معركة أولي البأس

خاص العهد

هل يعود اللبنانيون لعصر
22/05/2020

هل يعود اللبنانيون لعصر "الشمعة"؟

ياسمين مصطفى

مع تجاوز درجات الحرارة الـ35 درجة مئوية، لم يكن ينقص اللبنانيين سوى تقنين حاد في التغذية الكهربائية ، ليضاف إلى جملة أزمات نقدية واقتصادية وصحية. جديد أزمة الكهرباء وفق مؤسسة كهرباء لبنان هو "تعذر تفريغ حمولة لباخرتي الغاز أويل والفيول أويل الراسيتين قبالة الشاطئ اللبناني على الرغم من فتح الاعتمادات المستندية اللازمة، وذلك بسبب التأخر في رفع الحجز المالي Financial hold من قبل المصارف الأجنبية التي يعتمدها المورد، الأمر الذي أدى الى انخفاض مخزون هاتين المادتين إلى الحدود الدنيا بحيث أشرف على النفاد". هذا التأخير اضطر شركة كهرباء لبنان لزيادة ساعات التقنين بما لديها من المازوت حتى وصلت إلى عشرين ساعة انقطاع للتيار في بعض المناطق. هذا الأمر زاد الضغط على أصحاب المولدات لتأمين التيار الكهربائي للزبائن، لكن ارتفاع سعر المازوت في السوق السوداء دفعهم لرفع الصوت، محذرين من موجة إقفال واسعة الشهر المقبل نتيجة الخسائر اللاحقة بهم، فما هو مصير التيار الكهربائي في القادم من أيام الحرّ؟

ممثل موزعي المحروقات ومستشار نقابة المحطات  فادي أبو شقرا يوضح في حديثه لموقع "العهد" الإخباري أن المازوت مؤمّن لأصحاب المولدات في كافة المناطق من قبل الدولة اللبنانية ممثلة بوزارة الطاقة ومنشآت النفط خاصة منشأة الزهراني، لكنه لا يخفي أن ثمة شحًا في الكميات سببه أولا عزوف الشركات الأجنبية عن تسليم الدولة الفيول حتى دفع ثمنه، وثانيا ارتفاع الطلب على المازوت مقابل انخفاض العرض، مع تهافت المواطن على تخزينه للشتاء القادم.

وفق أبو شقرا، الأزمة تتجه إلى الحل بعد أيام عيد الفطر السعيد، السبب وعدٌ تلقاه المعنيون من وزير الطاقة ريمون غجر ومدير عام منشآت نفط الزهراني زياد الزين بالعمل على الأخذ بعين الاعتبار في الحلول المفترضة الإشكاليات التي أثارها الموزعون وأصحاب المحطات وأصحاب المولدات، إضافة إلى معالجة مسألة التهريب إلى سوريا وعودة التوزيع إلى طبيعته بعد الانخفاض الملحوظ خلال أيام الإغلاق تبعا لتوقف بعض الشركات عن التسليم.

يطالب أبو شقرا المواطنين بـ"طول بال" على الدولة وأصحاب المولدات، معتبرا أن الحفاظ على ديمومة عمل المولدات أهم من تخزين المازوت الرخيص لمؤونة الدفء في الشتاء المقبل، لكن السؤال عن مدى قدرة اللبنانيين على تحمّل المزيد من تبعات الأزمات الخانقة؟

صاحب إحدى المولدات في الضاحية الجنوبية يشكو عبر موقعنا من عزوف الموزعين ومحطات البنزين عن تزويدهم بالكافي من المازوت نظرا للشح الحاصل، فضلا عن ارتفاع سعره عن السعر الرسمي. برأيه أن الموزع مجبر على رفع التسعيرة حتى لا يترتب عليه خسائر بفعل ارتفاع سعر صرف الدولار. ويقول:" المسألة كلها باتت خسارة بخسارة، ففي حين أن السعر المعلن في جدول أسعار المحروقات الصادر عن وزارة الطاقة لتنكة المازوت هو 8700 ليرة، إلا أننا لشح المادة في منشآت الدولة نضطر لشرائها من السوق السوداء بـ 13000 ليرة، بزيادة 4000 ليرة، هي خسارة ما عدنا قادرين على تحملها".

يشير صاحب المولدات إلى مشكل آخر يرتبط بارتفاع سعر صرف الدولار وإلزام الدولة هؤلاء بالدفع بالدولار بنسبة 10% من سعر المازوت، ويقول: "كل ما له علاقة بصيانة المولدات أصبح اليوم بالدولار وفق سعر الصرف في السوق السوداء. "غالون" الزيت الذي اشتريته العام الماضي للمولدات بسعر 47$ وفق سعر الصرف الرسمي أي 1507 ليرة أصبح اليوم مع ارتفاع سعر صرف الدولار إلى 4000 بـ200 ألف ليرة. ما يزيد الطين بلة أن شركات تصنيع وبيع المولدات أصبحت تزيد أسعارها إضافة للتعامل بسعر الصرف في السوق السوداء، بعض البضائع ارتفعت أسعارها إلى 20%، هي كلها مخاطرة يتحملها أصحاب المولدات فلماذا نستمر في العمل في هذه الظروف"!

الأزمة الراهنة وضعت أصحاب المولدات بين خيارين أحلاهما مرّ، فإما التقنين القاسي على الزبائن وإما إطفاء مولداتهم. وفي حال لم تقدم الدولة حلا سريعا فإن التوجه لدى مالكي مولدات الضاحية الجنوبية على سبيل المثال ومثلها الكثير من المناطق هو التقنين والإقفال.

عضو تجمع أصحاب المولدات في لبنان علي رحال  يوضح لموقعنا خلاصة اجتماع بين وزير الطاقة ريمون غجر ورئيس تجمع المولدات عبدو سعادة. الأخير أخذ وعدا من الوزير بالأخذ بعين الاعتبار تعديل تسعيرة الكيلوواط من الكهرباء لتناسب كل الأطراف المعنية.

يستبعد رحال تحرك الدولة على خط تغيير التسعيرة الثابتة للاشتراك بالمولدات الخاصة وقيمتها 15 ألف ليرة. الواقعية بنظره تقتضي إدراك صعوبة الأمر، فهو يحتاج لتعديل القانون وقد يأخذ هذا الأمر أشهرا طويلة. اما ما يطالب به أصحاب المولدات بحسب رحال فهو رفع تسعيرة الكيلوواط، نظرا لارتفاع التكلفة على أصحاب المولدات وارتفاع سعر صرف الدولار. هذه الزيادة المفترضة برأي رحال لا تحمّل المواطن كلفة إضافية، فمن لا يمتلك القدرة على دفع فاتورة أكبر لاستهلاك الكهرباء من المولدات الخاصة سيعمد إلى التقشف وحصر استهلاكه بالضروري، الأمر الذي يريح أصحاب المولدات ويخفف ضغط الطلب المتزايد عليهم".

إذا تبقى الأزمة مفتوحة على كل الاحتمالات، معلَّقة بوعد الوزير غجر بالنظر بمطالب أصحاب المولدات ولحاظها في الحل المفترض أن يبصر النور وفق وعود الوزير للمعنيين بعد عيد الفطر السعيد، لكن العبرة تبقى في التنفيذ.

الكهرباءالمازوت

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة