصب في الحرص على عدم انتشار فيروس كورونا في الأردن. لكن ما تقدم يستدعي السؤال عن مدى منطقية وجود تهديد أمني أو صحي من شاحنات "ترانزيت" لن تحط في الأردن أصلا ولن تكون أراضيه سوى معبر لدول أخرى. وكيف لدول أخرى الاستهتار بأمنها الصحي والسماح بدخول شاحنات ممكن أن تحمل الفيروس، إذ لا يواجه تجار الفواكه والخضار اللبنانيون أية مشكلات أثناء العبور إلى الكويت والبحرين وغيرهما؟
رئيس تجمع المزارعين والفلاحين في البقاع الأستاذ ابراهيم ترشيشي وصف ما يحصل بـ"اللؤم" من قبل السلطات الأردنية، موضحا أن "الاتصالات السياسية كانت توصلت إلى دخول البضائع اللبنانية مباشرة إلى الرياض مرورا بالأردن، وقد وصلنا خبر مفاده مصادقة السلطات الأردنية على الأمر". يوضح تفاصيل الحادثة الأخيرة بإرجاع سائق شاحنة بضائع لبناني لكونه مصابا بفيروس كورونا وفق ادعاء الأردنيين، بعد إجرائهم فحصا له استغرقت نتيجته ساعة واحدة". يستنكر ترشيشي ما حصل مؤكدا أن السائق دخل سوريا بشكل طبيعي وقد عاد إلى لبنان وأجرى فحص كورونا في مستشفى الهراوي في انتظار النتيجة لكشف ادعاءات الأردنيين في حال كانت نتيجته سلبية.
نتائج الإجراءات الأردنية وفق ترشيشي عدا عن إتلاف البضائع وتأخر وصولها إلى وجهتها، هي زيادة تكاليف التجار لنقل البضائع وصولا إلى الحدود الأردنية ومنها إلى حدود الدول العربية مرتين، في حين أن التكلفة واحدة من لبنان مرورا بالأردن ووصولا إلى الرياض. يضيف ترشيشي :" المسألة ليست جديدة، منذ فتح معبر نصيب الحدودي والسلطات الأردنية تضيق على التجار اللبنانيين وكأنها لا ترغب بفتح هذا المعبر أمام الترانزيت، ولذلك يستغلون أي ظرف طارئ لتحقيق أهدافهم".
الخلاف تضمن الكثير من المدّ والجزر. وما قاله ترشيشي أكده لموقعنا رئيس نقابة مصدري ومستوردي الفواكه والخضار في لبنان نعيم خليل. لكن الأخير أضاف أن "ثمة تناقضًا في كلام المسؤولين السعوديين والأردنيين، فالأردن يدعي أن السعودية طلبت منه نقل البضائع المتوجهة إلى الرياض عبر شاحنات أردنية، إلا في حال امتلك السائق إقامة من السلطات السعودية، عندها فقط يكمل طريقه دون اعتراض". ادعاء الأردن ينفيه كتاب وصل خليل الأحد الماضي من السلطات السعودية يفيد بقبول السلطات في الرياض وصول الشاحنات اللبنانية إليها مباشرة بشرط حصول السائق على "فيزا" من السعودية.
الإجراءات الأردنية استدعت من خليل رفع الخلاف إلى مدير الشؤون الاقتصادية في وزارة الخارجية بلال قبلان، ووزير الزراعة عباس مرتضى "ووعداه خيرا"، وبالتوازي طلب رئيس النقابة من كل المصدرين من لبنان التوجه بدلا من البر إلى البحر ريثما تحل الأزمة، بدلا من مراقبة بضائعهم تهدر على الحدود تحت أشعة الشمس الحارقة دون استطاعة فعل شيء.
العام الماضي، وفق خليل، "تدخلت السفيرة اللبنانية في الأردن على خط حلحلة هذه القضية وأثمر ذلك بالتخفيف على التجار والمصدرين اللبنانيين من المضايقات على الحدود، لكن الأمور عادت إلى المربع الأول منذ أيام، حتى السفيرة شمعون لم تستطع حل القضية حتى اليوم، ما يعني أنه لا يحق لأي لبناني مهما كان شأنه الاعتراض على تفريغ البضائع على الحدود مع الأردن". برأي خليل فالقرار بالتضييق أردني وليس سعوديا لأن الرياض كانت واضحة في كتابها وقد أبلغته للمعنيين في لبنان.
على الخط الحكومي، تواصل موقع "العهد" الإخباري مع رئيس لجنة الزراعة في البرلمان اللبناني النائب أيوب حميد للوقوف على موقف اللجنة من الخلاف الحاصل. الأخير أكد لموقعنا أن الأمر كان من ضمن ما تم البحث به في الجلسة الأخيرة للجنة منذ يومين، وقد أطلع الوزير عباس مرتضى عليه رافعا شكاوى تجار ومصدري الفواكه والخضار إلى الدول العربية.
يوضح حميد أن عمل اللجنة يقتصر على رفع توصيات للوزارة المعنية، أي الزراعة، والتي بدورها لا بد أن تقوم بمتابعة المسألة مع السلطات الأردنية لحلحلة الأزمة.
في تشرين من العام 2019 وخلال توقيع وزير الزراعة السابق حسن اللقيس ونظيره الأردني ابراهيم الشحاحدة اتفاقية للتبادل الزراعي أبدى الجانب اللبناني ارتياحه للإجراءات المتخذة لضمان تسهيل عبور الصادرات اللبنانية بالترانزيت عبر الأراضي الأردنية الى دول الخليج، وقد اتفق الجانبان على استمرار التعاون لتسهيل مرور الارساليات الزراعية اللبنانية عبر الأراضي الأردنية إلى جميع الدول المجاورة. ما الذي تغيّر حتى يتحول الاتفاق والتفاهم إلى خلاف؟ ما هي خلفيات الأزمة لدى السلطات الأردنية؟ وكيف سيتعامل لبنان مع الخلاف المستجد؟ أسئلة يهتم المعنيون من مواطنين وتجار بالحصول على إجابة عنها.
موقع "العهد" الإخباري حاول التواصل مع وزير الزراعة للوقوف على موقف لبنان الرسمي مما يحصل والأسباب الموجبة للقرار الأردني الجديد دون الحصول على جواب، كما حاول التواصل مع السفيرة اللبنانية في الأردن تريسي شمعون دون جدوى.