ابناؤك الاشداء

خاص العهد

استرداد الدولة للخلوي: تحدي موازنةُ النفقاتِ والإيرادات وخفضُ الفاتورة
04/06/2020

استرداد الدولة للخلوي: تحدي موازنةُ النفقاتِ والإيرادات وخفضُ الفاتورة

ياسمين مصطفى

بعد أشهر من المراوحة والمماحكات عادت إدارة الخلوي إلى الدولة. صحيح أن لجنة الاتصالات أعلنت غير مرّة بدء الوزارة بعملية "التسلُّم والتسليم"، لكن تتويج الإنجاز كان بسريان القرار الحكومي بالاسترداد - ولو متأخرا - عبر إجراءات تنفيذية وصلت إلى البحث في أسماء أعضاء مجالس الإدارة للشركتين، تمهيدًا لوضع دفتر شروط وإطلاق مناقصة لإدارة وتشغيل القطاع من قبل شركات عالمية.

ما تقدم يثير أسئلة تتعلق بمستقبل القطاع ومرحلة ما بعد الاسترداد وكيفية إدارته. عن هذا المستقبل يوضح رئيس لجنة الإعلام والاتصالات النائب حسين الحاج حسن لموقع "العهد" الإخباري أن "الهدف على المدى البعيد والاستراتيجي وضع رؤية متكاملة للقطاع ككل لإعادة تنظيمه، ترشيقه، وقف مزاريب الهدر والفساد وخفض النفقات"، بالتوازي مع "تجديد المطالبة بلجنة تحقيق برلمانية لمحاسبة من تعاقب على الوزارة على ما مضى من سياسات".

هذه الاستراتيجية ليست حصرا بقطاع الخليوي. وفق الحاج حسن فإنها تشمل الشبكة الثابتة، البريد، الخدمات الإلكترونية. وعن تفاصيلها يوضح أن ذلك يجري بين وزير الاتصالات طلال حواط ولجنة الاتصالات، ويؤكد أنها ستبصر النور قريبا.

اليوم تنكب الوزارة على تحضير دفتر للشروط، يصفه الحاج حسن بـ"الكبير والذي يتم العمل عليه بشكل منهجي وحرفي، جزء منه مأخوذ من دفتر الشروط السابق مع بعض التعديلات ليكون عمليا أكثر".

الوقت المطلوب لإتمام عملية التسلم والتسليم وفق ما أعلن الوزير حواط هي ثلاثة أشهر. يرى البعض هذه المدة طويلة، لكن بالنسبة للحاج حسن فإنها مقبولة، إذ "إننا نتكلم عن مؤسستين تحويان ما يقارب 1700 موظفا وتحوي تعقيدات كثيرة ولذلك فمن الطبيعي أن تأخذ هذا الوقت".

ما خرج إلى العلن بالأمس حول ما جرى من جدال سياسي بشأن تعيين رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة للشركتين، لا يجده الحاج حسن مستغربا "فهذا هو لبنان"، نافيا أن يكون "التعارض بالضرورة بين التوزيع الطائفي لأعضاء المجالس وكفاءتهم، خاصة أن المطروحة أسماؤهم أيا كانوا فإنهم من الفريق الذي كان يدير الشركتين السابقتين ولديهم الاطلاع والخبرة الكافية للاستلام".

الحديث عن مستقبل القطاع لا بد أن يمر بالسؤال عن كيفية الموازنة بين النفقات والإيرادات، وضخ المزيد من الأموال المتأتية عبر هذا القطاع الحيوي في خزينة الدولة. لا ينفي الحاج حسن ما طُرح من تأثير سلبي للأزمات الاقتصادية على إيرادات القطاع في الأشهر الأخيرة الماضية، مشيرا في هذا السياق إلى أن الوزير أبلغ لجنة الاتصالات بالأمس أن النسبة لم تتعدى الـ12%، وهي برأي الحاج حسن مقبولة، وفي حال استمر الانخفاض بطيئا حتى آخر العام فهذا أمر ممتاز".

البحث في تخفيض فاتورة اتصالات المواطن مؤجل لظرف وزمان مناسبين

وبمعزل عن كل ما تقدم، يهم المواطن اللبناني والرأي العام أن يعرف ما إذا كان استرداد الدولة لتشغيل القطاع سيعود بالنفع عليه لجهة تخفيض كلفة الفاتورة والاشتراكات. في هذا الملف لا يحاول الحاج حسن أن يكون "شعبويا"، يجزم أن لا بحث في الحكومة اليوم في تخفيض إيرادات هذا القطاع عبر خفض فواتير الاتصالات على المواطنين لأن الأمر متعلق ببحث تخفيض إيرادات الدولة ككل، لكنه في الوقت نفسه يؤكد تأييده لخفض كلفة الاتصالات على المواطن في الوقت والظرف المناسبين، دون الحاجة للاقتطاع من إيرادات القطاع.

ما حصل من استرداد لتشغيل وإدارة القطاع من قبل الدولة ليس مستداما كما يلتبس على البعض. وفق مستشار لجنة الإعلام والاتصالات الخبير د. علي حمية هو "مؤقت لحين إطلاق مناقصة عالمية لإدارة وتشغيل القطاع من قبل مشغل جديد، في هذه الفترة الانتقالية ما يحسّن من الشروط التي ستضعها الدولة أمام المتقدمين لتشغيله، كما أنه يُبعد أية ضغوط قد تمارسها الشركتين القديمتين على الجُدد".

هذه الفترة الانتقالية يرى فيها حمية فرصة للدولة لرسم استراتيجية وطنية لقطاع الاتصالات في لبنان أي الخليوي، أوجيرو، البريد والشركات الخاصة التي تعنى بمجال التكنولوجيا في لبنان، بما يهدف لتوفير النفقات الرأسمالية والتشغيلية وجلب مستثمرين وخبرات على البلد لزيادة الإيرادات. يسأل حمية عن المانع من توحيد النفقات لكل شركات الاتصالات بما معناه إنشاء بنية تحتية موحدة لها.

لن يكون هناك إمضاء لعقود دون مناقصات بعد اليوم

"الوضع اليوم مختلف"، يجيب حمية لدى سؤاله عن الضمانات لعدم تكرار التجربة الماضية مع ما حملته من هدر وفساد في القطاع مشددا على أن "لا عودة إلى الوراء فلجنة الإعلام والاتصالات مصممة على محاسبة كل من سوّلت له نفسه الإفساد فيه". يترافق ذلك بحسب الخبير مع تفعيل الرقابة بما معناه أن لا يوقع عقدٌ دون مناقصة تجرى على الملأ.

تضع التطورات الحاصلة في قطاع الخلوي الحكومة أمام تحدي إثبات عكس الرأي القائل بأن "الدولة مدير سيئ" وأن "كارثة ستحل بالقطاع بفعل استردادها لإدارته"، التطلعات التي ترسمها وزارة الاتصالات ولجنة الاتصالات لمستقبل القطاع الاستراتيجي جديرة بالاهتمام لكن العبرة تبقى في التنفيذ، والأيام شواهد.

إقرأ المزيد في: خاص العهد