معركة أولي البأس

خاص العهد

أغذية أساسية مفقودة في السوق.. وشركات الاستيراد تعزف عن توزيع البضائع
29/04/2020

أغذية أساسية مفقودة في السوق.. وشركات الاستيراد تعزف عن توزيع البضائع

ياسمين مصطفى

مع تخطي سعر صرف الدولار عتبة الـ4000، باتت معظم الاستهلاكيات في مختلف المناطق اللبنانية تغص بالزبائن. همّ هؤلاء الوحيد تخزين المواد الغذائية والاستهلاكية قدر الإمكان خوفا من مزيد من ارتفاع أسعارها الجنوني. وفي المقابل يرتفع عدد السوبرماركات المغلقة والتي صرفت موظفيها بفعل فقدانها القدرة على شراء البضائع من كبار التجار. فضلًا عن اتهامات الى بعض أصحاب السوبرماركت باغلاق أبوابها للحفاظ على السلع لديها ريثما تتمكن من رفع أسعارها أكثر.

هذا الواقع استدعى تواصل موقع "العهد" الإخباري مع عدد من أصحاب التعاونيات، ومع نقيب مستوردي المواد الغذائية في لبنان هاني بحصلي، ونقيب الصناعات الغذائية أحمد حطيط للوقوف عند حقيقة الأمر.

التعاونية الوطنية: السوق يشهد فقدانا لـ30% من السلع الأساسية

مدير الصالة في التعاونية الوطنية في منطقة حارة حريك دياب حمدان يؤكد أن 30% من السلع الأساسية المستوردة باتت مفقودة اليوم في الأسواق، فضلًا عن ارتفاع أسعار الموجود منها بنسبة 60% مثل الحليب، الزيوت، السكر، الملح، الأرز وغيرها.

السبب وفق ما يوضح لموقعنا هو عزوف كبار المستوردين والتجار عن توزيع بضائعهم على التعاونيات وفق سعر صرف الدولار، الذي أصبح "بورصة" يتغير يوميًا بحيث إن سعر السلعة التي نشتريها في مطلع الأسبوع أقل بكثير من سعرها آخر الأسبوع، الأمر الذي يرتب علينا كأصحاب تعاونيات أيضًا خسائر كبيرة.

يحذر حمدان من أن الآتي أسوأ بفعل دخول لبنان في "جحيم لعبة سعر صرف الدولار" بحسب قوله، مشيرًا إلى أن مكمن الخوف لدى أصحاب التعاونيات هو من فارق الأسعار للمبيع بين يوم وآخر. وحول تقنين بيع الأغذية للزبائن، يؤكد حمدان أنها سياسة تعتمدها التعاونية الوطنية منذ مدة لأن الهلع أصاب المواطنين، ومع كون التعاونية تخزن البضائع لمدة أسبوع فقط لعدم وجود العملة الصعبة بوفرة لديها، وفي ظل اشتراط المستوردين قبض ثمن البضائع cash وبالدولار، ارتفع منسوب الخوف من نفاد الكميات الموجودة في مخازن التعاونية.

وحول واقع إغلاق العديد من الاستهلاكيات أبوابها في ظل الأزمة، يلفت حمدان إلى أن "المشكلة لدينا هي في عدم القدرة على وقف شراء السلع المستوردة التي ارتفع ثمنها، لدينا مؤسسة فيها الكثير من العاملين ولا يمكننا إغلاقها، ولا بد من "المشي ع العكيزة" والعمل "كل يوم بيومو" على أمل أن تُفرج الأزمة.

أغذية أساسية مفقودة في السوق.. وشركات الاستيراد تعزف عن توزيع البضائع

شركات الاستيراد تعزف عن توزيع البضائع على التجار حتى تثبيت سعر الصرف

مدير صالة إحدى الاستهلاكيات الكبرى في بيروت، الذي رفض الكشف عن اسمه وهوية المؤسسة التي يعمل فيها، أكد لموقعنا أن البضائع موجودة في الأسواق ولدى شركات الاستيراد، لكن قفز سعر صرف الدولار ألف ليرة في يوم واحد دفع هذه الشركات إلى الكف عن التوزيع إلى حين تثبيت سعر صرف الدولار، برأيه هي محقة في سياستها لأنها تتكبد هي الأخرى خسائر كبيرة.

يوضح مدير الصالة أن "شركات الاستيراد تطلب منا كتعاونيات الدفع بالدولار فورًا مقابل البضائع، والمعروف أن لا دولار في السوق وإن وُجد فهو بسعر صرف خيالي يرتفع يوميا. كل البضائع المستوردة حديثا يرتفع سعرها اليوم بحدود 35% يوميا، لذلك فما نشتريه اليوم يقتصر على الضروري والأساسي جدا، وهو السبب المباشر في اختفاء السلع من الاستهلاكيات بنسبة 50%".

ويحذر من أن معظم الاستهلاكيات بدأت تفرغ مخازنها من البضائع، وتملؤها على مدة أيام أو أسبوع بالحد الأقصى، في حين كان الأمر مغايرًا قبل الأزمات إذ كانت تشتري البضائع من المستوردين وتملأ مخازنها بكميات تكفي شهرًا أو اثنين".

أغذية أساسية مفقودة في السوق.. وشركات الاستيراد تعزف عن توزيع البضائع

30% من السلع الأساسية المستوردة باتت مفقودة اليوم في الأسواق،

نقيب مستوردي الأغذية: المطلوب من الدولة والمصرف المركزي ثلاثة أمور لحلحلة الأزمة

ما أوضحته لموقعنا عدة جهات في التعاونيات، أكده نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي. وفي معرض حديثه لـ"العهد" أسف للّغط الحاصل اليوم حول ارتفاع أسعار السلع المستوردة والمصنعة محليا على حد سواء، مؤكدا أن سعرها بالدولار لا يزال نفسه لكن ما ارتفع هو سعر الصرف ولذلك فارتفاع الأسعار هو نتيجة حتمية ومباشرة لسعر صرف الدولار.

يدفع بحصلي عن الشركات المستوردة تهم "الاحتكار" و"الجشع"، مشددًا على أن فارق سعر صرف الدولار من يوم لآخر يفقد هؤلاء شيئا فشيئا رأس مالهم. الحديث وفق قوله ليس عن الأرباح والخسائر وإنما عن تآكل رؤوس أموال المستوردين، حتى باتت المبالغ التي كانت بالأمس تشتري كمية محددة من صنف مستورد، لا تكفي غدا - بفعل تحليق سعر الصرف - لشراء نصف الكمية المستوردة.

ولدى سؤاله عن حقيقة فقدان السلع الغذائية الأساسية من الأسواق يؤكد أن التضخم المالي الحاصل كبير جدا، والسبب في فقدان الأغذية هو تغير سعر الصرف وليس نفاد الكميات، ومن الطبيعي أن يخاف كل مستورد للبضائع على رأس ماله المتآكل.

أغذية أساسية مفقودة في السوق.. وشركات الاستيراد تعزف عن توزيع البضائع

نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي

الصناعة الوطنية صناعة تحويلية وارتفاع أسعار منتجاتها طبيعي في ظل الأزمة

وعن سبب ارتفاع أسعار السلع المصنعة محليا يجيب بحصلي: "الصناعة الوطنية ليست أفضل حالًا لأنها صناعة تحويلية، أغلب السلع المصنعة محليا يتم استيراد المواد الأولية التي تدخل في تصنيعها وكذلك المعدات والآلات التي تصنعها، لذلك فارتفاع الأسعار يطال السلع المصنعة محليا تماما كما السلع المستوردة".

يؤكد النقيب أن الوضع اليوم لا يحتمل وضع خطط استراتيجية، محذرا من تداعيات استمراره على مستوردي المواد الغذائية، في حين أن المطلوب اليوم من الدولة اللبنانية ممثلة برئاسة الوزراء ووزارة المالية وحاكمية مصرف لبنان ليس خططا استراتيجية وإنما ثلاثة إجراءات ملحّة وآنيّة:

- أولاً بسط الأمن على الأرض وتأمين حماية للاستهلاكيات في ظل الضخ الإعلامي الكبير ضد أصحابها، والحد من حملات التشهير ضد التجار من قبيل الحديث عن احتكارات وجشع لدى هذه الفئة، خاصة أن هذا القطاع هو الوحيد الذي لا يزال يدفع مستحقات موظفيه، حسب قوله.

-  ثانيا تثبيت سعر الصرف وهذا المطلب ليس من مسؤولية المصارف بحسب النقيب وإنما المصرف المركزي، ليس بالضرورة وفق قوله على سعر الـ1500 وإنما تثبيته على أي سعر يساهم في التخفيف من حدة الأزمة.

- ثالثا تأمين العملة الصعبة لكبار المستوردين للمواد الغذائية ليتمكنوا من تسيير عجلة الاستيراد وتأمين حاجات الأسواق المالية.

نقابة الصناعات الغذائية: لتثبيت سعر الصرف ودعم الدولة للصناعات الغذائية

ما يشير إليه النقيب بحصلي لجهة كون لبنان بلدا مدولرا وقائما على الاستيراد، يؤكده رئيس نقابة الصناعات الغذائية أحمد حطيط. ويشير الى أن لبنان يستورد حتى المواد الأولية التي تحتاجها الصناعات المحلية، موضحا أنه لا بد للحل في الأساس ووقف تحليق سعر صرف الدولار والشروع بخفضه أولا، ثم إيجاد تسهيلات للصناعيين مثل اعتبار ودائعهم المحجوزة في المصارف أموالا جديدة أي fresh money وصرفها لهم ليتمكنوا من الاستيراد بشكل طبيعي.

كما يطالب حطيط الدولة بدعم الصناعة الغذائية كما تدعم استيراد القمح والمحروقات والدواء، وفي هذا خفض كبير لأسعار السلع المعتمدة في تصنيعها على المواد الأولية من الخارج.

الدولارالليرة اللبنانيةالمصارف

إقرأ المزيد في: خاص العهد

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة
"بريكس" والشرق الأوسط والنظام العالمي الجديد
"بريكس" والشرق الأوسط والنظام العالمي الجديد
هل أوشك العالم على التحرر من هيمنة الدولار؟!
هل أوشك العالم على التحرر من هيمنة الدولار؟!
لافروف: موسكو وبكين توقفتا بشكل شبه كامل عن استخدام الدولار في تجارتهما المتبادلة
لافروف: موسكو وبكين توقفتا بشكل شبه كامل عن استخدام الدولار في تجارتهما المتبادلة
غرب آسيا والحيثية الدولية للولايات المتحدة الأميركية
غرب آسيا والحيثية الدولية للولايات المتحدة الأميركية
خسائر غير مسبوقة بمليارات الدولارات نتيجة استدعاء الاحتياط منذ بدء العدوان على غزة
خسائر غير مسبوقة بمليارات الدولارات نتيجة استدعاء الاحتياط منذ بدء العدوان على غزة
بـ60 صاروخ كاتيوشا.. المقاومة الإسلامية تستهدف مقر قيادة ‏فرقة الجولان في "نفح" ردًا على العدوان ‏الصهيوني على محيط بعلبك
بـ60 صاروخ كاتيوشا.. المقاومة الإسلامية تستهدف مقر قيادة ‏فرقة الجولان في "نفح" ردًا على العدوان ‏الصهيوني على محيط بعلبك
العدوّ يتجاوز قواعد المعركة ويستهدف الغازية.. وأميركا تواصل حماية "إسرائيل"
العدوّ يتجاوز قواعد المعركة ويستهدف الغازية.. وأميركا تواصل حماية "إسرائيل"
أزمة تحويل الليرات في ظل غياب الخطة الشاملة
أزمة تحويل الليرات في ظل غياب الخطة الشاملة
برّي استغرب تحذيرات السفارات.. ورواتب القطاع العام بالليرة
برّي استغرب تحذيرات السفارات.. ورواتب القطاع العام بالليرة
كتاب مفتوح إلى الدكتور وسيم منصوري
كتاب مفتوح إلى الدكتور وسيم منصوري
هل تُنصف تعاميم مصرف لبنان الجديدة المودعين؟ 
هل تُنصف تعاميم مصرف لبنان الجديدة المودعين؟ 
ما مستقبل الدولار؟
ما مستقبل الدولار؟
قروض "الإسكان" عائدة.. وهذه الآلية للحصول عليها
قروض "الإسكان" عائدة.. وهذه الآلية للحصول عليها
اعتصام أمام فرع فرنسبنك في بعلبك رفضًا لقرار إقفاله
اعتصام أمام فرع فرنسبنك في بعلبك رفضًا لقرار إقفاله
اميركا تسقط في وصفاتها الاقتصادية.. الكارثة قادمة‎‎
اميركا تسقط في وصفاتها الاقتصادية.. الكارثة قادمة‎‎

خبر عاجل