نصر من الله

خاص العهد

استبدال الحريري وارد: التطورات الخارجية لا تسمح بـ
08/12/2018

استبدال الحريري وارد: التطورات الخارجية لا تسمح بـ"الدلع" داخلياً

حمزة الخنسا

لا زال الجمود يستحكم بالملف الحكومي. الرئيس المكلّف يدير الأمر بكثير من التعنّت، متخذاً من مواقفه الرافضة لتوزير أحد النواب المستقلين متراساً، أضاف إليه في الآونة الأخيرة متراس رفض صيغة للحل متمثلة بزيادة عدد وزراء الحكومة الجديدة من 30 وزيراً إلى 32.

بعد حديث عن حلحلة ما قد يشهدها الملف الحكومي العالق منذ نحو سبعة أشهر، عادت الأجواء المشحونة لتسيطر. الرئيس ميشال عون دخل على الخطّ بقوة، ملوّحاً بـ"وضع الأمر في عهدة مجلس النواب ليبنى على الشيء مقتضاه"، في حال "استمر تعثر تشكيل هذه الحكومة"، من باب أن "حق تسمية دولة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة منحه الدستور إلى النواب".

الثغرة التي أحدثها الرئيس عون بموقفه هذا، أحدثت دائرة ارتدادات، بدأت من إبداء الحريري تفهّمه لـ"الحق الدستوري لفخامة رئيس الجمهورية بتوجيه رسالة الى المجلس النيابي، فهذا صلاحية لا ينازعه عليها أحد، ولا يصح أن تكون موضع جدل أو نقاش". مصادر رفيعة مقرّبة من الحريري، عمّمت موقفاً قالت فيه إن الرئيس المكلّف "لن يتخلى عن تمسّكه بقواعد التسوية السياسية التي انطلقت مع انتخاب فخامة الرئيس"، مشدّداً على أن "نجاح العهد هو نجاح لكل اللبنانيين وحماية هذا النجاح تكون أولاً وأخيراً بتأليف حكومة قادرة على جبه المخاطر والتحديات".

"نجاح العهد" هو الهدف الأول الذي ينطلق منه الرئيس عون في قراءته للتطورات الجارية على الصعيد الحكومي. وفي هذا السياق، تقول مصادر معنية بالملف إن تأخير تشكيل الحكومة، مضافاً إلى سلسلة من الأزمات التي يواجهها البلد، ليست بريئة لناحية استهداف عهد الرئيس ميشال عون. تقرأ المصادر حادثة الجاهلية الأخيرة من هذه الزاوية أيضاً. تقول إن الرئيس عون لم يكن في صورة أحداث الجاهلية، ولا في ضوء التحضيرات التي كان يجريها الرئيس الحريري والنائب وليد جنبلاط بالتنسيق مع بعض الأجهزة الأمنية والقضائية، إلا أن كل ذلك "يأكل من صورة العهد الجديد ويؤخر انطلاقته، ويعيق تحقيقه لأهدافه".

تضع المصادر "الصورة الحكومية" التي قد تنتج عن أحداث الجاهلية، في إطار الاتصالات المفتوحة بين الأفرقاء السياسيين منذ الأسبوع الماضي. إذ ترى أن حلّ عقدة النواب المستقلين بات حاجة ملحّة. فالتطورات الإقليمية والظروف المحيطة بلبنان، تقول إنه من الضروري وجود حكومة متجانسة ومتوافق عليها لإرساء استقرار سياسي واقتصادي واجتماعي، لوضع آليات مناسبة للتصرّف مع مقتضيات المرحلة.

الحديث عن تكليف شخصية غير الحريري لتشكيل الحكومة، تضعه مصادر مواكبة للملف الحكومي، في الإطار "الجدّي والمتوقّع في حال استمر الحريري يؤدي بلا مسؤولية". تقول هذه المصادر إن الحريري يريد أن يعطي انطباعاً للأطراف العاملة على الخط الحكومي بأنه "عايز مستغني"، وبالتالي فهو "يدير الطرشة إلى الآن لكل المطالب والمقترحات، وفي باله ان الأطراف جميعها لن تستغني عنه لأنه يمثّل نقطة التقاء مصالح دولية – إقليمية".

في هذا السياق، تقدّم المصادر قراءة مختلفة، تقول إن الحريري يصرّ على ألا يأخذها في الحسبان، وهذا ما يجعله يخسر رهاناته دائماً، تماماً كما حصل أخيراً في الجاهلية.

أضلاع المعادلة الدولية الإقليمية التي يستند إليها الرئيس المكلّف، تواجه اليوم وضعاً مغايراً لما كانت عليه يوم تمّت التسوية السياسية التي أتت بعون إلى بعبدا، والحريري إلى السراي الحكومية.

تقول المصادر إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بعد مقتل جمال الخاشقجي، لم يعد كما كان قبله. يواجه الرجُل اليوم أزمة متشعّبة. يشكّل الصراع على العرش القائم بين الأمراء وأبناء الملوك السعوديين أحد أوجهها، فيما يمثّل شكل العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية، بعد جريمة خاشقجي، وجهها الثاني والمهم.

أميركياً، يواجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ازمة داخلية عاصفة مع الكونغرس ووسائل الإعلام الكبرى في البلاد، على خلفية دعمه المتواصل لولي العهد السعودي.

أوروبياً، لعب الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون، دوراً مؤثراً في تخليص سعد الحريري من براثن ابن سلمان العام الماضي. وشكّلت فرنسا مذّاك، بما تملكه من علاقات وحضور مع لبنان واللبنانيين، رافعة قوية للرئيس سعد الحريري داخلياً وخارجياً. اليوم، يعيش ماكرون أسوأ أيامه في الشانزليزيه، محاطاً بـ90 ألف شرطي بمدرّعاتهم وآلياتهم وأسلحتهم، لمواجهة موجة جديدة من المظاهرات الناقمة بسبب سياساته الاقتصادية.

ثلاث جهات أساسية مرتبطة بشكل مباشر بالمعادلة السياسية الإقليمية - الداخلية، أضف إليها العامل "الإسرائيلي" كمؤثر ثابت، جميعها جهات مأزومة تبحث عن "تنفيسة" لها، قد تكون الساحة اللبنانية مكانها المناسب.

من هذه القراءة، تنطلق المصادر لتقول إن الوضع الدولي - الإقليمي من الجدية بما لا يسمح لـ"دلع كبير" داخلياً. وعليه، إن خيار الحريري قد لا يبقى مطروحاً على الطاولة إلى ما لا نهاية، خصوصاً إذا لم يطوّر الرجُل من أدائه. تلفت المصادر إلى أن هذا الكلام بدأ يتم التداول به على مستوى واسع داخل فريق 8 آذار وأصدقائه وحلفائه. وتكشف عن رسالة حملها أحد سياسيي الصفّ الأول لأحد الأقطاب، قبل حادثة الجاهلية بأيام. تقول الرسالة إن هناك خشية من أن يؤدي الضغط المتزايد على الحريري في ملف النواب المستقلين، إلى تنازله عن مهمة تشكيل الحكومة، فأتى جواب القطب مختصراً وواضحاً: "فليفعل ما يراه مناسباً له".

إقرأ المزيد في: خاص العهد